فى فلسفة الدول الجديدة دائما ما تقام كيانات ناشئة تقوم على فكرة تعزيز ودعم الفلسفة والرؤية الخاصة للأهداف القومية التى يرغب فيها الجميع، ويسعى إليها الكافة بهدف تصحيح الأوضاع وصولا للغاية الكبرى وهى تحقيق المصلحة العامة للمواطنين، ومن ذلك الاطار يمكننا أن نتفهم طبيعة تكوين وإنشاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، فمنذ 4 سنوات تقريبا كان تفكير الشباب يتطابق تقريبا مع كل الأكلشيهات والموروثات فى الحياة السياسية والحزبية المصرية، فلديهم خيفة ما في تقديم مقترحات تقنع الدولة بهم و كانت تصوراتهم يكتنفها عبارات ترجعهم للخلف، وهي أن الدولة قد لا تستوعب طموحاتهم و أحلامهم ، حتى تحطم ذلك الحاجز النفسى تماما بواسطة الرئيس السيسى نفسه، الذى دعا الشباب للاتحاد أكثر و أكثر بهدف مساعدة الدولة المصرية فى تحقيق ما تطمح إليه و ما يحلم الشباب أنفسهم فى تحقيقه، وهنا كانت الإشارة الحقيقية لبدء ماكينة العمل والتى بدأت بالفعل فى ذلك الوقت تحديدا، و تحققت المعادلة الصعبة بين حلم قيادة تؤمن بفكرة الواقعية والقرارات العاجلة والنافذة، وبين شباب متشعب الثقافات والخلفيات السياسية، وهو ما جعل فكرة التنسيقية أكبر من الأفراد، لأنها قامت بتوفيق الأقدار مع الأحلام النقية والصافية، وهو ما دفع تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لأن تكون درة العمل السياسى الجديد وفق المفاهيم الجديدة التى تناسب الدول الكبرى.
لم تكن التنسيقية فى تفاعلاتها الأولى، إلا جزءا عاما ورئيسيا من صورة الدولة الجديدة، فالدولة الناشئة حينئذ بتفاعلات الشارع كان لديها تداخلات كثيرة للغاية، وكان التحدى الأكبر أمام القيادة في بداية عملها هو العمل على فكرة توحيد الجهود والاصطفاف الوطنى، لذلك كان الحل السحري هو ظهور تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والتى رفعت شعار سياسة بمفهوم جديد، وربما يمكننا أن نضيف على الشعار كلمة سياسة بمفهوم جديد يناسب الواقع الجديد ويناسب البيئة المحلية والإقليمية والعالمية الطاغية على كل القرارات والمسارات، و خير شاهد أن ما يحدث فى أقصى العالم بين روسيا و أوكرانيا يؤثر فى مواطن يسكن بجوار أبو سمبل فى أقصى جنوب مصر.
مثلت التنسيقية شكلا جديدا فى مفهوم الحياة السياسية والحزبية، وهو ما نلاحظه فى كثير من الشواهد، فمثلا كيف يجلس ممثل حزب النور مع عضو من حزب التجمع، وكيف يستطيع المشارك المستقل فى التنسيقية أن يتقبل آراء عضوا فى حزب أو شخصا آخر مستقل، وكيف يحقق هؤلاء الشباب طموحات و تفاعلات 100 مليون مصرى وهم لا يتجاوز عددهم 400 فرد، لذلك ظهرت الحاجة لفكرة صناعة وسيلة لضبط أداء كافة أعضاء التنسيقية، و رفع شعار إنكار الذات، وصولا لفكرة العمل على منظومة التنسيقية ككل، وحدث ذلك التفاعل و الدمج والمزج على مدار 4 سنوات، كان العمل داخل التنسيقية يتطور يوما بعد يوم.
ومن تطوير خطط العمل الداخلى لتطوير المقرات، حتى فى شكل العضو نفسه و مظهره العام، وكذلك الأدوات الحاسمة و القوية لضبط أى تجاوزات، ثم الأدوات القوية فى دعم المميزين والراغبين فى العمل العام وفق الآليات الجديدة، وبين كل ذلك كانت العلاقات الانسانية تزيد يوما بعد يوم بين الأعضاء، و تلك العلاقات كاشفة للغاية ومقربة بين الجميع، فهم موجودين معا فى الأفراح و مادون ذلك، وهم صف واحد فى التفكير والدعم و صناعة القرارات، و هم بنوابهم من يقدمون الطرح للمشاكل بواقعية مجردة، بل ونواب المحافظين لديهم مميزون انطلاقا من الكيان الذى يدعمهم، و كل ذلك يتم في سهولة ونعومة، بل وتمرير جيد للغاية، وسط كافة التشابكات و التداخلات، و هو ما يجعلنا فى نهاية حديثنا لتقديم كافة أشكال الشكر والتقدير للسادة الأفاضل الداعمون للتنسيقية من أبناء الوطن جميعا، فبهم ولهم نعمل بإخلاص و أمانة وتجرد وواقعية وإنكار للذات، ودعما للمصلحة القومية العامة الشاملة، التى تجمع و لاتفرق.
ولكل شباب التنسيقية والمنتمين إليها والجالسون في مقاعد الانتظار للانضمام، أقول لهم أن عليكم مسئولية كبيرة للغاية، ولو أيقنا في داخلنا أن تلك المسئولية حقيقية وواقعية، وأن الوطن بكافة ما فيه يعتمد علينا كجزء من الصورة العامة لفلسفة الدولة ورؤيتها، لأمكننا جميعا أن نصل بالبلاد والعباد لأفضل شكل ممكن، ولاستطعنا بنوابنا وأعضائنا أن نصل لأكبر مساحة متاحة لتحقيق الأهداف النبيلة التى من أجلها أنشئت التنسيقية، ومن أجلها ستستمر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة