محمد حبوشه

رجل الأقدار الذي يقود أمة خير أجناد الأرض

الجمعة، 10 يونيو 2022 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لله في خلقه شئون وشجون، فمنهم من فطره على دينه واصطفاه وأعلى شأنه، ورفع قدره ومقامه بقدر اقترابه من دائرة رحمته الواسعة، فسارفي فلك المؤمنين والصديقين، يخطو خطاهم ويتأسى بأخلاقهم وتعتريه رفعة من نفسهم الزاهدة المتعبدة، ومنهم حط من شأنه ومقامه، طالما دنا من دنيا أحبها، وهام على وجهه فيها، وصار أسيرا لملذاتها وشهواتها الفانية، غير عابئ بنهاية محتومة.

 

ومن ذلك الصنف الأول الذي فطره المولى عز على دينه الحق منذ مولده الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذي نحتفل حاليا بمرور 8 سنوات على تنصيبه رئيسا للجمهورية، وهنا لن أتحدث عن حجم الإنجازات العظيمة والمذهلة التي تحققت في زمن قياسي عبر تلك السنوات، بل سأذهب إلى تحليل أبعاد شخصيته الإنسانية والإيمانية والوطنية، حيث يبدو لنا في أفعاله وأعماله كفيض روحاني خاص ومختلف، وتلك أمور لايدرك كنيتها جيدا ولايستطيع وصفها إلا من ذاق طعمها، وعرف حلاوتها من أصحاب السير الطيبة من المتصوفة والواصلين والعارفين بصحيح الدين.

 

ابتسامة لاتفارقه، إنه العبد البسيط الفقير إلى الله دوما كما يسر بينه وبين نفسه، والذى إذا ذكر ربه أضاء وجهه ولمعت جبهته، وارتسمت السماحة والبشاشة على جبينه الغض الندي، إن ابتسامة جليلة لاتفارقه مصحوبة بوقار وأدب جم، وهى ليست دلالات أو إشارات ترمي إلى الوسامة التى يعنيها البعض، بل إنها أنوار ربانية يصطفي بها المولى بعض عباده المخلصين والودعاء الطبيبن.

 

وإذا حللت جيدا أبعاد تلك الشخصية الكاريزمية للرئيس عبد الفتاح السيسي توصلت إلى أن روايات صاحب نوبل (نجيب محفوظ) كانت نافذته الخاصة ليطلع على العوالم الخلفية للحارة المصرية، ويعرف (أين يعيش) وفي أي مكان يقطن على خارطة الدنيا، وهو الشاب الدؤوب الخجول والملتزم في آن واحد، والذى انشغل فى حداثة عمره بحفظ القرآن الكريم حتى أتمه.

 

ومن قلب الجمالية وعلى طرق النحاسين عرف الشاب (عبدالفتاح السيسى) معزوفة حب الوطن، وفحوى القرب من الناس، لكن حب (السيسي) للجمالية - درة القاهرة الفاطمية - بعبقها وأريج عطرها الندي بقى في نفسه كما هو، وظل هواء الجمالية هو متنفسه الوحيد الذي يحن إليه، وإلى أهلها كلما ضاقت به السبل وتصاريف الأيام، فهم أهله الذين ما زال يذهب إليهم مجاملا فى أحزانهم قبل أفراحهم.

 

وحين تتأمل ملامح وجه هذا الرجل الذي يحمل قدرا من التقى واللين في شخصيته الآسرة، تجده دائما ما ينظر إلى السماء ليس لعجيب أو خيلاء، بل كنوع من التأمل الذى تعودت عليه عيناه اللتين تسبحان في الملكوت الأعلى، وفى خلق الله وقدرته، وهو الذي جعل الله وكيله دائما في كل شأن أو مسألة ورجاء، حيث يستخيره عزت قدرته فى كل قرار قبل أن يتخذه، أو في أمر يحيره ويشغل باله فيعجز لسانه إلا عن ذكر الله.

 

بل إن صفاته تؤكد روعة الإيمان التي يتحلى بها والتي تعود إلى إنها حياة الصلة والثقه بالله جل علاه، والموصولة بحبل سري لا يراه أحد، بل يشعر به فقط أصحاب القلوب العامرة بإيمان ربها مطمئنة لقضائه ليس سواه، وهنا أيضا تكمن روعة الإيمان التي تمتلك النفس، وتولد هذه الروح العجيبة التى تؤثر فى نفوس من يرونها أو يتعاملون معها، دون كثرة الكلام أو الثرثرة، لذلك نجح على مدار السنوات الثمانية الماضية في اجتياز الصعب وبناء دولة حديثة قوامها (الإنجاز والتحدي).

 

حقا إنه الرجل لبيب العقل الذي عرف طريق الله عز وجل منذ نعومة أظافره، وهو الضارب في بطون أمهات الكتب التي كانت ومازالت شغفه الدائم، حيث العودة إلى المراجع الدينية الثقات هوايته لبث الطمأنينه فى نفوس رجال القوات المسلحة على مستوى قادتها وجنودها (خير أجناد الأرض)، كما وعى ذلك جيدا منذ أول طابور تدريبي عسكري له في الجيش، مرورا بحياته التي قضاها كضابط معلومات من طراز رفيع، في دهاليز المؤسسة العسكرية، ووصولا إلى حملته للتخلص من الإرهاب، فكانت فكرة دائما التزود بالمراجع وأمهات الكتب في الفكر والعقيدة، وتلك فكرة صائبة، فكان الله دائما ناصرا له ومؤيدا على قدر إيمانه العميق وعقيدته الدينية الراسخة، حينما امتزجت بعقيدته العسكرية والتي هى أيضا مردها الإيمان بالله وبالقضاء والقدر.

 

ظني أن (الرئيس عبد الفتاح السيسى) الإنسان الذى يتشح برداء إيماني أقرب للصوفي العابد في محراب وطن أصبح قدره المكتوب والمحتوم، هو نفسه الذي يجمع في ذات الوقت بين دهاء (السادات) السياسي، وزعامه (عبد الناصر) بكاريزمته التي سرعان ما ألفها البسطاء من أبناء هذا الوطن، وفوق هذا وذاك يحمل بين جوانحه حنكة (محمد على باشا) مؤسس مصر الحديثة في تشريحه الدقيق لمواطن الألم، وكيفية صناعة الأمل، ذلك الذي تتعلق به جماهير مصر التواقة الآن إلى نهضة تليق بمصر (أم الدنيا) لتصبح على حد تعبيره (قد الدنيا)، وليس من زاد له سوى التوكل على مولاه، إنها حلاوة الايمان التي تتعلق بشغاف قلبه التواق إلى محبة الله.

 

ومن أجل كل ما مضى فقد تحول (الرئيس السيسي) فى مخيلة أهل مصر جميعا وليس أهل الجمالية فقط إلى (الفتوة) - بحسب أجواء محفوظ الروائية - لكن في ثوب العصرى صاحب الكرامة والعزة، وكأنه (عاشور الناجى) خارج لتوه من عباءة التاريخ إلى الواقع المصرى الحالي ليرفع (عبدالفتاح) ابن الحاج (سعيد السيسى) على أعناق (الحرافيش) وكافة طوائف الشعب قبل 8 سنوات لتنصيبه رئيسا للجمهورية ليصبح (رجل الأقدار الذي يقود أمة خير أجناد الأرض).

 

وأذكر في لحظة تنصيبه رئيسا للجمهورية في الثامن من يونيو 2014 أن هذا الرجل العسكري ذو المسحة الإنسانية والمشاعر الدافئة التى تطغى فوق صرامة الجندي، وقف مرفوع الرأس بثقة في الله وحده، وقد تجلت في صفاته في تلك اللحظة الفارقة من عمر وطن على شفا حفرة من الانهيار، وذلك عبر لغة خطابه التي جعلت المصريون يلتفون من حوله، وهذا ليس فضل لأحد عليه، فالرجل استطاع أن يتربع على عرش قلوب المصريين فى فترة وجيزة، بعدما أعاد ضخ دماء الوطنية من جديد فى شرايين مصر والمصريين البسطاء، وأعاد نبض الحيوية لوطن وشعب من جديد، بعدما كان المصير المحتوم هو النهاية المأساوية والضياع والانهيار، بل الخروج من بوابة التاريخ الخلفية بلا عودة.

 

ولأن الأقدار هى التي تصنع الرجال، ومن ثم فإن الرجال هم الذين يصنعون التاريخ، ويسطرون سيرهم العطرة في سجل الفخار بأفعال تتفق مع أقوالهم استجابة لنداء القدر المحتوم في أداء الواجب والتضحية بالنفس التي هى أغلى مايملكون، فتراهم يضعون أرواحهم على أكفهم عن طيب خاطر، إنطلاقا من عقيدة راسخة بأن حب الأوطان والانتماء لترابها المقدس هو شرف يسمو فوق ملذات الدنيا، ويعلو فوق زخرفها البالي، بعيدا عن هوى شخصي أو مصلحة سرعان ما تذروها الرياح مع أول معترك في حياة أمة تجعل منك شهيدا تحت الطلب، فقد عرف ووعي (السيسي) تلك الحقيقة وسار بخطى واثقة مهدت له الطريق لصناعة نهضة حقيقية في مصر عبر 8 سنوات تعدل عشرات السنوات في ميزان الإنجاز.

 

ويبدو لي أن شخصيته (الكاريزمية) هى التي تمنحه طبيعية خاصة وقدرة فائقة في القيادة والإقناع، وهذا من شأنة أسر قلوب ووجدان الآخرين، كما أنها تمتاز بالقدرة على إلهام الآخرين عند الاتصال بهم، وجذب انتباههم بشكل أكثر من المعتاد، وليس هذا فحسب فإنه يبدو لنا شخصية مميزة تتمتع بعدة أساليب يستخدمها فى حواراته مع الآخرين للوصول معهم لمايريده هو وليس هم، فالأسلوب الأول: يتسم بالابتعاد عن الجدال غير المجدي وكثرة المحاورة، وعادة ما تكون كلماته دائما فى العمق، فأفضل طريقة لكسب الآخرين والتأثير عليهم أن تتجنب الجدال معهم، وأن تحاول اختصار الحديث كلما أمكن، لأن الجدال يضعف ثقة الآخرين بك، وبالتالي يضعف قوة تأثيرك عليهم.

 

الأسلوب الثاني: هو شخص دائما ما يتجنب الغضب والانفعال، وهو ما يشير بالضرورة إلى أن أسلوبه الخاص في علاج المشاكل قوامه الرفق واللين والحكمة، تأكيدا لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (إن الله رفيق يحب الرفق، وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف)، وأيضا يقول ابن القيم - رحمه الله – نظما: (وهو الرفيق يحب أهل الرفق .. يعطيهم بالرفق فوق أمان)، ومن ثم يحاول هذا الرئيس السيسي في سعيه الدائم أن يبتعد عن الانفعالات والغضب والتوتر.

 

الأسلوب الثالث: تبدو كلماته كلها طيبة، لذا يكون أكثر تأثيرا، ولعله من أهم الأساليب التي ينبغي أن تتمتع بها هو التأثير على الآخرين بالكلمة الطيبة، فلو أخطأ إنسان أمامك ليس من الضروري أن تقول له في الحال: أخطأت، بل عليك أن تنصحه برفق وبصورة غير مباشرة، بحيث تنتقي الكلمات الحسنة في التعبير عن رأيك فيه، وهذه الطريقة من شأنها أن تترك في الغالب أثراً رائعاً في نفوس من حولك، ولعلنا نلحظ ذلك جيدا في جولاته وفي لقاءته بالجماهير في أي مكان يذهب إليه.

 

الأسلوب الرابع: كلمات هذا الرجل تتصف بالصدق إنطلاقا من إيمان عميق بأنه أقصر الطرق لكسب ثقة الآخرين والنجاح، خاصة أنه يرسخ في قرارة نفسه أن الصدق هو أساس النجاح في الحياة، ولذلك يؤكد علماء النفس أن الطريق الأقصر لكسب الآخرين والتأثير عليهم هو الصدق في القول والعمل معا وليس إحداهما دون الآخر، وهو ما يتسق تماما مع قول الحق تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)، ويؤكد سبحانه أيضاً بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

 

الأسلوب الخامس: الامتناع عن استخدام كلمة (لا) فى الحديث المعتاد له، جراء إدراكه الواعي بأنها تأتي من خلفية كونها كلمة سلبية يحاول الابتعاد عنها قدر الإمكان، وهذا الأسلوب اكتشفه علماء البرمجة اللغوية العصبية في أثناء مراقبتهم لأولئك الناجحين وأصحاب الثروات والشهرة، حيث وجدوا أن أسلوبهم في التعامل مع الآخرين قائم على النصيحة، وليس على تخطئة الآخرين وذمهم وتأنيبهم.

 

وبعد كل ما مضى يمكنك أن تكشف من استفهامات ودلالات يشير بقوة إلى شخصية (الرئيس عبد الفتاح السيسى) بتحليل لغة وطريقة أدائه الأسرة للقلوب، بل يبدو واضحا أن مقومات (الكاريزما) تتوفر لديه بقدر يمنحه الطاقة الخلاقة المبدعة في أحلك الظروف وأعقدها، ليبدو لك ذلك الشخص السهل الممتنع، الذي تحيطه هالة نوارانية تكسوها نفحات روحانية مستمدة من صحيح الدين، ورحم العادات والتقاليد التي يرمي دوما لتأصيلها في نفوس الجماهير التواقة إلى ربط الماضي بالحاضر في ثوب يجمع بين الآصالة والتجديد، بينما طقوسه الدينية التي يمارسها عن طيب خاطر هى ملاكه الحارس الذي يلازمه في كل مساعيه، وهى التي تصنع له الرؤية الصائبة والقدرة على تحمل الأعباء والمشاق، ومن ثم فهى تحدد له دائما معالم الطريق الصعب في كيفية صناعة مستقبل أمة قوامها خير أجناد الأرض.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة