اتخذت الدولة المصرية خطوات جادة فى تمكين المرأة الصعيدية بدأت تؤتى ثمارها وتغير حياة الآلاف من السيدات والتى تنعكس على ملايين من الأسر الذين يقطنون الصعيد، وتستمر الحاجة إلى تغيير بعض العادات والتقاليد المتأصلة لتحقيق مزيد من التمكين والحماية.
وكشفت دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات، أن تمكين المرأة المصرية فى جميع أنحاء الجمهورية، وتوفير الحماية الاجتماعية لها أولوية قصوى على أجندة الدولة المصرية، حيث عملت الدولة على تحقيق الدعم للنساء لتستفيد 89% من النساء من برامج الحماية الاجتماعية المختلفة.
ففى مجال الدعم الصحى، استفادت 10 ملايين سيدة من خدمات الرعاية الصحية المدعمة و8 ملايين سيدة من خدمات الأسرة والصحة الإنجابية، بالإضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات التى تهتم بصحة المرأة مثل مبادرة 100 مليون صحة لدعم صحة المرأة المصرية، ومبادرة العناية بصحة الأم والجنين، ومبادرة الكشف للراغبات فى الإنجاب.
أما على نطاق الدعم المؤسسى، فقد اعُتمدت العديد من الاستراتيجيات التى تحمى المرأة اجتماعيًا مثل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة تشويه الأعضاء التناسلية، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الزواج المبكر، والاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية، وبناء عليه، صدرت بعض القوانين التى تضمن الحماية الاجتماعية للمرأة المصرية كان أهمها: تعديل القانون رقم 58 لسنة 1937 المعروف بقانون النفقة والمتعة، وتعديل القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث وضمان حصول المرأة على حقها فى ميراثها الشرعى، وقانون الاستثمار رقم 72 لعام 2017 الذى ينص على تمكين المرأة اقتصاديًا، علاوة على القانون الخاص بتنمية المشروعات رقم 152 وقانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة الذى يعمل على تحسين أوضاعهم دون تمييز.
التمكين بعد التهميش للمرأة الصعيدية
عانت المرأة الصعيدية لسنوات طويلة من بعض العادات والتقاليد الموروثة، والتى تسببت فى تهميشها وإبعادها عن المشاركة فى معترك الحياة السياسية والاجتماعية. وفى سنوات قليلة، وتحديدًا مع انطلاق عام المرأة 2017، ثمة تغييرات جوهرية شهدتها مصر فى أوضاع المرأة الصعيدية؛ فجرى تمكينها على الأصعدة المختلفة، وتقلدت المناصب القيادية، ودعمتها الدولة بمظلة تشريعية قوية حاربت تلك الموروثات، وذللت العقبات. وبرزت أهم محاور تمكين المرأة الصعيدية فيما يلي:
1- التمكين السياسي
سعت الدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، إلى تحسين آليات تمكين المرأة فى المناصب القيادية وتعزيز أدائها، خاصة فى محافظات الوجه القبلى التى انخفض فيها تمثيل المرأة فى مثل تلك المناصب، ويوضح تقرير المجلس القومى للمرأة الخاص بمتابعة دور الوزارات والجامعات والجهات المختلفة فى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030، نسب تمثيل المرأة للمناصب القيادية فى محافظات الوجه القبلى فى عام 2020، فقد بلغ أعلى تمثيل للمرأة فى محافظة أسيوط بنسبة 40%، تلتها محافظة المنيا بنسبة 31%. وما زالت بعض المحافظات فى الوجه القبلى تحتاج بعض التدخلات لرفع نسبة تمثيل النساء فى المناصب القيادية بها حسب طبيعة كل محافظة.
وجهت الدولة دعم كامل واهتمام غير مسبوق لمساندة المرأة الصعيدية وتمكينها اقتصاديًا، بعد تذليل جميع العقبات، وتقديم كل الدعم اللازم لها، والذى ظهر جليًا فيما يلي:
استحوذت الإناث على 52% من إجمالى التمويل للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجهة لمناطق الصعيد، مقابل 48% من إجمالى التمويلات للذكور.
2- إطلاق مشروع “تمكين الفتيات” فى الصعيد، بالتعاون بين المؤسسة المصرية للتنمية المتكاملة “النداء”، والهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قيمته 3 ملايين دولار والذى يستهدف تحقيق التنمية فى المناطق الأكثر احتياجًا للخدمات فى صعيد مصر، حيث ستستفيد منه محافظتا المنيا وقنا.إطلاق مبادرة “كمامة”، التى كانت نموذجًا للتعاون مع المؤسسات الدولية مُمثلة فى برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ومنظمات المجتمع المدنى من خلال مؤسسة “النداء”، ومختبر التمويل البديل ومؤسسة “نية”، بهدف إشراك السيدات فى صعيد مصر فى إنتاج الكمامات ضمن الجهود المجتمعية لمكافحة جائحة كورونا.
3- التمكين الاجتماعى حيث تزايدت أعداد الحاصلات على تعليم عالٍ فى محافظات الصعيد فى عام 2020 مقارنة بعام 2012. واستحوذت المرأة فى الصعيد على قدر لا بأس به من نسبة المقيدين بمراحل الدراسات العليا “ماجستير- دكتوراه“، وهذا يعكس التطور الحاصل فى مفاهيم الأسرة الصعيدية عن تعليم الفتيات بعدما كنّ يعانين من التسرب من العملية التعليمية، وعدم إكمالهن المراحل التعليمية المختلفة.
4- الصحة الإنجابية ووفقًا للمسح الصحى لعام 2014، فإن نسبة النساء اللاتى يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة فى الوجه القبلى بلغت 50% فقط، مما يُزيد عدد مرات الإنجاب للمرأة، وبالتالى يؤثر على قدرة مشاركتها فى سوق العمل. لذا اهتمت الدولة المصرية بالسياسات الموجهة لتعزيز صحة المرأة فى الصعيد؛ إذ أدركت الدولة أن الثقافة السائدة فى محافظات الوجه القبلى تحتاج إلى تدعيم الفهم المتعلق بالصحة الإنجابية
5- محور الحماية حيث تمتعت المرأة بشكل عام بمظلة تشريعية قوية ساعدت على تمكينها، ووجهت بعض التشريعات خصيصا لحماية المرأة فى صعيد مصر تغليظ عقوبة ختان الإناث حيث تحارب الدولة المصرية ظاهرة ختان الإناث، تلك الثقافة السلبية المتجذرة فى المجتمع المصرى، وتنتشر الظاهرة بشكل خاص فى المناطق الريفية وفى صعيد مصر. فحسب المسح السكانى الصحى عام 2014 بلغت نسبة النساء اللاتى تم ختانهن فى عمر (15-49 عامًا) فى محافظات الوجه القبلى حوالى 95.5% من العينة المتبعة فى المسح. لذلك كانت هناك حاجة ملحة لتغليظ العقوبة الخاصة بتلك الظاهرة لمحاربتها فى بيئتها المتأصلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة