حملة عدائية متصاعدة بدأتها الولايات المتحدة ضد الصين، بعد رصد وإسقاط منطاداً صينياً دخل الأجواء الأمريكية، وزعمت واشنطن أنه لأغراض التجسس، وهو الأمر الذى نفته بكين عبر مستويات رسمية عدة ، مؤكدة أن الجسم الطائر كان يستخدم لأغراض بحثية تتعلق بالتنبؤ بحالة الطقس ورصد الظواهر الجوية.
القصة بدأت فى مطلع الشهر مع رصد منطاد صينى يحلق فى الأجواء الأمريكية، ووصفته واشنطن بأنه منطاد تجسس، لكنها لم تسقطه إلى بعد نحو أسبوع خوفا من تضرر المدنيين والممتلكات من حطامه. وتسبب الحادث فى توتر بين بكين واشنطن، أسفر عن إلغاء وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن زيارة كانت مقررة لبكين، وكانت ستكون الأولى منذ 6 سنوات، فيما رفض وزير الدفاع الصينى اتصالا من نظيره الأمريكى لويد أوستن.
وتواصلت فصول القصة بإعلانات متكررة من قبل الولايات المتحدة عن إسقاط أجسام طائرة مجهولة تحلق فى سمائها وسماء كندا، ثلاثة على الأقل. ورغم عدم توجيه اتهام مباشر إلى الصين فى صلتها بتلك الأجسام المجهولة، لكن بدا أن هذا هو مقصد المسئولين الأمريكيين وإن كانوا قد أكدوا أن تلك الأجسام لا تمثل خطرا على الأمن القومى.
وأمام وتيرة الهجوم الأمريكى المتزايدة أثناء رصد المنطاد وبعد إسقاطه، انضم لقائمة مهاجمى الدولة الصينية عبر اتهامات متنوعة كلاً من اليابان والفلبين لأسباب مختلفة، وسط التزام بكين بحالة من ضبط النفس ، قبل أن يخرج مسئولاً أمريكيا عسكريا رفيع المستوى ليعلن أن فرضية قدوم الأجسام الطائرة التى تم سقاطها ، من الفضاء غير مستبعدة.
أما عن اليابان، فقد انضمت إلى جبهة واشنطن فى موقفها من الصين فى مسألة المنطاد والأجسام المجهولة.
وأعلن مسئول يابانى الخميس الماضى أن بلاده ستتعاون مع واشنطن لإعادة تقييم طبيعة أجسام طائرة مجهولة شوهدت فوق اليابان فى السنوات الأخيرة، حيث قال المتحدث باسم الحكومة، هيروكازو ماتسونو، للصحفيين: "نتواصل مع الولايات المتحدة لكننا نرفض التعليق على المحادثات الدبلوماسية.. ومع ذلك نقوم بتحليل أجسام شوهدت فوق اليابان فى يونيو 2020 وسبتمبر 2021، بما فى ذلك علاقتها المحتملة بما حصل فى الولايات المتحدة".
وشوهد جسم طائر غامض يشبه المنطاد فى شمال اليابان عام 2020، ونشر السكان صورا له على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية حينها إن الجسم بدا وكأنه منطاد لمراقبة الطقس، لكنه لا يعود إليها. ورصدت عدة مناطيد أخرى فى حوادث سابقة.
يأتى هذا فى الوقت الذى تشهد فيه اليابان توترا ملحوظا فى علاقتها مع بكين على الرغم من الشراكة التجارية القوية بين البلدين. فقد أعلنت طوكيو مؤخرا تضررها من تحركات الصين العسكرية حول جزر سينكاكو، وغضبها أيضا من عدم سيطرتها على تجارب كوريا الشمالية النووية. وفى الوقت نفسه، هناك استياء فى الصين من التقارب بين حلف الناتو واليابان، ومعها كوريا الجنوبية، والذى تجلى فى العديد من الاتفاقيات اكبرى التى تم التوصل إليها مؤخرا.
الفلبين بدورها، التى أصبحت فى الآونة الأخيرة محل صراع نفوذ بين واشنطن وبكين، دخلت على خط الأزمة. حيث اتهم خفر السواحل الفلبينى يوم الاثنين سفينة تابعة لخفر السواحل الصينى بتوجيه ليزر "عسكري" إلى بعض أفراد طاقمها، مما أدى إلى إصابتهم بالعمى مؤقتًا على متن سفينة فى المياه المتنازع عليها بجنوب الصين الأسبوع الماضي.
كما زعم خفر السواحل الفلبينى أن السفينة الصينية "قامت بمناورات خطيرة" فى الاقتراب على بعد 150 ياردة (137 مترًا) من السفينة الفلبينية، مع صور يُزعم أنها تُظهر شعاع الليزر الأخضر. يُزعم أن الحادث وقع فى 6 فبراير بالقرب من منطقة "سيكند توماس شول"، فى سلسلة جزر سبراتلي، المعروفة فى الصين باسم جزر نانشا.
وقالت وزارة الخارجية الصينية بدورها إن السفينة الفلبينية "اخترقت مياه ريناى ريف دون إذن من الجانب الصيني".وأوضح المتحدث باسم الخارجية الصينية: أن سفينة الشرطة البحرية الصينية دافعت عن سيادة الصين والنظام البحرى وفقا للقانون المحلى الصينى والقانون الدولي، دون تحديد الإجراء الذى اتخذه الجانب الصيني.
تدعى الصين "سيادة لا جدال فيها" على كل ما يقرب من 1.3 مليون ميل مربع بحر الصين الجنوبي، وكذلك معظم الجزر داخلها. يشمل ذلك جزر سبراتلي، وهى أرخبيل يتكون من 100 جزيرة صغيرة وشعاب مرجانية تطالب بها الفلبين وماليزيا وبروناى وتايوان كليًا أو جزئيًا.
وتطلق الفلبين على المنطقة اسم بحر الفلبين الغربي، وفى عام 1999 أسست عن عمد سفينة نقل تابعة للبحرية، وهى "بى آر بى سييرا مادري"، على متن السفينة توماس شول الثانية، والتى لا يزال يديرها مشاة البحرية الفلبينية لفرض مطالبة مانيلا بالمنطقة.
وتوطد واشنطن علاقتها بالفلبين فيما يبدو أنه مسعى لتكوين حلف آسيوى ضد بكين. وقام وزير الدفاع الأمريكى بزيارة مانيلا هذا الشهر، وأعلن عن تخصيص أكثر من 82 مليون دولار للاستثمارات فى البنية التحتية بمواقع عسكرية فى العاصمة الفلبينية. فى المقابل، منحت مانيلا الولايات المتحدة وصولا موسعا إلى قواعدها العسكرية بموجب اتفاقية تعزيز التعاون الدفاعى.
وبعيدا عن دراما التحالفات والصراعات، فتح جنرال أمريكى الباب أمام احتمال كان يبدو خيالا من قبل، حينما قال إنه لا يستبعد أن تكون الأجسام الطائرة التى تم رصدها وإسقاطها مؤخرا قادمة من خارج كوكب الأرض.
وردا على سؤال ورداً على عما إذا كان من الممكن أن تكون الأجسام الطائرة التى أسقطتها مقاتلات أمريكية قادمة من الفضاء الخارجى، قال الجنرال جلين فانهيرك : "لا أستبعد أى شيء.. سأترك الأمر لمجتمع المخابرات للكشف عن حقيقة ذلك".
وأضاف قائد القيادة الشمالية فى الجيش الأمريكي: "فى هذه المرحلة نواصل تقييم كل تهديد أو أى خطر محتمل غير معروف يقترب من أمريكا الشمالية بمحاولة التعرف عليه".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة