خالد دومة يكتب: الجماهير والإصلاح

الأربعاء، 11 أكتوبر 2023 11:19 م
خالد دومة يكتب: الجماهير والإصلاح خالد دومة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرا ما تصاب النفس بالعطب، وتكثر فيها الأمراض، التي تتمكن منها، ويستفحل أمرها لقلة المبالاة، في شفائها، فإن الإهمال يجعل منها أمراض خبيثة، حين تتمكن من النفس، فتعمل على هلاكها، وتكون سبب ضياعها، وأمراض النفس كثيرة، وأسبابها منتشرة في بيئاتنا، حيث لا وعي بها، ولا إدراك لخطورتها، إننا لا نعترف بها رغم ظهورها ووضوحها، في المعاملات بين الناس، ولأن الأمية هي القائد، ففي المكابرة بعدم وجودها، سببا في انتشارها، والهروب منها، ومن مواجهتها هي السمة الغالبة الباطنة، التي تخفف من حدتها وأثرها، وكلما عمت، كان وقعها على الناس لا يمثل شيئا ذا أهمية. 
 
قد يسخر الإنسان عقله، مرضاة لأهوائه ونزعاته النفسية، فيحلل ويجتهد في إيجاد ما يبرر به ميوله، فيساق من غرائزه، فيميل بميلها، أما إذا كان الإنسان ذو عقل رشيد، فهو يسخر أهوائه في خدمة عقله، فيقف لها، ويصحح مسارها، ويعدل منها حتى تنساق له، فلا تغلبه، ولا تتحكم فيه، وكلما حاولت إغرائه، أو الإنفلات منه، كبح جماحها، وأسلس قيادتها بحكمته وعقله. لا بد من إصلاح هيكلي في قواعد الفكر والتعليم، والنظر إليه على إنه الطريق الذي يصل بنا إلى النهوض الشامل، تهيئة الأذهان للعمل المشترك الذي لا يعرف تفرقة، وإنما تكاتف أرواح في سبيل المصلحة الجماعية العامة، وأن ننسى المصلحة الفردية، التي تشق الصف وتبدد الجهود.
 
إنه من العجيب، أن يسخر البعض منا، من جهود الإصلاح، التي نراها أمام أعيننا، وكأنهم يريدون إصلاح بلا جهد، ولا معاناة، إصلاح جاهز، لا يبذلون فيه جهدا، ولا يحسون له عواقب، إنك حين تبني بيتا، تحتاج إلى المال، والجهد، والبذل والتضحية، فما بالك ببناء أمة وإصلاح شأن الملايين من الناس، في معايشهم وحياتهم، وهؤلاء لا يريدون مشاركة ما تبني، وما تقيم من صروح، ليس هناك تاريخ مجيد يُصنع من هباء، إنما لا بد من قوة تدفعه، وجهد يُبذل في طريق تحقيقه، إن التاريخ لا يصنعه إلا الأقوياء، ذو النفوس التي ملأها الإيمان، إنها عقيدة راسخة، التاريخ لا تصنعه الأيدي الهزيلة والتردد، لا بد من تضحيات إنها تحتاج إلى عوامل مشتركة، هدم كل فكر رجعي، يقف حجر عثرة في طريق النمو والحضارة، ثم بناء على أسس قوية راسخة، ليعلو فوقها صروح شامخة. 
هل تتحمل الحكومة وحدها عبأ الإصلاح، والتنمية الشاملة، ذلك شيء مستحيل، دون جهود أفراد الشعب قاطبة، في حمل المسئولية، إنها مسئولية جسيمة، لا تقوم بها جكومة، مهما كان ذكائها وبراعتها في العمل والتخطيط، وإذ لم تشارك الجموع، فإن الإصطدام شيء لا محالة. إنه يجب على الشعب تشجيع، ما تقوم به الحكومة، إذاء النهضة والإصلاح القائم، لا أن نكون عقبة في سبيل تحقيقه وتنفيذه، ولا يكون نصيب الحكومة منها سوى السخرية والاستهزاء بما تفعل، وما تقوم به. فالإصلاح القائم لم يترك مجالا من المجالات إلا وطالته يد الإصلاح، تفعل ما ينبغي لها أن تفعله، وتؤدي دورها المنوط بإتجاهات، لم يترك النظام القديم أساسا تقوم عليه عملية الإصلاح، وإنما كانت الدولة مهلهلة، لا إصلاح في شيء من قواعدها، التي تبني عليها أي أمة، فالعشوائية التي كانت تنتهجها، لم تثمر سوى الرجعية والتخلف، فقد كان الطعام والقوت متوفر، ولكن حياة الناس وضيعة، فلا صحة، ولا تعليم، ولا شيء، فقد كان الخوف، هو الحاكم في صدور الناس، فلا حرية. وإن كان في الإصلاح خلل، فليس هناك برنامجا إصلاحيا يخلو من نقاط ضعف، وتحديات، تظهر لم تكن في الحسبان، يجب أن يكون هناك إيمان بأن الإصلاح هو الطريق المؤدي إلى النجاح رغم العقبات. إذا كنا صادقين في خوض غمار النهضة الاقتصادية، لا بد من بذل جهود كبيرة، يبذلها الجميع، لا فرد معين، ولا جهة معينة، ولا حزب معين، إنما هو تكاتف الجميع لتحقيق ما تصبو إليه الأمة كلها، كل بقدر طاقته ومعرفته، وإننا للأسف الشديد، تجد الكثير من الناس في الهيئات المختلفة، لا يألون جهدا في سرقة المال العام، بأي وسيلة، فالخراب العقلي الذي يصاب به الكثير، واستحلال المال العام، هو طامة كبرى، وهو من الأسباب التي تعرقل الإصلاح، وتطيل زمن النهوض به، لا شك أن العمل الجماعي بين أفراد الأمة، والمشاركة هي من الأسباب التي تساهم في النهوض السريع بها، وإن  زمن الفردية، دون المشاركة الفعالة في كل عمل من الأعمال القائمة، في كل مؤسسة حكومية، أو غير حكومية، قد انتهى، وأن يكون الإخلاص هو الهدف الأعلى في كل مشاركة، فضيق الصدر لا يساهم في الخلاص من المحنة، بل تشتد بها، وتستفحل إنما الإقبال على العمل، مهما كانت صعوبته ومشاقة.
 
 
 
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة