جمال عبد الناصر

الوعى شعار دراما رمضان 2022

الثلاثاء، 03 مايو 2022 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعيدا عن الأعمال الوطنية، فإن دراما هذا العام كانت متنوعة وثرية وأغلبها تحمل رسائل وتناقش قضايا وتطرح هموما يواجهها المواطن المصرى، ومزج الكثير منها بين الإبداع الفنى والأداء المتميز للممثلين والإخراج والديكورات ومنها مثلا رائعة الكاتب الكبير عبدالرحيم كمال «جزيرة غمام» المفعم بالخطوط الدرامية المتوازية والدلالات المهمة ، والذى حمل الكثير من الإسقاطات التاريخية والدينية والسياسية، فشخصية خلدون التى قدمها الفنان طارق لطفى، لك أن تفسرها وتسقطها على الكيان الصهيونى مرة  أو على كل محتل ظالم معتد أو على الجماعات التى تتغلل فى نسيج أى مجتمع حتى تتمكن وتسيطر كالإخوان، أيضا ستجد القضية الفلسطينية حاضرة بقوة فى هذا العمل، هذا فيما يخص المضمون، أم فيما يخص الشكل الفنى فسنجد أن المسلسل عبارة عن سيمفونية نجاح ولوحة إبداع فى كل عناصره من موسيقى وأزياء وديكورات وتمثيل وإخراج، هذا العمل بالفعل أعاد الريادة المصرية للدراما فى المنطقة.

العدالة ومحاربة الفساد

أفضل ما فى دراما رمضان 2022 أنها لم تجمل الحياة ولم تعنى بعرض المجتمع بشكل مثالى، بل تم طرح الإيجابيات وغرسها فى نفوس النشء وتقديم السلبيات أيضا، ولكن بعدم تضخيمها وإبرازها بحثا عن التريند، ومن المسلسلات التى كانت تحمل رسائل مهمة تخص العدالة مسلسل «ملف سرى» لهانى سلامة، فالعمل ركز على الفترة التى وقعت بعد عام 2013، إذ انتشر بشكل كبير الفساد فى أغلب مؤسسات الدولة، وسيطر على مجريات الأمور بعض رجال الأعمال للاستفادة ماديا، ويتعرض العمل لظاهرة الانفلات الأمنى ودور تنظيم الإخوان فى زعزعة استقرار الدولة المصرية.

يعرف الوعى الجمعى المعروف بالإنجليزية بـ«Social Awareness» بأنه إدراك القضايا المختلفة التى قد يواجهها المجتمع كل يوم، لذلك فهو يعتبر إحدى الركائز الأساسية للتطور الاجتماعى والتقدم والنهضة، وقد يؤدى انعدام هذا الوعى الجمعى إلى انهيار المجتمع، وتفشى المشاكل المختلفة فيه، وهذا العام شهدت الكثير من المسلسلات التى أنتجتها الشركة المتحدة تشكيلا ذكيا للوعى الجمعى، وكانت الدراما سلاحا مهما بجانب الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعى، وما إلى ذلك من الوسائل الأخرى لتشكيل وعى المواطن المصرى والعربى. 
 
لقد حققت الدولة المصرية من خلال الشركة المتحدة ومسلسلاتها هذا العام التأثير الغرسى الثقافى ورفعت حالة الوعى الجمعى لدى المصريين من خلال الدراما التى يُعرف تأثيرها الخاص فى النشء وما يرتبط به هذا الغرس من مفاهيم مثل التوحد مع الشخصيات الدرامية، فالدراما كما أكدنا لديها القدرة على فعل الكثير فى معركة الوعى، وأن العمل الفنى يؤدى فعل عشرات بل مئات الكتب والمقالات والندوات والمحاضرات والخطب.. وترصد «اليوم السابع» أبرز القضايا التى ألقت دراما رمضان هذا العام الضوء عليها، إضافة إلى عدة رسائل مهمة للشباب والمجتمع بشكل عام.
 

 

المُواجهة

مسلسل «أحلام سعيدة» بدوره اهتم بإلقاء الضوء على عدد من الصفات والسلوكيات التى يجب أن نهتم بها، وفى مقدمتها أهمية مواجهة المشكلات وعدم الهروب منها حتى لا تتفاقم الأمور، أيضا أهمية التسامح فى حياتنا فبدونه تكثر المشكلات وينفُر المجتمع من ذلك الشخص العصبى المُتذمر على كل شىء دون أن رحمة أو تسامح، كما تناول فى سياق أحداثه مشاكل المرأة بشكل عام من خلال شخصية «ليلى» التى قامت بأدائها مى كساب، وأيضا «شيرين» التى قامت بأدائها الفنانة غادة عادل.

التعليم

رسائل كثيرة أيضا ومضامين متعددة جاءت عبر مسلسلات أخرى، ومنها مثلا مسلسل «دايما عامر» للنجم مصطفى شعبان والنجمة لبلبة، الذى كان يحمل الكثير من الرسائل القوية الدسمة، فى إطار درامى اجتماعى كوميدى هادف، فالعمل ناقش مجموعة من القضايا التى تمس كل بيت وأسرة فى مصر، فضلا عن عرضه مجموعة من الاقتراحات والحلول بالنسبة للعملية التعليمية ككل، وتطرق لأزمة الدروس الخصوصية آفة التعليم فى مصر، كما تطرق العمل لمشاكل التعليم الناشونال والإنترناشونال وأيضا التعليم الحكومى، إضافة إلى مشاكل الطلبة والمدارس والمدرسين، فضلا على رسالة مهمة جدا وهى الترويج السياحى لمعالم مصر السياحية وبشكل جيد فقد قدم المسلسل الأقصر وأسوان والغردقة فى أبهى صورها. 

قضايا المرأة 

تأثير الدراما أكبر من عشرات البرامج والنشرات مع كامل التقدير لكل دور تلعبه هذه الوسائط فى تشكيل الوعى، ولكننا من خلال الدراما الرمضانية هذا العام كان الوعى بقضية المرأة له مساحة كبيرة من خلال مسلسل «فاتن أمل حربى»، الذى قدم هموم ومآسى المرأة من خلال واقع فعلى وبعمق وجرأة وواقعية خاصة فى الصراعات التى تخوضها السيدات داخل المحاكم وأقسام الشرطة وتبعات ما تعانيه النساء بعد الطلاق ومن أهم رسائله: أهمية التعليم، والمساواة، وتمكين المرأة، ومشاركتها مع الزوج فى الأعباء والمسؤوليات المالية والاجتماعية، واهتمامها بأسرتها وقضايا تربية الأبناء، ودور المرأة فى تنمية الأسرة، وتحليها بالقوة والصلابة واقتحام مجالات العمل غير التقليدية، وهذا ما أكد عليه المجلس القومى للمرأة برئاسة الدكتورة مايا مرسى، فى رصد وتحليل صورة المرأة فى وسائل الإعلام والأعمال الدرامية. 

السوشيال ميديا

حتى المسلسلات الكوميدية مثل «الكبير أوى 6» فقد قدم رسائل مهمة جدا فى علاقة الشباب بالسوشيال ميديا ومخاطرها على المجتمع والأسرة المصرية بشكل عام، وكان الشكل الكوميدى هو المسيطر لكنه كان الأفضل لما له من تأثير أقوى على النشء والأجيال الجديدة التى ترفض التلقين.

الوطنية والانتماء
الوعى التاريخى كان جليا فى مسلسل «الاختيار 3»، فمن خلاله حقق العمل فهما للحاضر بفضل تفسير الماضى سعيا لاستشراف المستقبل، ووثق هذا العمل لجزء مهم من تاريخ مصر، فهو وثيقة درامية وحالة استثنائية فى الدراما المصرية بل والعربية أيضا، لأنه يؤرخ لما مرت به مصر فى فترة عصيبة من تاريخها الحديث، ويعرض لحظات ومواقف عاشها الشعب المصرى من كبيره لصغيره فى عهد جماعة الإخوان الإرهابية. 
 
الاختيار بكل أجزائه ليس مجرد مسلسل، ولكنه ملحمة وطنية وللمرة الأولى يتم خلاله مزج الدراما المؤلفة مع الدراما الحقيقية الحية من خلال ظهور الشخصيات الرئيسية الحقيقية مثل الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومحمد بديع مرشد جماعة «الإخوان» الإرهابية، وخيرت الشاطر، والرئيس المعزول محمد مرسى، فنحن لدينا شخصيات حقيقية ومشاهد حقيقية وأخرى تمثيلية ولا يوجد اختلاف بين الاثنين، وهذا يعطى درجة كبيرة من المصداقية لدى المشاهد. 
 
قوة الدراما تكمن فى الرسائل المهمة والقوية والمقنعة والتى أصبح لها تأثير كبير  فى الرأى العام، وهى بالمناسبة أكثر تأثيرا وأسرع وأعمق من أى مقالة أو كتاب أو خطبة، ومسلسل «الاختيار 3» ومعه مسلسل «العائدون» هذا العام يحملان رسائل طمأنينة للشعب المصرى والعربى ويحدثان تشكيلا للوعى الجمعى لدى الجميع، ومن أهم رسائل هذين العملين هو التفريق بين التدين والتطرف والالتزام والتشدد وقبول الاختلاف ورفض الآخر، إضافة إلى فضح تاريخ وأجندات ونيات ومؤامرات جماعات الإسلام السياسى وتوثيق عدد من الهجمات الإرهابية التى شهدتها مصر فى أعقاب انقلاب الإرادة الشعبية على حكم جماعة الإخوان المسلمين عام 2013 والتى استهدفت قوات من الجيش والشرطة والمدنيين.
 
استطاعت بعض المسلسلات فى الموسم الرمضانى 2022 ومنها بكل تأكيد «الاختيار 3» و«العائدون» كشف زيف المظلومية الإخوانية أو المظلومية الشعبية التى صنعها الإخوان، سواء عبر جماعتهم أو باقى تنظيمات الإسلام السياسى التى تعمل تحت عباءة مكتب الإرشاد، وحتى عبر الظهير المدنى للإخوان فى التيارات اليسارية والليبرالية والحقوقية، فقد كانت الفيديوهات الحقيقية كاشفة لأفكار تلك الجماعات التى تحمل وجهين وأكثر وما تتحدث عنه بينها وبين بعضها يختلف تماما عما تظهر به وتلوح به للإعلام، فالكذب والخديعة هما سلاحا تلك الجماعة الفاشلة التى لا تعرف غير العنف والاستبداد بالرأى. 
 
 
الرضا والسعى للنجاح

أيضا مسلسل «مكتوب عليا» نجح فى تقديم رسائل مهمة للشباب فى إطار كوميدى، حيث عكست أحداثه مخاطر أصدقاء السوء والانسياق خلف الرغبات دون تخطيط سليم أو الرضا بالمكتوب، إلى جانب إلقاء الضوء على التواكل دون السعى والكفاح فى العمل.

 
 

p

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة