ذكرت دراسة أعدها المرصد المصرى التابع للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية أن الإصلاحات التى قامت بها مصر فى قطاع الطاقة أدت إلى أن يحظى القطاع بتحول كبير، ويمثَل عامل جذب للاستثمارات لاسيما فيما يتعلق بالاكتشافات من الغاز الطبيعي، ومهدت تلك الاكتشافات الرئيسة من الغاز الطبيعى فى شرق البحر الأبيض المتوسط الطريق لرفع مكانة مصر فى المنطقة كمركز لإنتاج الغاز، ووفرت فرصًا جديدة للتكامل الإقليمي، لتصبح مصر ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعى فى إفريقيا بعد الجزائر ونيجيريا.
قالت الدراسة التى أعدتها الباحثة أسماء فهمى، أنه وفقا للتقرير الصادر فى إبريل عام 2022 من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كان الوقود الاكثر استهلاكًا فى مصر الغاز الطبيعى يليه البترول والسوائل الأخرى فى عام 2020، وشكلت الطاقة المتجددة والفحم 6% و1% على التوالى من إجمالى استهلاك البلاد لنفس العام، ويستخدم الفحم فى المقام الأول فى القطاع الصناعى فى مصر.
وأكدت الدراسة أن مصر تعد أكبر سوق للغاز الطبيعى فى القارة، حيث تستهلك ما يقرب من 65 مليار متر مكعب فى عام 2021 موضحة أن ما يعادل تقريبًا إجمالى صادرات الغاز الطبيعى المسال فى إفريقيا فى عام 2021 (58 مليار متر مكعب)، وكان نمو الاستهلاك مدفوعًا بشكل أساسى باحتياجات قطاع الطاقة والذى يمثل أكثر من 60% من إجمالى استهلاك الغاز فى البلاد، وظل الطلب على الكهرباء قويًا فى عام 2021 مع زيادة تقدر بنحو 8% على أساس سنوي، ولكن الاتجاه تباطأ بشكل عام فى السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء، كجزء من خطة الحكومة للإلغاء التدريجى لدعم الطاقة بحلول عام 2025.
وأوضحت الدراسة أن مصر تمتلك 63 تريليون قدم مكعبة من احتياطيات الغاز الطبيعى المؤكدة، بدءًا من يناير 2021، وارتفع إنتاج مصر من الغاز الطبيعى بشكل ملحوظ نتيجة الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعي. وعزز زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعى الاكتشافات البحرية التى تم إجراؤها فى العقد الماضى فى البحر الأبيض المتوسط، وشهدت أنشطة المناقصات فى مشاريع التنقيب والإنتاج تحسنًا كبيرًا أدى إلى توقيع اتفاقيات متنوعة مع شركات النفط العالمية لاستكشاف الغاز ومشاريع التطوير.
لفتت الدراسة إلى أنه فى 2018، استطاعت مصر أن تحقق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى مع ارتفاع معدل إنتاجها إلى 6.3 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميًا، بزيادة تزيد على 30% منذ عام 2016، مما جعل مصر واحدة من أكبر المنتجين فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأدى ذلك إلى تقدم القاهرة المتزامن فى تطوير موارد الطاقة المتجددة، حيث أوجد الغاز الطبيعى ومصادر الطاقة المتجددة معًا فائضًا فى الكهرباء يمكن تسويقه، ومن المقرر أن ينمو بشكل كبير فى المستقبل القريب مع بدء مشروعات الطاقة المتجددة الإضافية والطاقة النووية فى مصر.
ومن أهم المشاريع التى تم تسريعها من أجل تحقيق تنمية القطاع ظهر وأتول ونورس، وجدير بالذكر حقل ظهر الذى تم اكتشافه فى عام 2015 وصل إلى ذروته عند 1.1 تريليون قدم مكعبة سنويًا فى فبراير ومارس 2021، وفى الوقت نفسه ظل استهلاك الغاز الطبيعى ثابتًا نسبيًا، مما سمح لمصر بتصدير بعض فائض الغاز الطبيعي، ويمكن الاطلاع على تطور إنتاج مصر من الغاز الطبيعى من خلال الشكل التالي:
وسجًلت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعى والمسال خلال الأربع أشهر الأولى من العام الحالى 2022 ارتفاعًا بنسبة 98% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضى لتصل إلى 3.892 مليار دولار، وصعدت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعى من 456 مليون دولار خلال العام 2020 لتصل إلى 3.959 مليار دولار عام 2021، لتحقق ارتفاعًا بنسبة 768.2%. وهناك توقعات بأن ترتفع صادرات مصر من الغاز الطبيعى والمسال لتصل إلى 7.5 مليون طن بنهاية العام الحالي، وذلك بفضل ارتفاع مستويات الإنتاج المحلى والتوسع فى تصدير الغاز الطبيعى إلى أوروبا.
واستطاعت مصر فى وقت قصير أن تحقق طفرة فى إنتاج الغاز الطبيعى وتحقيق الاكتفاء الذاتى منه، بفضل إدخال الإصلاحات والتوسع فى المشروعات وانتهاءً بتأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط"، ليمكنها ذلك من سد احتياجاتها المحلية والمساهمة فى توفير جزء من احتياجات الأسواق العالمية، لينعكس بذلك على ارتفاع إيرادات القطاع وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى الإجمالي، وجذب استثمارات الشركات العالمية العملاقة للعمل فى مجال اكتشاف الغاز الطبيعي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة