سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 29 يوليو 1832.. إبراهيم باشا يهزم الجيش العثمانى فى «بيلان» وقائده «حسين باشا» يعيش بقية أيامه نكرة فى قرية على البحر الأسود

السبت، 29 يوليو 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 29 يوليو 1832.. إبراهيم باشا يهزم الجيش العثمانى فى «بيلان» وقائده «حسين باشا» يعيش بقية أيامه نكرة فى قرية على البحر الأسود إبراهيم باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استعدت قوات الجيش العثمانى، لموجهة نظيرتها المصرية بقيادة إبراهيم باشا، فى مسلسل الحروب بينهما، والتى بدأها محمد على باشا، لإخضاع الشام إلى نفوذه، كان الجيش العثمانى مؤلفا من نحو 45 ألف مقاتل، من جميع الأسلحة، و160 مدفعا بقيادة حسين باشا، وكان يرابط فى مواقع منيعة، واتخذ مواقعه على قمم جبال بيلان، حسبما يؤكد عبدالرحمن زكى، فى كتابه «التاريخ الحربى لعصر محمد على الكبير»، مضيفا أن الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا كان فى المواجهة، و«يعسكر فى السهل المنبسط تحت مضيق بيلان، واتخذ المشاة مواقعهم فى الصفوف الأمامية، وخلفهم الخيالة والمدفعية فى الوسط، وخلف هذه الصفوف مهمات الجيش وعتاده».
 
يذكر «زكى»، أن آخر انتصارات إبراهيم باشا فى الشام على الأتراك العثمانيين كانت فى حمص، يقول: «فى تاسع يوليو 1832 دخل حمص على رأس شجعانه، وقصد بهم إلى حلب فبلغ حماة فى عاشره»، يضيف، أن السوريين بغضوا الحكم التركى العثمانى قائلا، إنه بعد هزيمة حمص ارتد القائد التركى حسين باشا إلى حلب ليتخذها قاعدة حربية، و«طلب من أعيانها أن يمدوه بالمؤونة والرجال، ولكن كان أهلها بغضوا الحكم التركى، فأبوا أن يدخل أحد من جنودهم إلى مدينتهم، ولم يسمحوا إلا للجنود والمرضى بالدخول ثم أغلقوا أبوابها».
 
يضيف «زكى»: «احتفظ حسين باشا بالهدوء، وقال مداعبا للذين حوله: «إن جوادى لا أستطيع إرغامه على شرب الماء، فقد صمم على أن يرتوى من ماء النيل»، وكان ذلك تعبيرا عن الصلف والغرور التركى بالرغم من هزائمهم التى ينزلها بهم إبراهيم، كما حدث يوم 29 يوليو «مثل هذا اليوم 1832» فى بيلان، وهى، حسب عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على»: «تقع جنوبى الإسكندرونة وشمالى المضيق والجبل المعروفين باسمهما، ويصل إليها طريقان، طريق من كليس، وطريق من أنطاكية، ويقترب الطريقان فى سفح الجبل بحيث يفصل بينهما نحو ثلاثة آلاف متر، ثم يلتقيان فى المضيق جنوبى بيلان، فيصبحان طريقا واحدا يصل إلى المدينة».
 
فى 28 يوليو 1832 وصل إبراهيم قبالة «أنطاكية»، ووفقا لـ«زكى»: «اقترب من مضيق بيلان، وهو ممر اجتازه جمع من قادة العالم العسكريين لفتح الشرق من مصريين وآشوريين وفرس وإغريق ورومان وعرب وفرنج وترك وسواهم»، ويؤكد «زكى» أن الجيش التركى المؤلف من 45 ألف مقاتل احتشد فى مواقع منيعة على قمم جبال بيلان استعدادا لمواجهة الجيش المصرى، الذى كان فى السهل المنبسط تحت مضيق بيلان.
 
 يضيف «زكى»: «استعرض إبراهيم باشا مواقع الترك على الجبل، فوجدها منيعة، يصعب على قواته أن تنال منها فوزا، وفى مساء 28 يوليو جمع مجلسا من ضباطه لوضع قرارهم النهائى فى الخطة التى ستنفذ، فرأى بعضهم تأجيل الهجوم على المضيق إلى بعد غد، ورأى الآخرون القيام بهجوم غدا ليحرموا العدو من تعزيز مراكزه أو وصول إمدادات إليه من إسكندرونة، ومن محاسن الصدف، أن يقع المستشار الفنى الفرنسى لحسين باشا فى قبضة إبراهيم، وينتهى قرار المجلس إلى الأخذ بخطة الهجوم فى اليوم التالى «صباح 29 يوليو»، والقيام بحركة التفاف حول ميسرة الترك من الجنب، تمهيدا للإحاطة بها، ثم احتلال بعض المرتفعات المتسلطة على القلب، ويجعل مشاة الأتراك هدفا لنيران المدافع المصرية، وفى الوقت نفسه يرسل جزءا من قواته للإحاطة بميمنة الأتراك».
 
نفذ إبراهيم باشا خطته الحربية ببراعة، ويؤكد «زكى»: «تشتتت وحدات العدو فى الجبال، وباستيلاء المصريين على مواقع الأتراك انتهت المعركة بهزيمة تامة، بعد قتال عنيف دام نحو ثلاث ساعات، قتل فيه 2500 تركى وجرح وأسر منهم نحو ألفان، وغنم المصريون حوالى 25 مدفعا وكثيرا من الذخيرة والعتاد، ولم تتجاوز خسائر المصريين 20 قتيلا».
 
يذكر «جيلبرت سينويه»، فى كتابه «الفرعون الأخير - محمد على» ترجمة عبدالسلام المودنى، مصير حسين باشا الذى وعد من قبل «أن يشرب جواده من النيل»، قائلا: «يقال إنه وصل إلى قرية صغيرة تقع على البحر الأسود تسمى «بيثينيا» حيث أمضى بقية أيامه كنكرة يعيش بين أناس مجهولين».
 
يؤكد «زكى»: «فاز إبراهيم بالنصر لأن تنفيذه للخطة كان دقيقا ورائعا، وكان نشاطه فى المعركة التى قام بأظهر دور فيها باديا فى كل حركة من حركات الجند والضباط»، ويضيف: «قضى الجيش المصرى ليلة 29 يوليو فى مواقع الأتراك، وفى 30 يوليو احتل إبراهيم باشا بيلان، وسلكت الخيالة طريق إسكندرونة بقيادة عباس باشا حلمى، واحتل إبراهيم ميناء إسكندرونة، واندفعت الخيالة إلى باياس وأسرت نحو 1400 تركى، وسلمت له أنطاكية واللاذقية والسويدية».
يذكر «سينويه»: «منذ هذه اللحظة سيفتح فصل جديد حيث عالمان، أحدهما قديم والآخر حديث.. حيث الإمبراطورية المحتضرة ومصر الناشئة، ويصلان معا إلى نقطة اللاعودة».
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة