أنا فتاة في التاسعة والعشرين من العمر، مشكلتي أنني موجودة في عمل لا أشعر بوجودي فيه، زملائي لا يحبونني كما يحبون بعضهم البعض، هم أصدقاء جدًا وبينهم مودة وارتباط ولكنهم يتجنبونني كثيرًا لدرجة أن إحداهم خطبت منذ سنة كاملة وأخفوا جميعهم الخبر عني لسبب لا يعلمه إلا الله! رغم أنه لم تحدث أي مشاكل بيني وبينهم ويعلم الله أنني لا أكرههم ولا أكن لأي منهم ضغينة فأنا أشاركهم في أعياد ميلادهم بالهدايا وهم كذلك ولكنني تعبت من معاملتهم الغريبة معي. لا أستطيع ترك عملي ولكن التأقلم مع هذا الوضع مرهق جدًا لنفسيتي فماذا أفعل؟".
****
القارئة العزيزة، نتفهم تمامًا مدى شعورك بالانزعاج بسبب هذه المشكلة، فلا شيء يضاهي شعور الإنسان بالقبول وبأنه محبوب وأنه محل حب وثقة المحيطين به خاصة أن المكوث في العمل يستمر لساعات طويلة تكاد تزيد عن الوقت الذي نقضيه في بيوتنا. رسالتك لم توضح لنا هل التحقتِ بهذا العمل من فترة أقصر من غيرك من الزملاء فنتج عن ذلك أنهم طوروا علاقات أعمق من علاقتك بهم وأصبح من الصعب عليهم أن يتقبلوا بسرعة كشف كافة تفاصيلهم أمامك مثلما يفعلون مع بعضهم بحكم العشرة؟ على كل الأحوال، مثلما يقول الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشاري الصحة النفسية، نطمئنك إن التغيير ممكن ما دمتِ قد بحثتِ عنه، فقد قمتِ بالخطوة الأولى الهامة لذلك، ونثق من وجود صفات جميلة في داخلك دفعتك لكتابة الشكوى حتى تتحسن الأحوال وتتطور للأفضل بإذن الله.
كنا نود أن تكتمل الصورة بمعرفة هل تعتبر هذه الشكوى أمر جديد قد حدث مؤخرًا أم أن الأمور قد تغيرت في علاقتك بالآخرين لسبب ما؟ وهل هذا الشعور بمعاملة الآخرين غير الطبيعية لكِ من أصدقاء العمل فقط أم هو شعور عام مع الجميع؟ ولكن نحن نرى أن الأهم في هذه المرحلة هو عدم فقدان الثقة الذاتية بالنفس وعدم فقدان الأمل فكل الأمور بسيطة لدي الشخص الفهيم بإذن الله، أما الشخص المتشائم فلن يتخذ سوى اليأس والحزن منهجًا لحياته، فنرجو أن أن تكتمل الصورة وتتضح بعض الأمور النفسية التى قد تكون المكون الرئيسي لعلاج المشكلة.
أحيانًا يقع الإنسان فريسة لخطأ من أخطاء التفكير يسمى الانتباه الانتقائي، وهو أن ننتقي من الأحداث شيء سلبي ونعممه، فقد ذكرتِ في نص رسالتك زملائك لا يحبونك ويجتنبونك وفي ذات الوقت يشاركونك بالهدايا في أعياد الميلاد وهذا أمر إيجابي لا نتصور حدوثه مع زملاء لا يحبون بعضهم البعض، ربما قد تكون هنالك أيضًا بعض الأمور الإيجابية ولكن نص الرسالة اتسم بوجود الصورة السلبية، وقد يكون هذا الأمر متعلق بنظرتك لنفسك، أو بكونك فتاة تتمتع بشخصية حساسة بدرجة ما ونحن نقدر ذلك الأمر.
نحن نشجعك على محاولة البحث ومعرفة السبب الذي أدى إلى ذلك الشعور، ونطرح بعض الاقتراحات للتفكير في الأمر، فقد نرى ذلك الشعور بين بعض الزملاء إما احتياج لتطور قدرات الشخص وطاقاته في العمل، وإحيانًا قد يحدث نوعًا من الغيرة بين الزملاء عند تفوق أحدهم كترقيته أو كونه مختلف عنهم في الفكر أو في الاجتهاد، كلها احتمالات نضعها للتفكير فيها، فحتى الصالحين من الناس لم يسلموا من كلمات الآخرين الجارحة ولا من المضايقات والمشاحنات، وإن كان يصعب على الإنسان تغيير حال الدنيا عليه أن يطور من قدراته وإمكاناته حتى يصبح شخص نافع ومؤثر في مجاله.
علينا أن ندرك أيضًا أن دوام الألفة والمحبة بين الناس يتطلب أحيانًا من الإنسان بعض الجهد كالسيارة التي تحتاج إلى الوقود باستمرار حتى لا تتوقف، فقد يكون حدث سوء تأويل أو قد بلغهم عنكِ شيء غير صحيح، فكوني سباقة وتحدثي أولًا عن مشاعرك معهم بما يليق، لا تقطعي السلام والمودة مع أحد منهم بل اسعِ لفهم الأمر وعلاجه.
نود التأكيد مرة أخرى على أن الأمر قد يكون متعلق بنظرتك السلبية لذاتك، فقد ينتاب بعض الفتيات الشعور باليأس أحيانًا عند بلوغ هذه السن دون التوفيق في إيجاد الشريك المناسب، وهذا نراه بشكل واضح خلال المقابلات النفسية، ونحن لا ندري مفهومك عن الزواج والارتباط ولكن ندعو أن يوفقك الله في اختيار الشريك المناسب، فمن الأمور النفسية المتعارف عليها أن علاقة سوية واحدة قد تغنى الشخص عن الذهاب لطبيب الأمراض النفسية، وهذا حقيقي، راجيين من الله أن يرتب الخير لحياتك، وأن يرشدك للصواب في اختيار وانتقاء صداقاتك بشكل جيد فهذا الأمر يتطلب الوعي النفسي الجيد، لذا ننصحك أخيرًا بقراءة كتاب عن كيفية فهم الذات وتطويرها وآخر عن كيفية اختيار وانتقاء الأصدقاء.
وشوشـة
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة