تراكم الخسائر المصرفية في لبنان بلغ حوالى 70 مليار دولار، لذا من المتعذر سداد فجوة الخسائر المصرفية، عبر استخدام أصول الدولة على النحو المقترح اليوم، ما زاد أزمة المودعين حدةً، وهى الأزمة التى تلقى بظلالها على الأوضاع الأمنية واستقرار العمل في المصارف ، حيث تبدأ الاثنين ، بنوك لبنان فترة إغلاق تستمر ثلاثة أيام، تحسبا لاقتحام عدد آخر من المودعين للبنوك، جاء هذا القرار بعد أن اقتحم 7 مواطنين لبنانيين البنوك التي أودعوا أموالهم فيها ، للحصول على ودائعهم .
كانت جمعية المصارف فى لبنان قد أعلنت أنها قررت إغلاق كافة البنوك في البلاد، لمدة 3 أيام، بدءاً من الإثنين، بسبب مخاوف أمنية وسط زيادة في هجمات المودعين.
وناشد رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج حاج، الجهات المعنية بضرورة توفير الحماية اللازمة للعاملين في المصارف إثر عمليات اقتحام متتالية نفذها مودعون لفروع بنوك مختلفة للمطالبة بالحصول على ودائعهم المحتجزة بالبنوك.
بسام الشيخ ـ أحد المودعين
وحذر من عواقب عدم التدخل لحماية حق موظفي البنوك اللبنانية، واصفا الأحداث التي تتعرض لها البنوك في بيروت بأنه "غير قانونية على الإطلاق"، وقام مواطن لبناني مسلح في وقت سابق اليوم باحتجاز رهائن والتهديد بحرق فرع بنك "بيبلوس" بمنطقة الغازية في مدينة صيدا عاصمة محافظة الجنوب، مطالبا بالحصول على أمواله المودعة في البنك منذ سنوات.
وفى هذا السياق حذر حسن مغنية، رئيس جمعية المودعين بلبنان، من تزايد تدهور الأوضاع إن لم يكن هناك خطة حل شاملة للوضع الاقتصادى والمالى بشكل عام، وأزمة المودعين بشكل خاص.
أضاف، في تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، أن الأزمة ممتدة لثلاث سنوات دون تحرك من الجهات المسئولة أو الحكومة، ولم تتخذ أي خطوات لحماية حقوق المودعين، هناك مودعون فقدوا أرواحهم بسبب تلك الأزمة خاصة أن القطاع الطبي والصحى في لبنان في حالة تدهور، ولا تقبل المستشفيات استقبال المرضى إلا من حاملى الدولار وليس العملة المحلية.
وأكد مغنية أن عمليات الاقتحام من قبل المودعين للمصارف ستتضاعف خلال الأيام المقبلة.
وأشار مغنية، إلى أن العجز في أموال المودعين بالمصارف اللبنانية حوالي 84 مليار دولار، موضحا أن المودعين لهم حوالي 94 مليار دولار والموجود في مصرف لبنان 10 مليارات دولار فقط بمعنى أن العجز 84 مليار دولار والسلطات اللبنانية لم تفعل أي شيء.
لبنان يحتاج خطة إنقاذ
من جانبه قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إن لبنان يحتاج لإنقاذ لا يتحقق إلا بالتعاون بين الحكومة ومجلس النواب بعيدًا عن الشعبوية والإنكار مع تغليب الوطنية والواقعية، داعيًا أعضاء مجلس النواب للتصرف بروح التعاون.
وأوضح ميقاتى، أن خلال الأعوام الماضية كانت الموازنة العامة تساوي 17 مليار دولار، ولكن في هذه السنة باتت الموازنة تساوي مليار دولار، مؤكدًا أن الحكومة يلزمها حوالي 3700 مليار ليرة لصيانة الطرق (أي حوالي 100 مليون دولار) فيما تخصص الموازنة لصيانة الطرق مبلغ 250 مليار ليرة فقط.
الموازنة
وأضاف ميقاتى، أن الموازنة المعروضة على مجلس النواب هي موازنة تصحيحية لمرحلة انتقالية، لها صفة طارئة لتفادي الوضع الحالي وهو الصرف على القاعدة الإثنى عشرية (وضع قيمة تقديرية لإنفاق الحكومة يوازي قيمة الانفاق الفعلي خلال آخر 12 شهرًا).
وقال ميقاتي إن البديل الوحيد عن التعاون بين لجميع لإقرار الموازنة هو "لا موازنة"، أي العودة إلى الإنفاق على القاعدة الاثنى عشرية التي لا تلبي الانفاق المستجد، معتبرًا أن أي رفض لهذه الموازنة يعني عمليًا العودة إلى واردات على سعر صرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد، مما يعني مزيدًا من سرقة ايرادات الدولة على حد وصفه.
سالى حافظ ـ أحد المودعين
وشدد ميقاتي، على أنه لا يتهرب من المسئولية، معتبرًا أن المسئولية تفرض التعاون طالمًا الهم واحد والهدف واحد، داعيًا لإقرار الموازنة وإقرار ما يلزم من تعديلات، معتبرًا أن كل الأمور قابلة للتصحيح طالما الهدف واحد.
أسباب الأزمة
يعانى اللبنانيون أزمة مالية خانقة مستمرة منذ أواخر العام 2019، عندما تداعى الاقتصاد تحت وطأة الدين العام، وتم تجميد أرصدة المودعين بالعملة الصعبة إلى حد بعيد منذ ذلك الحين، وفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 %من قيمتها.
تفاقمت أزمة الودائع المصرفية في بنوك ومصارف لبنان، حيث لا يستطيع المودعون الحصول على أموالهم في ظل الأزمة الاقتصادية وأزمة السيولة في لبنان، وسبق أن نظم المودعين عدة وقفات احتجاجية أمام مصرف لبنان المركزى مطالبين البنوك بتحمل تبعات الانهيار الاقتصادى.
إن الخسائر المصرفية بلبنان مرتبطة بالعمليات التي استهدفت تثبيت سعر الصرف إلى جانب إنفاق البنك المركزى نحو نصف احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي لدعم الليرة ودعم السلع، ومنها القمح والأدوية، منذ بدء التراجع الاقتصادي في لبنان عام 2019، وازدادت الأزمة تفاقما في عام 2020 عندما تخلف عن سداد سندات خارجية قيمتها 1.2 مليار دولار.
ومن جانبه نفى نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي ـ في وقت سابق ـ أن تعتمد الدولة على صندوق سيادي أو احتياطيات الذهب لتعويض المودعين الذين فقدوا مدخراتهم.
من جانبه كان سعادة الشامى نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال بلبنان، قد عبر عن معاناة لبنان قائلا، إن الدولة تقف الآن على مفترق طرق ويبرز مساران لا ثالث لهما، إما الاعتراف بالواقع وبالأزمات العميقة التي نعاني منها، والتعامل معها وجهاً لوجه مما يعني اتخاذ الإجراءات المطلوبة والقيام بالإصلاحات الضرورية والملحة، والتي تضع البلد على السكة الصحيحة؛ أو ترك الأمور على ما هي عليه واستمرار حالة الإنكار عند البعض لن يبقينا حيث نحن الآن، بل سيدفع بالبلاد إلى المزيد من الانزلاق إلى الهاوية.
أضاف أن التقاعس عن القيام بما يجب القيام به ليس خيارًا بالنسبة لنا، ولم تعد مسألة شراء الوقت التي اتسمت بها معظم السياسات المالية والنقدية على مدار السنوات الماضية ممكنة، لأن الوقت أصبح نادرًا جدًا وبالتالي ذا قيمة جد مرتفعة، لن ينقذنا أحد إذا لم نحاول إنقاذ أنفسنا.
وأوضح الشامى: إن مشاكلنا كبيرة لدرجة أن القليل من المساعدة من الأصدقاء المتبقين لنا في العالم لن يؤتي بالنتائج المرجوة، مشاكلنا أكبر من أن ينقذنا الآخرون، ولكن مع اتخاذ الإجراءات الصحيحة وبمساعدة المجتمع الدولي، يمكننا أن نخطو أولى الخطوات على طريق التعافي أي تأخير في المضي بالإصلاحات لن يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة فحسب بل سيزيد من الوقت اللازم للخروج منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة