عمى النبات، هذا ما يسميه العلماء بالطريقة التي نفشل نحن البشر في كثير من الأحيان في ملاحظة التنوع المذهل فيها وتعقيد الحياة النباتية من حولنا لكن باكو كالفو خالٍ من هذا فهو يدير مختبرًا في إسبانيا يدرس سلوك النبات، محاولًا معرفة ما إذا كان يجب تصنيف هذا السرخس نصف الميت الذي نسيت سقيه على حافة النافذة على أنه "ذكي"، وهو ما كشف عنه بالتفصيل في كتابه النبات الحكيم أو Planta Sapiens.
تتجه بعض الأزهار نحو الشمس بينما تتعقب أخرى السماء، وتغلق بعض النباتات أوراقها عند لمسها، ولكن يُفترض عمومًا أن تكون سمات مثل هذه ردود أفعال تلقائية، لا تختلف عن طريقة ارتعاش ساقك عند النقر على الركبة.
في Planta Sapiens، يحاول كالفو أن يوضح لنا أن أصدقاءنا من البيئة الخضراء يفعلون أكثر بكثير من مجرد رد فعل أعمى على التغيرات البيئة من حولهم، وهو يعتقد أنهم "يخططون مسبقًا لتحقيق الأهداف" و"يتفاعلون بشكل استباقي مع محيطهم"، حيث يتصارعون مع التغييرات التدريجية في التربة أو الظهور المفاجئ لحيوان مفترس.
كما أن بعض النباتات وفقا لكتاب كالفو "تتذكر" حالات الجفاف السابقة، مما يحافظ على المياه بشكل أكثر فعالية من النباتات التي لم تواجه فترات جفاف طويلة من قبل.
بطريقة ما لا ينبغي أن يكون ذلك مفاجأة، فقد تطورت النباتات في نفس العالم الذي لا يمكن التنبؤ به كما فعلنا، ومثلنا يجب أن تكون النباتات قادرة على الاستجابة للظروف المتغيرة من أجل البقاء.
لقد عرف العلماء منذ فترة طويلة أن النباتات يمكن أن تتواصل مع بعضها البعض باستخدام المركبات الكيميائية ومن المفهوم أيضًا منذ فترة طويلة أنها تستخدم إشارات كهربائية (مثل الحيوانات) لتنسيق استجابتها الداخلية للعالم من حولها.
يصف كالفو أمثلة أكثر تعقيدًا لسلوك النبات مثل تصرف البعض منها بشكل مختلف عند التنافس على الموارد ضد الأنواع الأخرى.
يعد Planta Sapiens كتابًا مهمًا حيث يكشف على سبيل المثال، أن رائحة العشب الطازج تأتي من المواد الكيميائية التي يطلقها النبات المصاب لتحذير الأعشاب القريبة لتعبئة دفاعاتها حال تعرضها للجز.
أما نباتات الميموزا فتغلق أوراقها عند لمسها لحماية نفسها من الحيوانات المفترسة كما اتضح أن بعض نباتات الميموزا تغلق بسرعة، بينما البعض الآخر أبطأ، مما يوحي، كما يؤكد كالفو أن النباتات الفردية لها "شخصيات" مختلفة.
موضوعات الكتاب بوجه عام نزخر بكتابة تملأ القارئ بشعور من الدهشة مما يشجعنا على التفكير في أنفسنا كجزء من محيط حيوي معقد وذكي يشمل النباتات والحيوانات على حد سواء.
عند قراءة هذا الكتاب يمكننا على الفور تذكر مسلسل The Green Planet الأخير على قناة BBC حيث يستحق المونولوج الختامي للسير ديفيد أتينبورو أن يُسمع على نطاق واسع: "لقد تغيرت علاقتنا بالنباتات عبر التاريخ والآن يجب أن تتغير مرة أخرى. إذا فعلنا ذلك، فسيكون مستقبلنا أكثر صحة وأمانًا وسعادة، النباتات هي أقدم حلفائنا ويمكننا معًا أن نجعل هذا الكوكب أكثر خضرة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة