المستشار الدكتور عادل السيد المسلمانى يكتب: جزيرة غمام

الإثنين، 02 مايو 2022 04:01 م
المستشار الدكتور عادل السيد المسلمانى يكتب: جزيرة غمام المستشار الدكتور عادل السيد المسلمانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تعلمت الكثير من جزيرة غمام، تعلمت أن الصراع بين الخير والشر صراع أبدي دام ما دامت الحياة، ينتصر الشر حينًا وينتصر الخير أحيانًا، تعلمت أن أكثر سلاح فعال في مواجهة الشر هو الحب والتسامح، وأن الرضا هو الدرع الفولاذية التي لا تخترقها قذائف الشر الحارقة.

تعلمت أن هذا الصراع يأخذ شكل الدورات، تعلمت أن الشيطان يستخدم أسلحته التقليدية فإنه يزين للناس حب الشهوات، شهوة السلطة والغيرة والحقد والجنس واللهو والمال والأولاد، تعلمت أن الشر إذا ما انتصر تدخلت السماء بالزوبعة، هذه الزوبعة هي طاغية ثمود وريح عاد وطوفان نوح، تعلمت أن دليل انتصار الشر هو اعتلاء الشيطان المنابر وهنا وقعت الواقعة وحقت الحاقة، تعلمت أنه لا عاصم من الزوبعة إلا من رحم ربي، تعلمت أن كل واحد منا له كنزان أحدهما بداخلة مغلف بالحب لله والرهبة من الله والرضا بما قسمه الله والإنسان له الحق في الاختيار فمن اختار الكنز الداخلي نجا وفاز ومن اختار الخارجي هلك وخسر، تعلمت أن التصوف ليس دجلاً ولا شعوذه ولكن علم وعمل، وإن الكرامة لا يدعيها صاحبها ولا يستدعيها ولكن يؤيد بها الله أولياءه عندما يحتاجونها،  تعلمت أن الشر لا يستطيع أن يقف أمام الخير ولا يحاربه وجهًا لوجه ولكن دائمًا ما يكون الضرب تحت الحزام والتدبير في الظلام

لقد أبدع الكاتب عبد الرحيم كمال، أبدع في خبراته وفهمه للحياة كما أبدع في نقل هذه الخبرات على الورق، أبدع في تصور المناظرة الحاسمة بين الخير الوحيد وكل الشرور، لم تكن مناظرة دينية بل كان الحب في حربه مع قوى الشر والظلام يلقي عليهم قذائف الحب ودانات الرضا ومدافع الإخلاص فترنحت قوى الشر وبهت الذي كفر .

أبدع حتى في اختيار أسماء شخصيات الدراما، فخلدون شيطان والشيطان خالد إلى يوم البعث، والخير عرفات وهو تصوف قائم على علم ومعرفة ولكنها معرفة لا يستخدمها في وشاية، وعجمي العمدة والعجم هم الغالبون اليوم ولهم الحكم، والبطلان الذي يحاول أن يكون صاحب الكلمة والحاكم النافذ ولكنه بطلان، إنه كاتب من العيار الثقيل فهو صاحب الخواجة عبدالقادر، واستطاع أن يحفر اسمه في ذاكرة المشاهد، الذي أصبح يثق في أي عمل درامي يكون عبد الرحيم كمال كاتبه.

كما أبدع المخرج حسين المنباوي فلم يكن له سقطات كما في بعض الأعمال الدرامية، فقد أبدع في اختيار الممثلين وفي اختيار الديكورات والإضاءة والصوت، كما أبدع في تحريك المجموعات ومشاهد الزوبعة وتصميم الجزيرة وأماكن الصيادين، وعند ذكر الإخراج يجب أن نذكر الإنتاج، تامر مرسي لم يبخل على هذا العمل في ديكوراته وملابسه وكل وسائل الإنتاج المساعدة للمخرج في إبداع مثل هذا العمل الفني المتكامل.

ونأتي للممثلين، فكلهم أبدعوا، العايقة (نواره) مي عزالدين قامت بدور عمرها كانت راقية في تمثيل دورها أمام العملاق خلدون (الشيطان) طارق لطفي، الحقيقة طارق لطفي لم يكن يمثل لقد وصل لمرحلة أرقى من الإبداع لا يمكن أن يكون ما قام به تمثيل، فأين الحقيقة إن كان هذا تمثيل، وما يصدق على طارق لطفي يصدق على عرفات (الخير) أحمد أمين هو وطارق لطفي وصلا لمرحلة من الإبداع لامست عنان السماء ووصلت لقلب المشاهد، الحقيقة أنني سعيد أن الفن المصري أنجب هذين الفنانين الرائعين لم يكن تمثيلًا بل كان عزفًا سيمفونيًا رائعًا حلق بنا بعيدًا، مهما قلت في حقهما فتبقى الكلمات عاجزة عن وصف فن كل منهما.

ونأتي للممثل الخبير العجمي (رمز السلطة) الفنان الرائع رياض الخولي، لا أتصور أن هناك فنانا آخرا يستطيع أن يقوم بهذا الدور كما قام به رياض الخولي، والفنان محمود البزاوي في شخصية بطلان هو أيضًا ممثل من العيار الثقيل، فتحي عبد الوهاب في دور محارب، وباقي الفنانين لقد عزفوا جميعًا في هذه السيمفونية الجميلة التي لم يكن فيها نشاز واحد، إنه عمل راقي ومتعة للمشاهد، عمل يثبت أن مصر ولادة للفن والفنانين، عمل يثبت أن روافد مصر الأدبية معين لا ينضب ماؤه ولا تجف سماؤه، بقدر ما أسعدنا العمل أسعدنا العودة الحميدة للفن المصري.

وقبل أن أختم يجب أن أشير لعمل آخر هو الاختيار3 الذي وثق لفترة تاريخية أراد أعداء مصر من الإخوان أن يطمسوا حقائقها فجاء الاختيار لكي يبدد ظلام الطمس بنور التوثيق فكان هذا العمل الرائع، شكرًا لفنانين مصر وممثليها هذه الأعمال الوطنية والتي ستبقى دائمًا شاهدة على وطنية الفن المصري واحترافيته.

المستشار الدكتور عادل السيد المسلمانى
المستشار الدكتور عادل السيد المسلمانى

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة