"كنت زي غريق بيحاول يتعلق بأي حاجة عشان تنجده" هكذا وصفت علاقتها به التي جاءت بعد صدمة عاطفية كبيرة، وقالت بأسى: "ارتبطت عاطفيًا بشخص لمدة 8 سنوات تحملت خلالها ضغوط نفسية وعصبية كبيرة حتى تمت الخطوبة، لكن الفرحة لم تتم، انتهت الخطبة بعد 6 أشهر لأنه من الأساس كانت علاقتنا مليئة بالمشاكل وامتدت المشاكل إلى أهلي.
انتهت الخطوبة وبعدها تقاربت مع شاب من أقاربي، كان بيننا تعارف من البداية، ولكننا تقاربنا أكثر بعد فسخ الخطوبة لأنه كان شاهد على مشاكلي الأخيرة مع خطيبي بحكم قرابتنا. بعد فترة اعترف لي بحبه ووعدني بأنه سيخاف علي ويراعيني ولن يعرضني مجددًا لما عشته مع خطيبي.
رأته طوق نجاه سينتشلني من كل ما أعانيه من مشاكل مع أهلي بسبب خطوبتي السابقة، وغدر وتعب من الدنيا. مع الوقت أصبحنا أقرب من الوريد لبعض، ولكن، بعدما كان هو من يحبني ويستميت للفت نظري وشد انتباهي أصبحت أنا المتعلقة به أكثر من اللازمة ولا يمكنني الاستغناء عنه.
من فترة قريبة ازدادت العلاقة في التغير. بدأ يتحول تدريجيًا ويقل اهتمامه تدريجيًا حتى أصبح شبه منعدم. معاملته لي ساءت وأصبحت أشعر أنه ينتظر لي غلطة. كلمة مني يمكن أن تشعل حريقا بيننا. أكثر ما أوجعني وأفزعني هو أنني هنت عليه. أصبح من الممكن أن يراني منهارة ولا تهتز له شعرة. تطور الأمر لدرجة أنه أصبح يحظرني على الموبايل ومواقع التواصل الاجتماعي، ورغم ذلك، ولشدة تعلقي به، أصبحت أفعل المستحيل لأصل له وأراضيه رغم أنني من يحتاج لاعتذار منه.
حين ساءت الأمور للغاية واجهته، وسألته ماذا غيره فقال "انتي مش شبهي ومش قادرين نفهم بعض وتعبتيني نفسيًا وعلاقتنا مرهقة" قلت له إذا كنت ترى ذلك لماذا لا تتركني فرد "مش انتي اللي تتسابي أنا بحبك بجد" الحيرة تمزقني وحبه يعذبني. أزحت كل مشاكلي جانبًا وأصبح هو مشكلتي الأساسية لكني حقًا عاجزة عن تحمل قسوته وأن تمر الأيام ولا يفكر أن يتواصل معي ولا يكلمني بينما أنا غير قادرة على الاستغناء عنه. أتمنى أن أجد حلاً لأني فعلاً مدمرة.
****
القارئة العزيزة، بينما أقرأ مشكلتك ترن في أذني العبارة الشهيرة من الفيلم العربي القديم "الدواء فيه سم قاتل". كان هذا الحبيب بمثابة الدواء الذي لجأتِ له لرتق الجرح الذي خلفته العلاقة السابقة، ومع الوقت تحول الدواء نفسه إلى سم قاتل لنفسيتك ومشاعرك.
حين نفكر في إنهاء علاقة عاطفية طويلة أكثر ما يرعبنا هو ذلك الفراغ الشاهق الذي يخلفه استئصال الحبيب من حياتنا. التفاصيل الكثيرة التي كنا نشاطره إياه، المشاعر التي نحتاج ليس فقط لتلقيها وإنما أيضًا للإغداق بها. روتين يومنا الذي يدور بالكامل حول وجوده. حين انتهت علاقتك السابقة التي استهلكت من عمرك ومن مشاعرك الكثير لم تكن أمامك تلك الفرصة للحزن ولعق الجراح.
لم تشعري بذلك الفراغ الذي خلفه الحبيب السابق لأن شخصًا ما كان هناك ليسد الثغرة وكأن شيئًا لم يكن. لم تأخذي وقتًا كافيًا لتطهير الجرح، للتعافي، ولا حتى للتدقيق والنظر في الأخطاء التي أدت لانتهاء العلاقة السابقة، ولا التأكد من أن هذا الشخص الذي يحاول ملء ذلك الفراغ يلائمك فعلاً. فكانت النتيجة بالطبع هي أن تتعلقي بشكل مرضي وإدماني بوجوده لأن غيابه سيعني مواجهة جرحًا مضاعفًا وأحزانًا جديدة وأخرى مؤجلة.
تؤكد ذلك الدكتورة إيمان عبد الله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، حيث تقول إن هذه العلاقة هي علاقة سامة بشكل واضح، ولهذا تستنزف طاقتك ونفسيتك، وأنتِ بنفسك قلتِ أنه أصبح مشكلة حياتك الرئيسية. في العلاقات السامة تفتقدي الشعور بالاستقرار والأمان، لا يتم التواصل بشكل متوازن ولا يكون الاهتمام متبادل. ميزان المشاعر في العلاقة كان مختلاً من البداية، فقد كانت مشاعره حين حاول التقرب منك أكثر بكثير من مشاعرك تجاهه، فأغدق عليكِ باهتمام غير طبيعي، وغير متبادل، والآن أصبحت كفة مشاعرك هي الأثقل، فتغدقي أنتِ عليه بالاهتمام لدرجة توسله لأنك أدمنتِ وجوده وأدمنتِ لذة أن يظهر لك حبه واهتمامه.
هذا الشخص لم يتعامل معك بنزاهة من البداية، فمن الواضح أنه استغل نقاط الضعف التي يعرف بها من واقع مشكلتك العاطفية السابقة ووعدك بأنه سيلبي تلك الاحتياجات التي يعرف أنها ماسة لديكِ، بينما هو في الحقيقة يريد الحصول على اهتمامك وتعلقك فقط، وإلا كان اتخذ خطوة جادة حين أبديتِ قبولاً وإعجابًا ، بل وحبًا كذلك.
هو الآن يعلقك في وضع الانتظار، لا يريد الاهتمام بك وتحمل مسؤولية علاقتك، ولا يريد أن يتركك لتتجاوزيه وتنتهي من الأمر. وللأسف الحل الوحيد السليم لهذه العلاقة هو إنهائها. قال إنك "ما تتسابيش" وهذه حقيقة، لا تنتظري أن يقطع الخيط بنفسه وينهي الأمر، الأفضل لكِ ولكرامتك ونفسيتك أن تأخذي الخطوة بنفسك.
اتخذي قرارًا حاسمًا من داخلك بإنهاء العلاقة. استعيني بورقة وقلم ودوني كل ما ترصدينه من عيوب فيه ومن مشاكل تزعجك في العلاقة. واجهي نفسك بحقيقة أنه لن يمكنك الاستمرار في مثل هذا الوضع المرهق والمزعج وابدأي خطوات جادة في الانسحاب. ستتعرضي للكثير من الألم، سيمزق قلبك الحنين، ولكن "وجع ساعة ولا كل ساعة" كما يقولون. ويمكنك أن تقللي قدر الألم كثيرًا إذا ركزتِ أكثر على نفسك، على تطوير مهاراتك وتوسيع دائرتك الاجتماعية ووفرتِ لنفسك دعمًا ومساندة يعززان قدرتك على تجاوز ألم الانفصال.
خدمة وشوشة
فى إطار حرص "اليوم السابع" على التواصل المباشر مع القراء، وتقديم الخدمات المختلفة والمتنوعة، أطلقت "اليوم السابع" خدمة "وشوشة" لتلقى أى استفسارات أو مشاكل نفسية أو اجتماعية أو تربوية، على أن يتم عرض المشكلات على الخبراء والمختصين الموثوقين ونشر الردود عبر الموقع الإلكتروني والجريدة.
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس اب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة