إصرار على مواصلة بناء الجمهورية الجديدة، ورغبة متجددة فى ملاحقة فلول الإرهاب، وحالة من الحزن.. مشاعر متداخلة انتابت الشعب المصرى على مدار الأيام الماضية، بعد استشهاد ضابط و10 جنود خلال إحباطهم لهجوم إرهابى على إحدى محطات رفع المياه فى غرب سيناء، ونجحت القوات المكلفة بتأمين النقطة فى التصدى للعناصر التكفيرية ومطاردتهم ومحاصرتهم فى إحدى المناطق المنعزلة فى سيناء.
الهجوم الإرهابى الذى أقدمت عليه العناصر التكفيرية يشير إلى حالة اليأس التى وصلت لها العناصر فى شمال سيناء وعدم قدرتها على مواجهة القوات المسلحة التى حققت نجاحات واضحة وملموسة خلال الفترة الماضية سواء عسكريا أو حتى بخطط دعم تنمية مدن شمال ووسط سيناء.
محاولة استهداف محطات رفع المياه فى غرب سيناء تشير إلى أن استراتيجية الدولة المصرية فى مجابهة الإرهاب ناجحة لأنها تعتمد على عدد من العناصر أبرزها المواجهة العسكرية والأهم هو سلاح التنمية والبناء لتعمير البلاد، وهى البيئة التى يصعب على العناصر الإرهابية والتكفيرية العيش فيها، لأنها كيانات تسعى للتخريب والدمار واستهداف مقدرات الشعوب.
لكن الشعب المصرى قابل هذه العملية بالتأكيد على دعم مؤسساته الوطنية فى معركة مكافحة الإرهاب والاستمرار فى خطط التنمية المستدامة التى وضعتها الدولة المصرية، وذلك لاستكمال النجاحات التى حققتها مصر فى زراعة عدد من الأراضى سواء فى توشكى أو شرق العوينات والاتجاه نحو زراعة ملايين الأفدنة من الأراضى الزراعية فى شمال ووسط سيناء، وهو ما يجسد حالة الوحدة والتماسك والترابط التى تربط جموع الشعب المصرى، الذى يمتلك الوعى لاستنتاج توقيت وأهداف هذه العمليات الإرهابية فى هذا التوقيت تحديدا.
سلاح الوعى الذى نجحت الدراما الرمضانية الأخيرة فى ترسيخه بشكل كبير داخل شرائح واسعة من المجتمع المصرى، والذى حرص على متابعة ما وثقه مسلسل «الاختيار 3» ومسلسل «العائدون»، وذلك استكمالا لخطة الوعى التى يقودها صناع الدراما والإعلام فى مصر خلال السنوات الماضية كى يطلع الشعب المصرى بشكل كامل على الجهود التى تبذلها مؤسسات الدولة لحماية البلاد من خطر الإرهاب ومموليه وداعميه.
رصد مسلسل «العائدون» رحلة العناصر الإرهابية والتكفيرية التى كانت تتلقى تدريبات وتمويلات من أطراف معادية لاستهداف أمن واستقرار مصر، التى تعد ركيزة الأمن والاستقرار فى معادلة الأمن القومى العربى، فضلا عن صراع هذه الأطراف المعادية على كعكة الغاز التى تضع مصر على خارطة أبرز الدول المنتجة والمصدرة لهذا المنتج المهم الذى تحتاجه دول العالم.
لا شك أن توقيت تحرك العناصر التكفيرية لاستهداف إحدى محطات رفع المياه يأتى بالتزامن مع تحركات تقوم بها عناصر تنظيم داعش فى دول شمال أفريقيا بعد الضربات والهزائم المتلاحقة التى طالتها خلال الفترة الماضية، حيث تصدى الجيش الليبى فى جنوب البلاد لعناصر التنظيم المتطرف الذى يحاول استعادة وجوده فى البلاد، واتخاذ الأراضى الليبية نقطة انطلاق لاستهداف دول بعينها لخدمة أطراف معادية.
الواضح أيضا أن العناصر التكفيرية والإرهابية التى أقدمت على تنفيذ الهجوم الإرهابى غرب سيناء تحاول إيصال رسالة إلى زعيم تنظيم داعش الجديد أبو إبراهيم الهاشمى، وذلك كى يوفر الدعم المالى واللوجستى للعناصر المتطرفة التى تحاول إعادة ترتيب صفوفها وتفعيل مخططها الخبيث فى المنطقة، وهو ما يفسر سبب لجوء العناصر الإرهابية للقيام بعملية تحدث نوعا من الصدى الإعلامى فى وسائل الإعلام الأجنبية.
واللافت للنظر أيضا هو اختيار العناصر التكفيرية لإحدى النقاط التى تمثل المستقبل والحياة والأمل، حيث يسعى التكفيريون للمضى قدما فى محور الشر لحرق الأخضر واليابس باستهداف أى محاولات للدولة المصرية للتنمية وحل المشكلات التى تواجه سيناء خلال الفترة المقبلة، وهى المعركة التى تحتاج إلى التفاف جموع الشعب المصرى حول مؤسساته خلال الفترة المقبلة، لوأد هذا السرطان الذى يحاول العودة من جديد لترتيب صفوفه.
هدف العملية التى حاولت العناصر التكفيرية تنفيذها هى محاولة للإعلان عن أنفسهم بعد الضربات القاسمة التى دمرت جزءا كبيرا من قدرات التنظيمات الإرهابية والعناصر التكفيرية فى سيناء، وتأكيدهم على أنهم معول الهدم والخراب والدمار فى أى دولة تسعى للبناء والتنمية والاستقرار، فضلا عن انهيار منظومتهم الإعلامية التى باتت أفقر مما يكون خلال الفترة الماضية حتى أن التنظيمات الإرهابية لجأت لإصدار أى بيانات بخط اليد فى ظل فشلهم الذريع فى الترويج لأفكارهم المتطرفة عبر منصات على الشبكة العنكبوتية.
من المهم أن نتوقف أيضا عند أهداف التحرك الذى قامت به العناصر التكفيرية وهو إحدى محطات رفع المياه بهدف تحقيق صدى إعلامى واسع وكبير فى وسائل الإعلام الأجنبية تحديدا، وقد عرض مسلسل «العائدون» فى إحدى حلقاته محاولة العناصر الإرهابية استهداف إحدى محطات الغاز لإفشال أحد أبرز المؤتمرات التى كانت تحتضنها البلاد خلال هذه الفترة، وهو ما يؤكد أن دراما الواقع هى أبرز الأسلحة التى نحتاجها لمجابهة أفكار التكفيريين والمتطرفين.
هذا العمل الإرهابى الخسيس يؤكد أن معركتنا مع الإرهابيين لا تزال مستمرة ومن المتوقع أن نشهد تغييرا فى خطط التكفيريين الذين سيحاولون تحقيق أى نجاح إعلامى لهم، حيث بات من الواضح أن النجاحات التى حققتها القوات المسلحة فى سيناء ستدفع هذه العناصر للجوء لنقاط وأهداف ستكون على أطراف سيناء بعيدا عن العمق بعد ملاحقتهم وقطع دابرهم بشكل شبه كامل فى شمال سيناء.
نترحم على شهداء القوات المسلحة المصرية ونؤكد مجددا اصطفافنا إلى جانب مؤسسات الدولة الوطنية كى نكمل سويا معركتنا فى القضاء على الإرهاب والفكر التكفيرى والمضى قدما فى المسار الأهم وهو التنمية والبناء للمناطق التى تم تهميشها على مدى عقود طويلة، وستبقى مصر دائما صخرة تتحطم عليها أطماع ومخططات أى أطراف معادية للمصريين.
المؤكد أن الأعمال الدرامية التى تجسد الواقع والتى تم عرضها فى السباق الرمضانى وتحديدا مسلسل «الاختيار 3» و«العائدون» قد أوجعت قوى الشر التى تعادى المصريين وتسعى لاستهداف أمنهم واستقرارهم، إلا أن الشعب المصرى سيظل دائما على العهد والقسم فى تقديم أرواحنا فداء لهذا الوطن العزيز الذى يزعج قوى الشر التى تريد أن تبقى النار مشتعلة فى أوطاننا لخدمة أجندات خارجية همها الأساسى إخضاع المنطقة لسيطرتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة