سما سعيد

تحت الوصاية.. قضية جعلت المرأة بين شقى الرحى

الثلاثاء، 11 أبريل 2023 03:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحت الوصاية المسلسل الذى لمس القلوب منذ بداية حلقاته، بتقمص الشخصيات التى جعلتنا نعيش المشكلة ونلمسها بشكل أكبر، خاصة هؤلاء الذين لا يعلمون كم معاناة السيدة الأرملة التى تعول صغارا، بل وتجد نفسها بين شقى الرحى بين مسئولية أبناء أصبحت لهم الأم والأب، وبين مجتمع ينظر لها ككائن مستضعف، وأحيانا أخرى فريسة يسهل صيدها، بل ونزيد من الشعر بيتا بوجود الوصاية التى تأول للجد من الأب بعد وفاته، هذا الجد الذى تجده الأرملة هو الآمر الناهى فى كل ما يخص أبنائها بل وتصل إلى مرحلة الإذلال له لكى تعيش حياة هادئة مع صغارها، فعلى غرار أريد حلاً الفن يعود من جديد لطرح مشاريع قوانين تمس المجتمع.
 
أين جد الأبناء؟ ذلك السؤال الذى طرح فى المسلسل وجلست أفكر فيه طويلا، وكأنه يصف مشاعرى وأنا أتلقى هذا السؤال على مسامعى لأول مرة! لماذا لا تكن الأم الوصية على أبنائها؟ لماذا الجد أو أحد الأعمام؟ هل الأم قاصر عن أن تكون واصية على أبنائها؟ هل هناك شخص يخاف على الأبناء أكثر من أمهم؟ 
 
ليست تلك أسئلة المسلسل وحده، تلك الأسئلة دارت بذهنى أيضا، ولم أجد لها إجابة، هل لها بعد قانونى أو فقهى؟ حاولت التفكير فيها بقدر استطاعتى، ولم أتخيل إجابة ممكنة تسمح بحرمان أم من الوصاية على أبنائها، إلا لعلة أو سبب منطقى أو قانونى يمنع ذلك، فكون الأم كاملة الأهلية وقادرة على التصرف الواعى المنفرد فى اتخاذ أى قرارات مستقبلية بناء على رؤيتها لمصلحة أبنائها، فماذا يمنع؟ خاصة إذا كان الجد لا يعلم تفاصيل حياة أحفاده، بل إنه لا ينفق عليهم من الأساس.
 
المسلسل أعاد أفكارا تملكتنى فترة من الوقت، وقبلت بها على ما هى، لم أجادل ولم أناقشها بل حاولت بقدر الإماكن مع كل الأطراف الاتفاق بعقلانية وبالعرف المتبع لدى عائلتنا، لكن هذا لا يلغى أن المسلسل أعاد لى التساؤلات من جديد حول الموضوع! بل وولد مرارا كنت قد تناسيته.
 
أعتقد أن الحل ممكن فى هذا القانون إذا تم الاتفاق على أن تكون الوصاية مشتركة، لا يسمح لأحد الأطراف التصرف إلا بموافقة الطرف الآخر، وحتى هذه الفكرة إن لم تكن بناء على توافق فى الرؤى فإنها ستكون مهزلة، فإذا حدث أى نزاع لا قدر الله ولم يكن للأم أى مصدر مادى للإنفاق على أبنائها غيره ستتحول إلى وسيلة للابتزاز، هذا على فرض أن الجد أو أحد من الأعمام المتشاركين فى الوصاية لا ينظر للأمور مثل الأم.
 
على الرغم من أن المسلسل فى حلقاته الأولى إلا أنه استطاع بجدارة إحياء بعض المآسى التى تعيشها المرأة مع قانون الوصاية، وعدم قدرتها على التصرف برؤيتها لرعاية شئون أبنائها بدون وسيط، يستطيع التحكم بشكل شبه كلى فى حياة أحفاده بشكل قد لا يرضى سواه. 
 
مثل تلك الأعمال التى تسلط الضوء على بعض القوانين التى بشكل ما عفى عليها الزمن، أو أصبحت مختلفة عما ذى قبل، فهل سيستطيع عمل فنى إعادة النظر فى قانون من جديد، وهذا قد حدث قبلاً، ففى "أريد حلًا" أعاد هذا الفيلم النظر فى قضايا المرأة المعلقة دون طلاق وإعادة النظر فى قوانين النفقة وغيرها، وأيضاً جعلونى مجرماً استطاع إلقاء الضوء على صاحب السابقة الجنائية، والذى لا يستطيع أن يعود من جديد داخل المجتمع، لأنه أصبح صاحب سابقة تنزع عنه ميزة الشرف والأمانة، بالإضافة لفيلم كلمة شرف، الذى استطاع تغيير قوانين السجون بمنح السجين إفراجا مؤقتا لظروف خاصة به، فهل سنجد إعادة مناقشة لقانون الوصاية كما حدث من قبل فى أعمال فنية سينمائية؟ 
 
لن أتحدث عن إبداع المؤلف أو تصورات المخرج التى جعلت المشاهد أكثر واقعية أو تمكن الفنانين من الشخصيات التى يؤدونها، المسلسل لامس أجزاء بداخلنا جميعاً رجال وسيدات، تحولت أنظارنا عن مراقبة ومحاولة التنظير للعمل الفنى لمحاولة فهم القضية نفسها وأبعادها، فحتى وإن كان المسلسل يعج بالكثير من القضايا الفرعية مثل النظرة المريبة للمرأة الوحيدة - حتى وإن كانت لديها أطفال - والابتزاز الناتج عن كون المرأة وحدها وليس لديها من يدافع عنها، والكثير. 
 
القضية نفسها أصبحت محور اهتمام، وهذا هو الإبداع الحقيقى من وجهة نظرى، أو لنقول أحد أوجه الإبداع التى تستطيع تغيير الواقع للأفضل عن طريق القاء الضوء على المشكلات المتخفية داخل النسيج المجتمعى، فكم نحتاج لمثل تلك الأعمال، ومنذ متى ونحن لم نرى مثلها، الحالة التى أحدثها المسلسل والتى ستزداد قوتها بعد نهايته تعتبر جائزة النجاح الحقيقية، وسعادتنا كمشاهدين تأتى من سعادتنا بكم، شكراً لكم على ما أثرتموه بداخلنا قبل إثارته فى مكانه الصحيح.. وللحديث بقية..
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة