** أرملته: ليلة استشهاده طلب من زملائه أداء صلاة العشاء جماعة وقال: "عشان نستشهد بالوضوء والصلاة"
** صنعت له مجسما داخل المنزل وأتحدث معه وقت الضيق.. وكل سنة لما البنات بتكبر بعمل صورة جديدة لنا كلنا وهو وسطنا
** عرفت خبر الاستشهاد من بناتى.. وبقولهم دائما بابا بطل.. والشهيد حى فى السماء
** مليكة وتاليا: "بنحبك يابابا.. ووحشتنا أوى"
أجرى اليوم السابع لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت زيادة، من شهداء جيش مصر العظيم بالإسكندرية، والذى استشهد فى مداهمات قوية مع العناصر التكفيرية بجبل الحلال بسيناء، حيث تحول منزل الشهيد إلى متحف صغير يحوى صورا وشهادات تقدير، بالإضافة إلى مجسم كبير صنعته أرملته بملابس القوات المسلحة، وآخر صورة له مع أسرته، ومجموعة صور تضم الأسرة، يتوسطهم الأب وتتجدد كل عام مع سنة جديدة فى عمر بناته "مليكة" و"تاليا" كما اعتاد الشهيد فى حياته.
وتقول بسمة عبد النبى أرملة الشهيد، إن الشهيد نال الشهادة فى 22 أبريل 2018، فى مداهمات مع العناصر التكفيرية فى جبل الحلال بسيناء، حيث لاحظ وجود عناصر تكفيرية على مقربة من مكان المعسكر وتقرر المداهمة فى الصباح، وطلب منى الدعاء له .
وأضافت: "بالفعل تواصلت معه فى الساعة 9 صباحا، وبعدها بنصف ساعة استشهد محمود، ووصل خبر استشهاده الساعة 2 ونصف ظهرا، وعرفت الخبر من بناتى "مليكة" 3 سنوات و"تاليا" عامين، حيث كنت فى العمل وفور عودتى فوجئت ببنتى مليكة تقول لى: "بابا مات"، وسمعت والدتى تبكى وتقول: "يا عينى عليك يا بنى"، لم أبك فى تلك اللحظة وحاولت أستجمع قواى والاتصال به، ولكننى وجدت والدتى وشقيقى محمود يحدثنى ويقولون لى: "إن محمود استشهد".
وأضافت أرملة الشهيد: لم أصدق فى البداية، وكان عندى أمل أن يكون مصاب، حتى جاء زملاؤه إلى منزله لاصطحابى لاستلام الجثمان من مستشفى السويس العسكرى.
وتحدثت "بسمة" عن لحظة رؤيتها له بعد الاستشهاد قائلة: "رأيته نائما مغمض العينين وجسده دافئ، وتحدثت معه وأنا متماسكة، وبعد صلاة الجنازة ركبت معه سيارة الإسعاف، ونمت بجوار الجثمان، وكنت أعلم أنها آخر مرة سأنام فيها وأنا مطمئنة، وكنت أشعر بالأمان بجواره".
واستطردت: كنت أتحدث معه عن موكب الجنازة وأقول له "حبابيك كتير يا محمود كلهم وراك"، ونزلت معه المدفن ونظرت له النظرة الأخيرة، وبعدها بدأت المأساة ومعاناة الفراق، كنت لا أنام وكنت أتصل بتليفونه وأرسل له رسائل، كان كل حاجة فى حياتى ".
وحول آخر أسبوع له قبل الاستشهاد تقول بسمة: "نزل قبل استشهاده بأسبوع وخرجنا كلنا فى كل مكان يحبه، كان يودعنا ولم نكن نعلم، وأثناء الإجازة وصل محمود خبرا باستشهاد 21 جنديا من زملائه على الجبهة، ومن ذلك اليوم وتبدل حال محمود وأصبح حزينا جدا، وكنت أنا دائمة القلق والبكاء، وكان هو طول الوقت يحتضن بناته ويقبلهم، وعندما سألته عن سبب هذا الشعور قال لى: "زملائى استشهدوا بعبوات ناسفة فى هجوم عليهم فى الفجر، ومنهم المقدم أحمد الخولى ابنته رضيعة وتم تفجيره".
وواصلت الحديث قائلة: "قلت له الحمد لله إنك مش موجود معاهم، ضحك وقالى أنتى بتقولى إيه إحنا كلنا فدى مصر، أنتى تكرهى أكون شهيد، ثم التقط صورة تذكارية مع البنات وكانت آخر صورة له معنا، وفى اليوم التالى ودعنا وودع البنات وكان "مش عاوز يمشى وقالى هتوحشونى"، ثم ودعنا وسافر إلى سيناء، وطول الطريق إلى سيناء كان يحدثنى فى التليفون وفور وصوله كلمنى مرة أخرى وقال لى "وحشتونى" ولما سألته "فيه إيه قال لى : "مش عارف".
وقالت: كنت أبكى كثيرا وكان يحدثنى يوميا ويطلب منى عدم البكاء، وكان يقول لى أشعر بحزن غريب ومش عارف فى إيه ولو ينفع أعيط كنت عيطت، وبعد عدة أيام كان يخرج فيها مداهمات يومية، حتى جاء يوم الاستشهاد كان الوصول إليه صعب جدا بسبب عدم وجود شبكة بالمنطقة، وبعد آخر مداهمة كلمنى وقال لى: "خلى بالك من نفسك والبنات"، ولم أكن أعلم أنه سوف يستشهد، لم أستطع أن أستوعب تلك الفكرة.
وعن ليلة الاستشهاد تروى بسمة آخر لحظات بينها وبين زوجها الشهيد قائلة: فى ليلة استشهاده تحدثنا بالتليفون وطلب منى أن أوقظه فى الفجر، وبالفعل اتصلت به حوالى الساعة 3 فجرا فوجدته مستيقظا وقلت له: "أنت صاحى، قال لى: "أيوه منمتش"، فقلت له : "ولا أنا بسبب صداع رهيب"، وبعدها خرج المداهمة التى استشهد بها.
وحول اللحظات الأخيرة فى حياة الشهيد تقول "بسمة": "زملاؤه قالوا لى إنه ليلة الاستشهاد طلب من النقيب إمام أن يتوجهوا لصلاة العشاء قائلا: "يلا بينا نصلى العشا عشان على الأقل لما الواحد يستشهد يكون على وضوء ومصلى"، قائلة: "هو كان عارف أنه هيستشهد".
وعن بنات الشهيد تقول "بسمة": "أنا بقولهم بابا بطل وشهيد، ولأنهم لا يعرفون معنى كلمة تكفيريين بقولهم بابا قتل الحرامية فى سيناء ومات شهيد، والشهيد حى عند ربنا، وفوجئت بمليكة تخرج إلى البلكونة وتنظر إلى السماء وتنادى "بابا أنا عاوزاك تعالى وحشتنى".
واستطردت: "أول يوم دراسة هو أصعب يوم على البنات، الحقيقة أن الرئيس عبد الفتاح السيسى لا ينسى أبناء الشهداء، بيكون معنا وفد من القوات المسلحة فى أول يوم دراسة لاصطحاب البنات إلى المدرسة، وتوصيلهم إلى الفصل الدراسى وتعريف زملائهم بهم وأنهم أبناء الشهيد الذى استشهد فداء لمصر، وعلى الرغم من فرحتهم بوفد القوات المسلحة إلا أنها تكون حزينة وتقول: "أنا عاوزة بابا"، خاصة عندما ترى زملائها فى المدرسة، وكل طفلة يصطحبها والدها فى أول يوم دراسة، وهذه مشكلة كل سنة، كان نفسى محمود يكون معايا والبنات يكونو فرحانين به".
وحول تحول المنزل إلى متحف صغير للشهيد قالت: صنعت له مجسما داخل المنزل، لأنى بحتاج أتكلم معاه كثيرا وفى وقت الشعور بالضيق أقف أمام هذا المجسم وأتحدث معه، وفى بداية العام الدراسى صورت بناتى فى أول يوم دراسة بجوار مجسم صورة محمود، طبعا البنات فرحت ولكن مش زى فرحتهم بأبوهم وهو واقف وسطهم"، وقالت، إنها تواصل على ما اعتاد عليه الشهيد فى حياته، حيث اعتاد التقاط صورة تذكارية له ولأسرته فى كل عام لتقديمها إلى القوات المسلحة، وكنا نتوجه إلى الاستديو لالتقاط تلك الصورة، وبعد وفاته البنات كبرت، وكل عام أذهب إلى الاستوديو والتقط صورة لى وللبنات وأطلب من المصور أن يضع صورة محمود لنا فى وسط الصورة كأنه مازال معنا".
وتابعت: "مليكة دايما تقولى وهى رايحة تمرين السباحة ماما كنت بتمنى بابا يكون معانا وإحنا رايحين التمرين، ويسوق بينا العربية ويشغل الأغانى اللى بنحبها، وتكررت تلك المطالب من البنات أثناء الذهاب إلى السينما وكل فسحة مع بكائهم وكل كلامهم عاوزين بابا كان نفسنا بابا يكون معنا".
وقالت: "لا أتخيل أن محمود تركنا واستشهد من 4 سنوات، وأن واقعة استشهاده كانت أمس، لم أنساه، وإلى الآن أسمع صوته ينادى عليا، وأسمع صوته وهو يكلمنى، لن أنساه أبدا ومهما قلت عنه لن أوفيه حقه، هو أحن رجل وعقلانى جدا ولم أكن أستطيع اتخاذ أى قرار فى حياتى إلا بالرجوع إليه، ولن أوفيه حقه، كل مرة أذهب فيها إلى القاهرة حيث قبره بشعر بوجوده، وأتوجه إليه وأتحدث معه عن كل حاجة بتحصل فى حياتى".
وتقول مليكة 7 سنوات: "بابا وحشنى أوى وكان نفسى يكون معايا ويودينى المدرسة والملاهى وتدريب السباحة، ونفسى بابا يبقى معنا ويرجع تانى".
وتقول تاليا 4 سنوات: "بقول لبابا أنا بحبك، ونفسى أنت تودينى المدرسة وتفسحنى فى كل حتة أنا نفسى أروحها، ونفسى تودينى الملاهى عشان أنا بحبك جدا".
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (1)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (2)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (3)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (4)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (5)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (6)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (7)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (8)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (9)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (10)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (11)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (12)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (13)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (14)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (15)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (16)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (17)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (18)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (19)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (20)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (21)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (22)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (23)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (24)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (25)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (26)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (27)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (28)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (29)
لقاءً مع أسرة الشهيد الرائد محمود طلعت (30)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة