زكى القاضى

السابقون و ما فعلوه و ما أهملناه

الإثنين، 25 أبريل 2022 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أخطر ما يمكن أن يهدد أي أمة كانت، هي أن تترك القراءة والثقافة لصالح التجريف وصناعة التاريخ الموازي لمن يمتلك ناصية السرد والحكي والتنظيم، ثم الخطر الأكثر مرارة أن تذهب تلك الأمة للبحث عن مستصغرات التسطيح والجهل، والاعتقاد بأن العصور بدأت مع مولد الشخص ذاته أو ارتباطا بحدث بعينه، فلا ترى تلك الأمة و مواطنيها في التاريخ سوى أحداث صغرى عاصروها، ولا يعلمون أنهم أبناء حضارات وثقافات امتدت لألاف السنوات، ومر على تلك الحضارات من ينازعهم فى الجهل بنفس أفكارهم أو تزيد، كما مر أيضا في تلك الحضارات من امتلك ناصية عقله و زاد علمه حتى وصل لفكرة الموسوعية في العلم، بل وبأفكار جوهرية وتحررية في غاية العظمة و السحر،  يزيد فى قيمة ذلك العلم و تلك الأفكار حينها أنها نتاج لعالم مخفف من القيود الحالية مثل السوشيال ميديا وغيرها من مؤثرات العصر، لذلك فالكتابة والقراءة والتبحر في العلم والتاريخ بدأ منذ آلاف السنين، ولو أننا فقط قرأنا ما تم كتابته وتدوينه، لأيقنا مدى ما وصلنا إليه من سوء وتدهور في التثقيف والتدوين والتأريخ؟

 

ما فعله السابقون عنا مقارنة بالإنتاج الموجود لدينا يؤكد أننا نسير نحو طريق منحدر لا طريق صاعد، ولوحللنا فقط أرفف المكتبات حاليا لوقفنا على الشاهد الحقيقي و الهام فيما أقوله وهي أن معظم الإنتاج حاليا متجها لأدب الروايات و القصص، وتركنا المسار الأهم وهو مسار التوثيق والتسجيل و التأريخ و كتب السير الذاتية، وفي حقيقةً الأمر أن ذلك الفرع الأخير تحديدا وهو كتب السير الذاتية تحتاج من كل شخص فينا  تجرد كامل وًتوثيق لما مر عليه، خاصة أن كثير منا شارك في مخاض العشر سنوات الأخيرة، ولذلك فالتوثيق حتي لو ظهر بعد حين فهو مطلوب، بدلا من " البوستات" التي ساهمت في تجريف الكتابات الطويلة، وصارت حيوات المشاهير وما يفعلونه مجرد بوست يزعج متابعيهم لو طالت فقراته.

وبالعودة لما فعله وسجله السابقون سنجد أن من بينهم من تجاوز في تفكيره أشواط لم نعد نذهب نحن إليها الآن رغم تحررنا وتداخل الثقافات وانفتاحها بشكل غير مسبوق، بل وتميز السابقون بأنهم كانوا يمتلكون تطويع اللغة فى دقة وبلاغة إلى مستوى لن نقدر عليه حاليا للأسف، سوى أننا نمتلك ميزة نفرط فيها وهى القراءة و الاستمتاع بكل ما تم كتابته سابقا، لعله يخرج من بيننا من يكون امتدادا للسابقين وعظمة ما فعلوه وأهملناه.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة