كانت مصر ولا تزال قلب العروبة، وحاضرة العمل المشترك، وأهم دول المنطقة وحاملة لوائها، تجسّد ذلك بقوة فى حرب أكتوبر، وفى القيمة المعنوية التى بثتها فى نفوس الأشقاء جميعا، وحالة التضامن التى تجمّعت على إيقاع هتافات الجنود، لترسم ملامح النصر العربى الأوحد على العدو الصهيونى. تحدثنا فى ذكرى النصر العظيم مع دبلوماسيين وكتاب ومحللين ورؤساء مراكز أبحاث عربية، ليُعبروا عن مشاعرهم تجاه الحدث، وعن رؤاهم ورؤى دولهم الشقيقة للنصر الذى أعاد رسم ملامح المنطقة على هيئة جديدة لم نعتدها من قبل.
فى البداية قال سفير اليمن بالقاهرة محمد مارم، إن حرب أكتوبر ستظل أعظم ملحمة يفخر بها كل عربى وعلامة مضيئة فى تاريخ العرب جميعا، إذ سجل جيش مصر العروبة شرف الدفاع عن الأرض والمقدسات ورفع راية العروبة عالية، ولهذا فإنه لا يُمثل انتصارا عسكريا فقط، بل تعدى ذلك ليكون انتصارا حاسما لإرادة الإنسان واسترداد كرامته، لافتا إلى أنه بفضل التضامن تحقق النجاح، وكانت الحرب فى حقيقتها ثورة من أجل السلام والتنمية بعد استرداد الحق.
ويقول الدكتور عايد المناع الباحث السياسى الكويتى، إن مصر القوة العربية الأكبر والأهم، وتاريخيا خاضت الحروب دفاعا عن العرب، ثم جاء نصر أكتوبر بمثابة إعلان ميلاد جديد للأمة، لافتا إلى أن الدعم الخليجى ليس وليد الساعة، إذ دعمت الكويت الشقيقة الكبرى فى 1967 بإرسال ثلث جيشها لمصر وسوريا، وقد استُشهد 42 من جنودها فى الحرب، فضلا على الدعم الإعلامى الواسع فى صحف الكويت، ثم الانطلاقة التنموية والاقتصادية بعد الحرب، ودور مصر المهم فى مساندة الكويت وقت الغزو العراقى.
فى السياق نفسه، قال الكاتب الصحفى الكويتى أحمد الصراف، إن الكويت رغم صغر حجمها كانت فى مقدمة المدافعين مع المصريين، وبالمثل كانت مصر من أوائل المساندين للكويت، فلا يمكن تلخيص مكانة مصر فى كلمات، ويؤكد رئيس اللجنة التشريعية ببرلمان البحرين، هشام العشرى، أن المملكة دعمت مصر خلال الحرب لأنها كانت معركة تخص العرب جميعا، ومثلت استردادا لكرامة الأمة بالكامل. وعن الدور السعودى، قال الدكتور تركى القبلان رئيس مركز ديمومة للدراسات والأبحاث السياسية، إن المملكة الداعم الأول لمصر دائما، والمواقف التاريخية خير شاهد، وقد أشاد الرئيس السادات بموقف الملك فيصل ودعوته لاجتماع عاجل لوزراء النفط العرب فى الكويت، تمخض عن قرار موحد بخفض الإنتاج 5% حتى تنسحب إسرائيل لخطوط ما قبل يونيو 1967، كما أعلن تبرعه بـ200 مليون دولار للجيش المصرى، ودشن الملك سلمان لجنة لجمع التبرعات، وبالمقابل دعمت مصر الموقف السعودى فى الجامعة العربية 1990، ولولا القاهرة ما كان القرار العربى الموحد ضد احتلال للكويت.
ومن سلطنة عمان، يصف الكاتب العُمانى موسى الفرعى، رئيس تحرير صحيفة أثير، أن الاحتفال بذكرى حرب أكتوبر مناسبة للعزة والكرامة والشرف العربى العالى، ذكرى نتحسس فيها طعم أهم الانتصارات فى التاريخ الحديث، الذى يتجاوز كونه انتصارا عسكريا ليصبح تحولا مفصليا للوجود العربى، وخطا فاصلا بين الطغيان والعدالة، والنور والظلمة، والذل والكرامة، ويلتقط الدكتور أحمد سالم باتميرا الكاتب والمحلل العُمانى، طرف الخيط مؤكدا أن حرب أكتوبر أبرز نماذج التضامن العربى، وقد تعددت صور الدعم منذ قمة الخرطوم 1967 وبلغت ذروتها فى 1973، لافتا إلى أن قطع شريان النفط لعب دورا فى ترشيد الانحياز الغربى لإسرائيل.
وبدأ الكاتب الصحفى السودانى بخارى بشير، رئيس تحرير جريدة الانتباهة، حديثه بالقول إن حرب أكتوبر تركت بصمة فى وجدان كل سودانى، وقد حطمت مصر بانتصارها أسطورة الجيش الإسرائيلى، وعبرت عن قوتها الحقيقية أمام العالم، مشددا على أن التضامن العربى كان مبعثه أن مصر قلب العروبة وحاملة لوائها وطالما ساندت قضايا المنطقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة