أثار توجيه اتهامات إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الجدل الشديد فى الولايات المتحدة، على اعتبار أنها المرة الأولى التي يواجه فيها رئيس سابق للبلاد اتهامات فى قضية جنائية.
وكان المدعى العام لمقاطعة مانهاتن بنويويرك قد وجه قائمة من الاتهامات للرئيس السابق، والتي لم يتم الكشف عنها بعد، لكنها تتعلق بمزاعم دفع أموال للمثلة ستورمى دانيالز عن طريق محاميه الشخصى السابق مايكل كوهين، مقابل التزامها الصمت بشأن علاقة جمعت بينهما، وذلك فى عام 2016 قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها ترامب.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إنه رغم أن ترامب أول رئيس سابق يواجه اتهامات فى الولايات المتحدة، إلا ان العديد من دول العالم وجه القضاء فيها اتهامات لرؤساء سابقين، حتى فى الدول الديمقراطية.
فخلال الـ 15 عاما الماضية، تمت محاكمة كل من نيكولا ساركوزى وجاك شيراك فى فرنسا، وبارك جين هى ولى ميونج باك فى كوريا الجتوبية وسيلفيو برلسكونى فى إبطاليا، بتهم الفساد، وتبين أنهم مذنبون.
وتشمل قائمة القادة الذين واجهوا اتهامات جنائية قادة منتخبين فى كل من الأرجنتين والبرازيل وبيرو وجنوب أفريقيا وتايوان.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ستيف ليفيتسكى، أستاذ الحكم فى هارفارد والذى كتب عن عشرات من عمليات التحول الديمقراطى، قوله إن الأمر يكون مهما دائما عندما يتم اتهام رئيس أو رئيس حكومة، لكن فى أغلب الدول الديمقراطية، يكون هذا أمرا عاديا عندما يواجه هؤلاء اتهامات موثوقة بجرائم خطيرة. ويضيف أن الولايات المتحدة كانت خارجة عن المألوف فى إحجامها عن توجيه اتهام إلى رئيس سابق.
وأشارت الصحيفة إلى ان المحاكمات يمكن أن تعكس أن حكم القانون قوى، وأن حتى ذوى النفوذ ليسوا فوق القانون وفوق ان يتم محاسبتهم. لكنها يمكن أن تظهر أيضا أن حكم القانون ضعيف، وأن النظام القانون يمكن استخدامه بسهولة كسلاح ضد الأعداء السياسيين.
وقال جون بيلنجر، الزميل بمجلس العلاقات الخارجية فى واشنطن، والمسئول القانوني البارز خلال إدارة جورد دبليو بوش إن الكثيرين سيفترضون أن الملاحقة لأسباب سياسية، سيكون من الصعب للغاية، ما لم يكن من المستحيل إقناعهم بأنه ملاحقة مشروعة وغير سياسية.
ومن المحتمل أن يكون رد الفعل أكثر صعوبة، كما يقول العلماء السياسيين، فى البلد الذى يسوده الاستقطاب الشديد. ولو كان الحلفاء السياسيين للمتهم راغبين فى مشاهدة العملية القانونية بدلا من القفز للدفاع عن الزعيم المتهم، فإن مزاعم الانحياز فى الملاحقة نادرا ما تلفت الانتباه.
وكان بيرلسكونى، رئيس الوزراء الإيطالى لثلاث مرات، قد تمت محاكمته عدة مرات، وأدين بالاحتيال الضريبى، وصدر ضده احاكم أخرى بالإدانة لكن تم إلغائها فى الاستئناف واستطاع الهروب من اتهامات أخرى بعد تغيير قوانين.
وبالرغم من ذلك، فإنه بيرلسكونى مثل ترامب أمضى سنوات يحاول تصوير نفسه ضحية يتم ملاحقته من قبل نظام مسيس وخارج عن السيطرة، واستخدم هذه المزاعم لحشد أنصاره ونجا من فضيحة تلو الأخرى.
وتقول أستاذة العلوم السياسية الإيطالية ناتالى توكاى إن مثل هذا المزيج يمكن أن يضر بثقة الرأى العام فى النظام القانوني، ويراه أنصار المتهم غير مشروع، بينما يراه المعارضون غير فعال.
ومن الرؤساء السابقين الذين تمت إدانتهم أيضا، لولا دا سيلفا، رئيس البرازيل الحالي والذى سبق أن تولى الرئاسة من قبل أيضا. حيث تمت إدانته بغسيل الأموال والفساد، لكن المحكمة العليا ألغت الاتهامات ضده بسبب انحياز القاضي، بعدما تم الكشف عن تواصل خاص وغير مناسب مع الادعاء. وتم إطلاق سراح لولا من السجن بعد 19 شها، وترشح للرئاسة مجددا وفاز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة