يرحل الإنسان ويبقى أثره، ومن الراحلين الباقين الشيخ إبراهيم هاشم، ولقب الشيخ يلحق به لمكانته الكبيرة بين أهله وبين الناس جميعًا، رجل طيب القلب والسيرة، تكمن نقطة القوة بشخصيته فى محافظته على أن يظل إنسانا راقيا.
والسلوك الراقى ليس بالأمر السهل كما يظن البعض، إنه مقاومة لكثير من الأمور التى تطلبها النفس، خاصة إذا كنت تعيش فى مجتمع صعيدي، يرى الرقى رقة، ويرى التأدب الزيادة مضرة، لذا أن يحافظ إنسان على هذه القيمة طول عمره حتى يتوفاه الله لهو أمر عظيم، ومجاهدة كبرى.
عاش الشيخ إبراهيم هاشم فترة من حياته فى مدينة أسيوط حيث كان يعمل وبعد بلوغه سن المعاش عاد إلى القرية، وظل بها سنوات طويلة، ومنذ عودته اختار بكامل إرادته أن ينأى عن كل الأزمات والمشكلات التى كان من الممكن بكل سهولة أن يجر إليها، وأن يصبح طرفا فيها.
الشيخ إبراهيم هاشم لا تأتى سيرته إلا بالخير، ولا يذكر اسمه إلا مصحوبا بشخصيته الطيبة وخصاله التى تليق به، والذى كان يعجبنى فى الأمر أنه اختار بكامل إرادته أن يصبح هذه الشخصية، وأن يعيش بنفسه بعيدا عن كل الأفكار القبلية.
كنت دائما ما أراه إنسانا صادقا مع نفسه، مع مبادئه وقيمه، يحب المجتهدين ويشجع المميزين، ويعطف على الطيبين، ويظل على مسافة من كل شيء، لا يفعل ذلك تكبرا على خلق الله، لكنه يريد أن تظل روحه مطمئنة، ويظل قلبه عامرا بما بمنَّ الله به عليه، ويظل رجلا أنيقا نظيف اليد والملبس، وقد نجح فى ذلك تمامًا، ويوم رحيله، تحدث الناس عن الخسارة الكبرى التى لحقت بهم، أما أنا فقد تعلمت درسا عظيما، أنه يمكن للإنسان أن يحيا كما يريد وأن يحتفظ بأخلاقه وقيمه مهما كانت العواصف عاتية ومهما كانت الظروف غير مواتية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة