سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21أغسطس 1169 صلاح الدين الأيوبى يسحق «الفرقة السودانية» فى جيش الفاطميين ويرسل جنوده لحرق مساكنهم بحى المنصورية

الأحد، 21 أغسطس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21أغسطس 1169 صلاح الدين الأيوبى يسحق «الفرقة السودانية» فى جيش الفاطميين ويرسل جنوده لحرق مساكنهم بحى المنصورية صلاح الدين الأيوبى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عين العاضد لدين الله، خليفة الدولة الفاطمية، «صلاح الدين» وزيرا وقائدا للجيش فى 26 مارس 1169، وعمره 31 عاما، وخوطب باللقب التشريفى الجديد «الملك الناصر»، والمفارقة أنه آخر وزير فاطمى، والشخص الذى أدار الطقوس الأخيرة لهذه الدولة، حسبما يذكر عبدالرحمن عزام، فى كتابه «صلاح الدين وإعادة إحياء المذهب السنى» ترجمة الدكتور قاسم عبده قاسم.
 
جاءت هذه الخطوة فى توقيت يصفه الدكتور سعيد عبدالفتاح عاشور فى كتابه «الناصر صلاح الدين»، قائلا: «كانت الدولة الفاطمية تحتضر فعلا منذ منتصف القرن الثانى عشر، وظلت تعيش أيامها الأخيرة فى جو مشبع بالمؤامرات لا يتورع الأب فيه أن يقتل ابنه، وصار الخلفاء اسما لا معنى، على حد قول ابن الأثير»، ويشير «عاشور» إلى أن ذلك كان فى توقيت وجود الصليبيين فى بيت المقدس، واستيلائهم على «عسقلان» عام 1153، وتحويل المسجد الكبير إلى كنيسة تحمل اسم القديس بولس، وكانت تلك خطوة منهم للاستيلاء على مصر
 
كان الوجود الصليبى هو الخطر الذى يعد صلاح الدين العدة له على المدى البعيد، ولهذا كان عليه أن يواجه المشكلات التى نبتت أمامه داخليا وخارجيا، ووفقا للدكتور محمد حلمى أحمد فى كتابه «مصر والشام والصليبيون»: «كانت الناحية المذهبية من أهم هذه المشكلات التى تقرر معالجتها فى اللحظة الأولى، فصلاح الدين قائدا لجيش سنى المذهب، ووزير لخليفة شيعى إسماعيلى مغال، فهو مزدوج الولاء عملا ومذهبا، لكن هذا لم يعقه عن اتخاذ الخطوة الأولى بتعيين قضاة سنيين من المذهب الشافعى، فى جميع أنحاء مصر، وجعل الرئاسة فيهم لقاضى القضاة الذى اتخذ مقره القاهرة، وأضاف إلى ذلك تعطيل الجامع الأزهر الذى كان مقرا لمجالس الدعوة الرسمية الفاطمية حتى يوقف النشاط المذهبى بطريقة حاسمة، وأنشأ المدارس السنية للمذاهب الفقهية الأربعة، إلى جانب مكاتب تحفيظ القرآن».
 
وكانت «الفرق السودانية» (أى السود) أكبر الأخطار الداخلية، فبعد توليه الوزارة وصلته أنباء عن مؤامرة خيانة تدبر ضده، يذكر «حلمى»: كانت إليهم الحراسة الخاصة لقصر الخلافة، وحسد قائد هؤلاء «السودانيين» صلاح الدين على نفوذه المتصاعد، وهو الذى كان ينتظر له الفشل لحداثة سنه، فأراد أن يستعيد للخلافة مكانتها ليكون له هو إلى جانبها شىء من النفوذ والسلطان، فأرسل رسلا إلى ملك بيت المقدس يدعوه إلى التعاون على إسقاط صلاح الدين بهجوم فرنجى خارجى، وثورة سودانية داخلية تشتت جهوده وتقضى على جيشه»، ويؤكد عبدالرحمن عزام: «اشتهرت هذه الفرقة بالوحشية، وقيل إنهم إذا ما ثاروا ضد أحد الوزراء فلا بد أن يقتلوه، وفى كل يوم كانوا يزدادون وقاحة وعنفا، وتحكى رواية شاهد عيان أنهم كانوا يقطعون الطرقات ويستولون على أموال المسافرين، أو يسفكون دماءهم، وعندما وصلت أخبار المؤامرة إلى صلاح الدين، أخفى معرفته بها، وانتظر اللحظة المواتية، ولما وصل أخوه من الشام تشجع لضرب الحركة، وتم القبض على «مؤتمن الخلافة» (قائد الحراسة الخاصة لقصر الخلافة)، وذُبح، وأرسل رأسه إلى صلاح الدين الذى عين «قرقوش» مكانه،
يضيف عزام: «فى 21 أغسطس، مثل هذا اليوم، 1169، هبت الفرقة السودانية علنا فى عصيان مناوئ، واتخذوا موقعهم فى الميدان الكبير بالقاهرة بين القصر الغربى، والقصر الشرقى، وانضم إليهم كل من كان يخفى عداوته لصلاح الدين، وبلغ عددهم نحو خمسين ألفا»، يذكر عزام، أن جنود الفرقة كانوا يعرفون مدينتهم، واختاروا موضعهم بشكل جيد، واستمر القتال العنيف يومين، وظل صلاح الدين مرابطا فى الخلف، وعيناه تركزان على قصر الخلافة، لا على المعركة الجارية أمامه».
 
يؤكد عزام: «فى اليوم الثالث حدث تطور درامى مزعج، عندما أمطر الرماة الأرمن، رجال صلاح الدين بوابل من السهام من قصر الخليفة، وفى الحال استدعى صلاح الدين، أخاه وتناقشا مناقشة مغلقة عاجلة، وبعدها أمر بإحراق المكان الذى أطلقت منه السهام فى القصر، فأرسل الخليفة يحثه على سحق الفرقة السودانية، فدفع صلاح الدين بما بقى من قواته فى المعركة وساق السودانيين خارج الميدان حتى باب زويلة، ثم أمر بإغلاق جميع الشوارع بحيث لا يكون هناك مهرب، وفى سوق السيوفيين بالقرب من باب زويلة، وقف السودانيون وقفة باسلة، لكنهم لم يستطيعوا الصمود أمام هجوم القوات الشامية، وعندما وصلتهم الأنباء بأن صلاح الدين أرسل رجالا لإحراق مساكنهم فى حى المنصورية، تأكدوا أنه لن يُظهر رحمة تجاههم، وكان توران شاه، هو الذى طاردهم حتى الجيزة حتى ذبحهم عن بكرة أبيهم».
 
غير أن «حلمى» يذكر أن صلاح الدين هزمهم، ثم اضطرهم إلى الهجرة لأعالى الصعيد سنة 1170، وهناك تجمعوا مرة أخرى وأشعلوا نيران ثورة عارمة انضم إليها صاحب بلاد النوبة، وجاء إليهم «توران شاه» على رأس فرقة من الجيش، مزقتهم وفرقتهم إلى بلاد النوبة عام 1173.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة