أزمات متتالية يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على الصعيد الداخلى بعد الفشل المدوى لجيش الاحتلال فى الحرب الدائرة منذ 5 أسابيع فى قطاع غزة، وعجز تل أبيب عن تحرير الرهائن برغم الكلفة البشرية وتعمد استهداف المدنيين من سكان القطاع، بما يتعارض مع القوانين الإنسانية الدولية.
وشن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت، هجومًا حادًا على نتنياهو، وذلك فى تصريحات نشرها موقع بولتيكو الأمريكى الخميس، حيث قال أن نتنياهو "يخشى الإطاحة به من منصبه"، وهو ما دفعه إلى الإعلان عن اعتزام حكومته السيطرة الأمنية الشاملة على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الدائرة فى القطاع.
وتابع أولمرت أن استمرار نتنياهو فى منصبه، يشكل خطر على إسرائيل لأنه "مدمر عاطفيًا" بسبب فشله الفادح فى الأمن القومى، وهو الآن يخطئ فى حساباته من خلال الاستعداد لتولى السيطرة الشاملة على أمن غزة بعد القضاء على فصائل المقاومة.
وتابع: "نتنياهو كان فى حالة من الانهيار العصبى، حيث سعى إلى تجنب الإطاحة به من منصبه لفشله فى حماية الأمن القومى فى هجمات المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر، الامر الذى ترجمته الحكومة الإسرائيلية إلى أن تتولى توجيه الأمور بعيدا عن المسار الاستراتيجي.
وواصل أولمرت مصرًا على أن الأولوية يجب أن تكون للتفاوض على نهاية الحرب مع المجتمع الدولى - بما فى ذلك العودة إلى المحادثات حول تشكيل دولة فلسطينية، بدلًا من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء نحو الإشراف العسكرى الكامل على غزة.
وقال أولمرت: "لقد تقلص نتنياهو.. لقد تحطم عاطفيا، هذا أمر مؤكد. أعنى أن شيئًا فظيعًا حدث له. لقد كان يعمل طوال حياته على التظاهر الكاذب بأنه سيد الأمن.. إلا أن حقيقة الأمر أظهرت أنه سيد هراء.. فى كل دقيقة يقضيها كرئيس للوزراء فهو يشكل خطرا على إسرائيل. أنا أعنى ذلك بجدية. أنا متأكد من أن الأمريكيين يفهمون أنه فى حالة سيئة"
وكمثال على النهج الخاطئ لرئيس الوزراء، حذر أولمرت من أن خطة نتنياهو الإستراتيجية للحفاظ على السيطرة على قطاع غزة ما بعد الحرب والذى كشفها فى مقابلة مع شبكة ايه بى سى الامريكية تبدو بمثابة العودة إلى عام 2005، عندما كانت إسرائيل تمارس الحكم العسكرى على القطاع الساحلي
وقال: "ليس من مصلحة إسرائيل الإشراف على أمن غزة.. من مصلحتنا أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا بطريقة مختلفة عما كنا نفعله قبل هجوم 7 أكتوبر. ولكن للسيطرة على غزة مرة أخرى؟.. لا."
وحذر أولمرت أيضا من أن صبر حلفاء إسرائيل الغربيين بدأ ينفد بسبب فشل نتنياهو ووزرائه فى رسم خطة واقعية لحكم غزة فى مرحلة ما بعد الحرب قائلا: "هناك الكثير الذى يمكننا القيام به، ولكن لا يمكننا أن نفعل كل ما نرغب فيه".
وشكا أولمرت، الذى قاد إسرائيل فى الفترة من 2006 إلى 2009 كزعيم لحزب كاديما الليبرالى، من الافتقار إلى التفكير العاقل فى حكومة الحرب الإسرائيلية.
نتنياهو وأولمرت
ذكرت بوليتكو أن معدلات تأييد نتنياهو وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الهجوم. وأظهر استطلاع للرأى أجرى فى منتصف أكتوبر أن الإسرائيليين يعتقدون أن الفشل فى منع هجوم الفصائل كشف عن "كارثة فى القيادة" حيث يريد الثلثين أن يكون رئيس الوزراء المقبل للبلاد غير نتنياهو.
وفى استطلاع آخر، قال 44% من المشاركين أن نتنياهو مسؤول عما حدث فى 7 أكتوبر. ويعتقد 18% فقط من الإسرائيليين أنه ليس عليه ترك منصبه. ويريد 76% منهم أن يغادر منصبه عاجلًا أم آجلًا.
وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم"، وهى صحيفة مؤيدة تقليديا لنتنياهو، يوم الأربعاء إن عليه التنحى جانبا، وكتبت: "تحمل المسؤولية وتقبل أن المسؤولية تقع على عاتقك"
وتحدث أولمرت مع بوليتيكو بعد إعطاء نتنياهو أوضح إشارة حتى الآن حول ما قد تخطط له إسرائيل فى غزة فى أعقاب الحرب، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلى اغفل ذكر من سيحكم القطاع بعد الحرب الا أنه قال أن إسرائيل ستتحمل المسئولية الأمنية الكاملة عن غزة لاجل غير مسمى، وكان الرئيس الأمريكى جو بايدن قال فى وقت سابق أنه سيكون من الخطأ أن تحتل إسرائيل غزة مرة أخرى.
أشارت بوليتكو، إلى أنه فى حين أن خطة نتنياهو قد لا ترقى إلى مستوى إعادة الاحتلال الكامل - وهو الأمر الذى حذرت منه الولايات المتحدة وحلفاء آخرون - فمن المفترض أن ذلك يستلزم سيطرة كبيرة على القطاع واستمرار وجود القوات الإسرائيلية.
وقالت إنه من المرجح أن يؤدى ذلك إلى تبديد أى آمال لدى الولايات المتحدة فى إقناع السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، من الموافقة على العودة، وقد رفض رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، فى الماضى فكرة إعادة السلطة الفلسطينية بقوة السلاح الإسرائيلي.
كما يبدو أن تصريحات نتنياهو تقوض إصرار وزير دفاعه يوآف جالانت الشهر الماضى على أن أحد الأهداف الرئيسية للحملة العسكرية الإسرائيلية هو قطع مسؤولية إسرائيل عن الحياة فى قطاع غزة. ومن بين الأفكار المطروحة بشأن ما سيحدث لغزة بعد الحرب هو تولى مجموعة من الدول العربية المسئولية الأمنية وربما بتفويض من الأمم المتحدة على عودة السلطة الفلسطينية للقطاع
وقال أولمرت إنه يعتقد أنه من المستبعد أن توافق أى دولة عربية على التصور السابق، مشيرا إلى أن قوة التدخل الغربى فقط هى التى ستنجح، وقال أن خوفه الأكبر هو أن تستمر إسرائيل فى التردد والفشل فى التعامل مع ما يجب أن يحدث لغزة ما بعد الحرب وحذر من أن هذا سيزيد من السخط الغربي.
وقال أولمرت إن هناك نقصا تاما فى التخطيط للمرحلة المقبلة، وقال: " ماذا علينا أن نفعل؟ حسنًا، وفقًا لنتنياهو، سوف نسحق ونكسر المقاومة الفلسطينية. وأعتقد، بالمناسبة، أنه يمكننا القيام بذلك. ثم ما هى الخطوة التالية؟ ماذا سنفعل إذن؟ هل يفكر أحد فى ذلك؟"
وأضاف: "نحن بحاجة إلى أن نقدم للمجتمع الدولى فكرتنا عن نهاية اللعبة".
وقال أولمرت: "إذا قدمت إسرائيل اقتراحا جديا لمفاوضات حل الدولتين فسيكون له تأثير كبير على المجتمع الدولي. من شأنه أن يمنحنا مساحة ووقتًا أكبر لتحقيق أهداف عملياتنا العسكرية، وسيكون له تأثير على الرأى العام فى الدول الغربية وفى وسائل الإعلام"
وقال إن ذلك سيظهر أن إسرائيل ملتزمة بالقيام بخطوة لم ترغب فى اتخاذها خلال الخمسة عشر عاما الماضية، وأضاف: " لذا، يمكن أن يخرج شيء إيجابى من كل هذا. لكننا لا نفعل ذلك، ولا أحد يريد أن يفكر فى ذلك. لا أحد يريد أن يوضح ذلك. لا أحد يريد أن يقول ذلك".
وتابع: "المشكلة الآن هى نتنياهو.. أنه فى حالة انهيار عصبى.. انا لا ابالغ" وقال أنه يتعرض للضغط من جميع الجهات ويبدو أن تركيزه منصب فقط على منع الإطاحة به من منصبه فى اليوم الذى تتوقف الحرب فيه.
وأضاف: "تتوقع منه الآن أن يتحدث عن المرحلة الثانية والمرحلة الثالثة.. أنه غير متأكد من أنه سينجو سياسيا فى هذه المرحلة”.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة