أنا زى أى بنت برسم وأذاكر وأساعد ماما فى شغل البيت.. ومفيش حاجة هتوقفنى أبدا.. ونفسى أكون طبيبة أطفال علشان أعالجهم كويس
"لما حد يقولى إيدك فين أقوله عند ربنا وهترجعلى تانى فى الآخرة.. وأنا زى أى بنت عادية بلعب وأرسم وأذاكر ومفيش حاجة هتوقفنى أبدا".. بهذه الكلمات الموجعة الممزوجة بالشجن يمكن إختصار رؤية الطفلة جنة عبد الجواد أحد الأطفال من ذوى الهمم لإعاقتها، حيث وُلِدَت بدون ذراعين..ورغم إعاقتها الجسدية إلا أن الله سبحانه وتعالى منحها قدرات حركية وذهنية بلا حدود لتتحدى بعزيمتها صعاب الحياة.
"جنة" إبنة مدينة دمنهور التى تبلغ من العمر 7 سنوات اشتهرت عبر مواقع التواصل الإجتماعى مؤخرا مع نشر صورة لها وهى تكتب بقدمها على "السبورة"، وسط زملائها داخل المدرسة وأصبحت نموذجا ملهما لذوى الاحتياجات الخاصة.
"اليوم السابع" اقترب من هذا المشهد الانسانى لرصد تفاصيله، فى البداية قالت جنة محمد عبد الجواد أشهر أطفال ذوى الهمم بالبحيرة أن إعاقتها لا تمثل لها أى مشكلة، بل بالعكس هى مصدر قوة لها.
أضافت قائلة: "كل إنسان ربنا خلقه بشكل معين، فيه الطويل والقصير والأبيض والاسود وفيه إنسان بدون قدمين أو بدون ذراعين زيى كده، الأهم من ده إزاى البنى آدم يعرف يتكيف مع ظروفه وميخليش حاجة توقفه عن تحقيق أحلامه".
وعن كيفية التعامل فى المدرسة رغم ظروفها الصحية أكدت جنة أنها التحقت بالصف الثانى بمدرسة السيدة خديجة الابتدائية بمدينة دمنهور، وجدت كل الرعاية من إدارة المدرسة وأنها لم تلتحق ببرنامج الدمج التعليمى لأنها لم تشعر بالنقص عن باقى زميلاتها.
وقالت الطفلة جنة أنها تمارس كل الأنشطة بواسطة قدميها التى تعتمد عليها كل الاعتماد كبديل لذراعيها وأنها تساعد والدتها فى أعمال المنزل وتكتب واجباتها الدراسية من خلال قدميها.
وتابعت قائلة: "بعمل كل حاجة برجلى، وأكتب دروسى فى الفصل برجلى، وأرسم برجلى، وأساعد ماما فى تنضيف البيت، ومش حاسة إنى ناقصنى حاجة فى الدنيا".
وعن مدى تعرضها لمضايقات بسبب إعاقتها، قالت جنة: مفيش مضايقات من حد، كل اللى فى المدرسة أصحابى وبحبهم، وأى حد بيسألنى عن إيدى بقوله عند ربنا وهترجع ليا فى الآخرة.
وعن طموحها وأمنياتها فى الحياة قالت الطفلة جنة إنها تطمح أن تكون طبيبة أطفال لتساهم فى علاجهم وتساعد ذوى الهمم فى دمجهم بالمجتمع.
فيما قالت أميرة زين الدين والدة الطفلة "جنة" أنها فوجئت أن ابنتها الصغيرة ولدت بدون ذراعين، وأنها عرفت ذلك بعد عملية الولادة، ولم يؤثر ذلك على أسرتها التى رضيت بقضاء الله وتعايشت مع إعاقتها بكل رضا وسكينة.
أضافت قائلة: الحمد لله ربنا بيعوضنا وبقدر ما بياخد بيعطى عطاء سخيا مباركا، علشان كده جنة قدرت أنها تتخطى عقبات إعاقتها الجسدية، من صغرها اتعلمت تعمل كل حاجة بقدمها
وبمهارة عالية جدا دون مشاكل.
وأوضحت والدة جنة أن ابنتها التحقت بالمدرسة الابتدائية مثل أى طفلة فى عمرها وتواظب على الحضور، ولم تمنعها إعاقتها من استذكار دروسها بجدية والتفاعل مع زميلاتها ومعلميها بشكل لافت للنظر.
وعن الصعاب التى واجهت ابنتها ومدى تعرضها للتنمر فى محيطها الإجتماعى، قالت والدة الطفلة جنة أنها لم تجد صعوبات كبيرة فى تعامل المجتمع مع طفلتها، ولم تواجه حالة تنمر بشكله الواضح وأن الأمر لم يتعدى حالة الاندهاش من قبل زميلاتها فى المدرسة نظرا لإعاقتها الجسدية.
وتابعت: "الحمد لله لم تتعرض جنة لحالات تنمر خاصة أنه تم توعيتها بكيفية التعامل مع هذه الأمور ومواجهتها بكل جرأة وشجاعة والتغلب على إعاقتها وتحويلها إلى مصدر قوة".
وأكدت والدة جنة أنه تم عرض إبنتها على أشهر الأطباء فى مصر، للتعرف على مدى إمكانية إجراء عملية جراحية وتثبيت أطراف صناعية، أضافت أن الأطباء أجمعوا أن سن ابنتها صغير للغاية لمثل هذه العمليات الدقيقة، وأن أى إجراء جراحى فى هذا العمر فيه خطورة بالغة على حياتها.
وفى هذا السياق قال فتحى الشريف - مدير مدرسة السيدة خديجة الابتدائية بدمنهور- إن هناك أكثر من عشرين طالب وطالبة بالمدرسة من أصحاب ذوى الهمم أشهرهم الطفلة جنة التى أصبحت حديث السوشيال ميديا خلال الفترة الأخيرة.
مضيفا أن طلاب المدرسة يتم التعامل معهم وفقا لبرامج تربوية وتعليمية متميزة خاصة الأطفال من ذوى الهمم الذين يتم دمجهم فى الحياة الاجتماعية وفقا لرؤية الدولة.
وأوضح مدير مدرسة السيدة خديجة أن والد الطفلة جنة الذى يعمل مهندسا فى إحدى الدول العربية رفض بكل إصرار إلحاق ابنته فى برامج الدمج المدرسى لأصحاب ذوى الهمم، مفضلا البرامج التعليمية العادية مثل زميلاتها، خاصة مع تفوقها الدراسى المبهر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة