سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 أبريل 1969.. أمير الصحافة محمد التابعى يستنجد بطه حسين لتسوية ديونه لـ«الأخبار».. وعميد الأدب العربى يتصل بهيكل ومحمود أمين العالم

السبت، 22 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 أبريل 1969.. أمير الصحافة محمد التابعى يستنجد بطه حسين لتسوية ديونه لـ«الأخبار».. وعميد الأدب العربى يتصل بهيكل ومحمود أمين العالم محمد التابعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتصل الكاتب الصحفى محمد التابعى، بعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، يطلب منه تحديد موعد للزيارة، فرد عليه «العميد» بأنه يمكنه أن يحضر مساء الغد، الاثنين 21 أبريل عام 1969، حسبما يذكر محمد الدسوقى سكرتير طه حسين، فى كتابه «أيام مع طه حسين» ويشمل كتابه سجلا لبعض من نشاط عميد الأدب العربى فى الفترة من عام 1964 وحتى عام 1972، مضيفا أنه وبعد انتهاء المكالمة سأله «العميد»: «ماذا يريد الأستاذ التابعى مني؟. إننى لا أذكر أننى التقيت به مرة قبل الآن، وليست بينى وبينه صلة ما».
 
يذكر «الدسوقى»، أنه فى الموعد المضروب جاء الأستاذ التابعى، ويصف ما كان عليه: «كنت آراه لأول مرة، لقد دلف إلى حجرة المكتب بادى الأعياء زائغ النظرات، ولما جلس بجوار العميد، قال له: «لست أدرى كيف أبدأ قصتى»، ويضيف الدسوقى: «تقدمت منه لأقدم له سيجارة، فاعتذر لمرضه، ولأن الطبيب منعه من الإكثار فى التدخين، وهمس فى أذن العميد بكلمات مفادها أنه يريد أن يحدث العميد على انفراد، فتركت حجرة المكتب، وجلست فى الردهة نحو نصف ساعة».
 
انصرف التابعى، بعد أن تحدث فيما يريده إلى العميد الذى لم يكن صاحب منصب سياسى وقتئذ لكنه كان نفوذه المعنوى والأدبى كان هائلا، ويتذكر الدسوقى أنه لما دخل على «العميد» فوجئ به يردد: «أعوذ بالله..أعوذ بالله»، يؤكد الدسوقى، أنه آثر الصمت، ولم يسأل العميد عن الأمر الذى جعل الأستاذ التابعى يحضر، ويجعله فى هذه الحالة التى عبر عنها بقوله: «أعوذ بالله».
 
كان «التابعى» وقتئذ يبلغ من العمر 73 عاما «فهو من مواليد 18 مايو 1896 فى خليج الجميل ببورسعيد، وتوفى يوم 24 ديسمبر 1976، واشتهر بلقب «أمير الصحافة» ومن أشهر كتبه «أسمهان تروى قصتها»، و«من أسرار الساسة والسياسة» و«أحمد حسنين باشا» وطبعتهما دار الشروق فى كتاب واحد وكتب محمد حسنين هيكل مقدمته، وصف فيها التابعى قائلا: «صاحب مدرسة فى علمه أو فنه، واختلف مجال الكتابة الصحفية بعده عما كان قبله».
 
يؤكد هيكل أنه تتملذ على يد التابعى فى مرحلتين، مرحلة الأصيل، وكان التابعى متوهجا مهنيا وسياسيا واجتماعيا، ثم «مرحلة الغروب» ويقول عنها: «لسوء الحظ أننى حضرت نزول الغروب أيضا حين قرر أن يبيع مجلة «آخر ساعة» التى أصدرها فى 14 يوليو 1934» إلى دار «أخبار اليوم»، وأصحابها الأستاذان «مصطفى وعلى أمين، وكان السبب فى الحالتين أن الرجل فنان لا يعرف قواعد الحساب أو يتجاهلها، يظن أن مواهبه فوقها، وكذلك راحت أعباؤه تزيد على طاقته، وبمقدار ماحاولت وحاول غيرى فى مرحلة الغروب أن نعبر للرجل عن عرفاننا بفضله، فإن نور الحياة انطفأ عن محمد التابعى رجلا ثقيلا همومه، كسيرا قلبه، جريحة كبرياؤه، برغم أنه ملك فى لحظات الأزمة شجاعة، ألا يرمى المسؤولية على غيره، بل يلوم نفسه.   
 
كان «التابعى» فى مرحلة غروبه وقت زيارته إلى طه حسين، وفى 22 إبريل «مثل هذا اليوم» 1969، ظهر سرها، ويكشفه «الدسوقى» قائلا: «اتصل العميد هاتفيا فى صباح هذا اليوم بالأستاذ محمود أمين العالم رئيس مجلس إدارة الأخبار، وقال له: هناك مسألة إنسانية تتعلق بالأستاذ التابعى، فقد حضر أمس عندى وحالته بؤس، ويرجو تقسيط ما عليه من ديون للأخبار»، ويؤكد «الدسوقى»: «لم أعرف رد الأستاذ «العالم»، غير أن العميد ختم حديثه معه بقوله: أرجو أن تفعل ما تقدر عليه، وأحب أن أراك قبل سفرى».
 
اتصل طه حسين بالتابعى، يطمئنه وقال له أنه سيحاول الاتصال بالأستاذ محمد حسنين هيكل حول نفس الموضوع، وبالفعل تم هذا الاتصال يوم الأربعاء 23 أبريل حسبما يؤكد «الدسوقى»، مضيفا: قال «العميد» لهيكل الأستاذ التابعى جاءنى، وهو يشكو من آلام صحية كثيرة، وعليه ديون للأخبار، ويرجو أن تعمل له شيئا»، يوضح «الدسوقى»: «رد الأستاذ هيكل على ما قاله العميد نحو عشر دقائق، كان العميد يردد فى أثنائها: مش معقول.. هذا غلط.. يا سلام، ومع هذا طلب فى النهاية من الأستاذ هيكل أن يعمل ما يقدر عليه».
 
يكشف الدسوقى، أنه بعد انتهاء الحديث مه هيكل، قال العميد للدسوقى: «تصور أن الأستاذ التابعى ينفق على ابن له يبلغ الرابعة عشرة من عمره مبلغ 650 جنيها فى شهر واحد؟ فظن الدسوقى أنه أنفقها فى العلاج مثلا، لكن العميد قال: «لا، أنفقها فى العبث، إنه بهذا يقضى على ابنه، ثم أن الأستاذ هيكل قال لى: «إنه كلم الرئيس جمال عبدالناصر بخصوص الأستاذ التابعى، فأعطاه الرئيس مرة خمسة آلاف جنيه ومرة أخرى ألفين.. والأستاذ التابعى يأخذ من الأهرام 200 جنيه، ومن رئاسة الجمهورية 200 جنيه ثم يشكو الآن من الأقساط والديون».
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة