سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..20 إبريل 1945..أمير الشعراء أحمد شوقى يبكى من سؤال مصطفى كامل: هل سترثينى؟ وشقيق الزعيم يكشف سر قصيدة «الحياة فى الموت» بعد 37 عاما

الخميس، 20 أبريل 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..20 إبريل 1945..أمير الشعراء أحمد شوقى يبكى من سؤال مصطفى كامل: هل سترثينى؟ وشقيق الزعيم يكشف سر قصيدة «الحياة فى الموت» بعد 37 عاما أحمد شوقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اشتدت العلة على الزعيم مصطفى  كامل قبل وفاته بثلاثة أشهر، لكنه كان يغالب المرض ويجاهد جهاد الأبطال، ولما حان موعد اجتماع الجمعية التأسيسية للحزب الوطنى يوم 27 ديسمبر 1907، ترك سرير مرضه ونزل إلى دار جريدة اللواء، حيث تجتمع الجمعية العمومية، وألقى خطبته كأقدر وأقوى خطيب، حسبما يصف عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية».
 
كانت هذه الخطبة هى الأخيرة له، ويذكر فتحى رضوان فى كتابه «مصطفى كامل» حالته وهو يلقيها قائلا:  «عاد صوته إلى الرنين الحلو، والأداء المتمكن، وبدا للناس أنه لن يموت، ولكنه بعد أن عاد إلى الفراش أحس أن روحه تتسرب من بين جنبيه».. يضيف رضوان: «انهد هذا الجسم الضعيف الواهن، وكان مصطفى يندب حظه لأن الله لم يمنحه جسدا فى مثل قوة روحه وطموحها وحبها للعمل، وآوى المجاهد المريض إلى فراشه فى هذا السرير العالى من النحاس، وقد تعلقت بأعمدته ناموسية بيضاء، قيدت بشريط من حرير، وإلى  جوار السرير سلم صغير من الخشب غطى بقماش جميل، وفى المبنى الذى  تشغله الآن مدرسة عابدين، فى  مواجهة وزارة العدل، غير بعيد من ميدان لاظوغلى، تجرع مصطفى  غصص الموت وآلام المرض صابرا، يعاوده الرجاء حينا، ويداهمه ويدهم الذين يحبونه اليأس أحيانا».
 
اشتد المرض إلى أن أسلم مصطفى  كامل الروح فى  الساعة الرابعة عصر الاثنين 10 فبراير 1908، ويذكر «الرافعى»: «انتشر النبأ الفاجع بسرعة البرق فى العاصمة والأقاليم، وكان الاحتفال بتشييع جنازته، 11 فبراير، يوما مشهودا فى  تاريخ الحركة الوطنية».. يضيف: «جادت قرائح الشعراء والأدباء والكتاب بالمراثى الصادرة من أعماق القلوب، وممن رثاه من أعلام الأدب، شوقى  بك أمير الشعراء، وكان من أصدق أصدقائه، وأكثرهم إعجابا به، وحزن عليه حزنا شديدا».. يذكر «الرافعى»: «كان شوقى صديقا حميما لمصطفى كامل، وكلاهما معجب بصاحبه أيما إعجاب، وكان مصطفى يصف شعر شوقى بأنه «الغدير الصافى فى ألفاف الغاب، يسقى الأرض ولا يبصره الناظرون»، ويؤكد أن شوقى زاره فى رقدته الأخيرة.
 
نشرت جريدة اللواء مرثية شوقى  للفقيد بعنوان «الحياة فى الموت»، يوم 23 فبراير 1908، أى بعد وفاة مصطفى كامل بـ13 يوما، فكيف ولدت هذه القصيدة التى «أثرت فى  النفوس تأثيرا عميقا، وجددت أحزان الأمة» بوصف الرافعى.
 
تجيب مجلة «المصور، عدد 1071» بتاريخ 20 إبريل، مثل هذا اليوم، 1945، أى بعد 37 عاما من نشر القصيدة، وفى باب «مجالسهم» وتحت عنوان «منام مصطفى كامل»، يذكر محرر الباب: «كنا جالسين مع الأساتذة عبدالرحمن الرافعى، والأستاذ محمد محمود جلال، والأستاذ حسن حسنى كامل شقيق مصطفى  كامل، فجاء ذكر الأحلام، فحدثنا الأستاذ حسنى أنه لما كان الزعيم الأول مصطفى كامل باشا على  فراش المرض، وقبل موته ببضعة أيام، زاره المرحوم أمير الشعراء أحمد شوقى، والقاضى  يحيى التركى  قاضى قضاة مصر فى  ذلك الحين، فحدثهما مصطفى كامل أنه رأى فى  المنام كأن العلم المصرى منشور فوق رأسه وهو على  سريره، والناس من حوله وتحته يملأون منزله، ويملأون الشوارع والميادين، وطلب منهما تأويل هذا المنام.
 
علق القاضى يحيى التركى: «ذلك نصر عظيم لمبادئك، والناس يستقبلونك فى كل مكان بالابتهاج والهتاف والترحيب»، فقال مصطفى: «لا أظن احتشاد الناس لذلك، فقد سبق أن احتشدوا إلى وصفقوا وهتفوا لانتصارى فى حادثة دنشواى »، فقال شوقى بك: «نعم وهذا نصر آخر»، فقال مصطفى:  «كلا، بل لعله احتشاد الناس لتشييع جنازتى، فأنا أشعر أنى  سأموت ».. ثم التفت إلى شوقى وقال: «هل سترثينى..أليس كذلك؟
 
رد شوقى:  «عافاك الله يا أخى  وسلمك، لا قدر الله ذلك، فإن شوقى  لا يرثيك ولاينتحب عليك وحده بل «المشرقان عليك ينتحبان» وبكى  شوقى وقام.. علق الأستاذ حسن حسنى: «وبذلك سمع أخى أول سطر من قصيدة شوقى فى رثائه قبل موته».
 
يبدأ شوقى قصيدته قائلا: «المشرقان عليك ينتحبان/ قاصيهما فى مأتم والدانى».. ويضيف فى مقطع آخر: «جار التراب وأنت أكرم راحل/ ماذا لقيت من الوجود الفانى/ أبكى صباك ولا أعاتب من جنى/ هذا عليه كرامة للجانى/ يتساءلون أبا لسلال قضيت أم / بالقلب أم هل مت بالسرطان/ الله يشهد أن موتك بالحجا/ والجد والإقدام والعرفان/ إن كان للأخلاق ركن قائم/ فى هذه الدنيا فأنت البانى».
 
ثم يصل شوقى إلى المقطع الذى يقول فيه: «وجعلت تسألنى الرثاء فهاكه/ من أدمعى وسرائرى وجنانى/ لولا مغالبة الشجون لخاطرى/ لنظمت فيك يتيمة الأزمان/ وأنا الذى أرثى  الشموس إذا هوت/ فتعود سيرتها من الدوران»، ويختتم القصيدة بقوله: «يا صب مصر ويا شهيد غرامها/ هذا ثرى مصر فنم بأمان/ اخلع على  مصر شبابك غاليا/ والبس شباب الحور والولدان/ فلعل مصر من شبابك ترتدى/ مجدا يتيه به على  البلدان».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة