أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الأمن القومى المصري يعد مسئولية جماعية تشترك فيها الدولة والمواطن، مشيرا إلى أن الحوار الوطني في حد ذاته هو جزء من متطلبات الأمن القومي.
وشدد إبراهيم في مقال بعنوان "الحوار الوطني والأمن القومي" نشرته صحيفة (الأهرام) بعددها الصادر اليوم الاثنين، على أن مصر لديها قيادة سياسية وطنية تتفهم تماما معنى الأمن القومى، ونجحت في الربط بوعى وحرفية بين قطار التنمية المتسارع في ربوع الدولة وبين متطلبات الأمن القومي، خاصة على مستوى الاتجاهات الاستراتيجية.
وقال "تترقب الأنظار موعد انطلاق الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث يقوم المنسق العام للحوار بالإعلان تباعاً عن التطورات التي تؤكد تزايد نسب الموافقة على المشاركة، وفي رأيي أن قضية الأمن القومى سوف تلقى بظلالها على الحوار باعتبارها إحدى القضايا التي من الطبيعي أن تحظى باهتمام الرأي العام ومختلف الأحزاب والمؤسسات، بل إنها سوف تعد إحدى أولويات النقاش باعتبارها تمثل القاعدة الرئيسية التي ينطلق منها بحث أية قضية".
وأضاف أنه في ضوء القناعة بأن الأمن القومي المصري يعد مسئولية جماعية تشترك فيها الدولة والمواطن "فسوف أحاول في هذا المقال توضيح بعض جوانب تحرك الدولة في مجال الحفاظ على أمنها القومي انطلاقاً من قناعتي بأن الحوار الوطني المزمع في حد ذاته هو جزء من متطلبات الأمن القومي".
وتابع إبراهيم أنه من الأمور الإيجابية التي يجب التنويه إليها أن مصر لديها قيادة سياسية وطنية تتفهم تماما معنى الأمن القومي ونجحت تماما في الربط بوعي وحرفية بين قطار التنمية المتسارع في ربوع الدولة وبين متطلبات الأمن القومى، خاصة على مستوى الاتجاهات الإستراتيجية شرقا وغربا وهذه هي الرؤية السليمة التي تضفي مزيدا من القوة إلى مقدرات القوة الشاملة للدولة.
واستطرد نائب المدير العام قائلا إنه "لا يمكن لنا الحديث عن قدرة الدولة المصرية على مواجهة المخاطر التي تواجهها على المستوى الخارجي دون أن تكون هناك ركيزة داخلية تستند عليها في مواجهة التحديات والمهددات، وفي يقيني أن لدينا جبهة داخلية قوية ومتماسكة وقادرة على التصدي لكافة المحاولات التي تبذلها بعض الجهات الخارجية للتأثير على استقرار هذه الجبهة حيث إن كل هذه المحاولات تنهار على أعتاب وعى وإرادة المواطن".
وأشار إلى أن تماسك الجبهة الداخلية يرجع إلى أن القيادة السياسية التي نجحت في مواجهة أخطر تحد داخلي وهو قضية الإرهاب تعي هموم المواطن وتتفهم احتياجاته وتعترف بكل شجاعة أن المواطن تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادي ولا يزال يتحمل بعض تبعات المتغيرات الخارجية التي فرضت نفسها مثل الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنه في المقابل فإن الدولة تبذل جهدا كبيرا وتطرح العديد من المبادرات الاقتصادية والاجتماعية للتخفيف من الأعباء التي تقع على كاهل المواطن ولاسيما الطبقات الفقيرة والطبقة المتوسطة، كما أن هناك قرارات عاجلة يتم اتخاذها من أجل مصالح المواطن تتحمل الدولة تكلفتها وهذا هو المعنى الحقيقي أن تكون لدينا قيادة تشعر بنبض الشارع وتتفاعل معه في حدود إمكانيات الدولة..أما على المستوى الخارجي فإنه من الضروري الإشارة إلى المبادئ التي تحكم رؤية الدولة المصرية لأمنها القومي".
واستعرض إبراهيم المبادئ الأربعة التي تحكم رؤية الدولة المصرية لأمنها القومي، وقال إن المبدأ الأول هو أن مصر لن تسمح لأية دولة أياً كانت أن تعبث بأمنها القومي، وأن هذا المبدأ يعد خطا أحمر لن نسمح لأحد المساس به، أما المبدأ الثاني فهو أن الدولة المصرية قادرة على حماية أمنها القومي وتملك المؤسسات الحرفية التي توفر لها هذه الحماية، سواء الأجهزة الأمنية أو الجيش المصري الذي أصبح واحداً من أقوى جيوش العالم.
ولفت إلى أن المبدأ الثالث يتمثل في أن مصر لا تقبل التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة وترفض في الوقت نفسه أن تتدخل أية دولة في شئونها الداخلية وتحت أي مبرر.. فيما يتمثل المبدأ الرابع في أن مصر لديها علاقات خارجية متميزة على المستويين الإقليمي والدولي وأن أي تحالفات أو علاقات إستراتيجية مع أية دولة ليست موجهة ضد أحد بل تستهدف استقرار المنطقة ورخاء شعوبها.
وقال إنه "إذا انتقلنا إلى أهم القضايا الإقليمية التي تواجهها مصر حاليا، وتؤثر على أمنها القومي، وكيف يتم التعامل معها فسوف أكتفي هنا بتوضيح النماذج الثلاثة التالية"، مشيرا إلى أن قضية سد النهضة الإثيوبي ما زالت تمثل أهم أولويات الدولة المصرية التي بذلت كل الجهد الممكن لحل هذه القضية سياسيا من خلال مفاوضات تحقق مصالح جميع الأطراف، وقال "هنا أؤكد أنه على الجميع أن يعلم تماما أن القيادة السياسية ملتزمة تماماً أمام شعبها بأنها لن تسمح لأحد بالمساس بأمننا المائي، وفى هذا المجال أرى ضرورة أن يتم ترك معالجة هذه القضية للقيادة التي تمتلك وحدها الحسابات الدقيقة، وهو ما يتطلب أن يكون هناك اصطفاف مصري على جميع المستويات لدعم موقف القيادة السياسية في أي تحرك تقوم به".
وأضاف أن مصر حرصت على أن تبذل كل الجهد من أجل حل الأزمة الليبية وما زالت جزءا لا يتجزأ من جميع التحركات للتوصل إلى حل سياسي، وفى هذا المجال يجب أن نتذكر ما أعلنه الرئيس السيسي في يونيو 2020 بأن خط (سرت/ الكفرة) هو خط أحمر لن نسمح لأحد بتجاوزه، وفى رأيي أن التلويح بالقوة في هذا الوقت ساهم بشكل كبير في احتواء أزمة كان يمكن أن تؤدى إلى توترات لولا دقة حسابات القيادة المصرية.
وتابع أن مصر نجحت في أن تنزع فتيل الصراع غير المحسوب في منطقة شرق المتوسط وحولتها إلى منطقة تعاون واستثمار اقتصادي يعود بالنفع على الدول المطلة على هذه المنطقة، وتم تحويل منتدى غاز المتوسط إلى منظمة دولية حكومية عام 2020 ليس ذلك فقط بل أصبحت مصر مركزا إقليميا لتصدير الطاقة.
واختتم مقاله بالقول "إذا ما سبق يعد مجرد نماذج بسيطة تعكس نجاح الدولة المصرية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، وهو الأمر الذي ينطبق على مواجهة مصر الناجحة أيضاً لأزمات أخرى لا يتسع هذا المقال للحديث حول تفصيلاتها، ومن بينها الأوضاع في كل من (قطاع غزة ـ حماس ـ إسرائيل ـ السودان ـ لبنان ـ سوريا ـ العراق ـ اليمن ـ البحر الأحمر) بالإضافة إلى بعض الأزمات الدولية التي يتفاعل معها الدور المصري بصورة إيجابية للغاية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة