عن الهيئة العامة للكتاب صدر حديثًا كتاب "أغنيات خارج السرب" للكاتب الصحفي "محمود دوير" الباحث فى الشئون الثقافية والفنية، ويتناول الكتاب مسيرة الغناء المختلف أو غير التقليدي فى مصر منذ خالد الذكر "سيد درويش" حتى الآن حيث يتناول تجربة موسيقى المهرجانات.
وصرح "دوير" بأن الكتاب الذى يتناول تجارب غنائية عديدة مثل "الشيخ إمام عيسى" و"محمد حمام" و"عدلي فخرى" و"أحمد منيب" كذلك يتناول تجارب الفرق الموسيقية التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، ومراحل تطورها وأبرز تجاربها مثل النهار والمصريين والفور إم وكذلك تجارب معاصرة ويتناول المؤلف بعض جوانب تجارب كل من على الحجار ومحمد منير.
ويشير "دوير" إلى أن الكتاب لا يغوص في التفاصيل الدقيقة لصناعة الموسيقى والغناء بقدر ما يتناول الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي مهدت لظهور لتجربة محل دراسة خاصة تلك النماذج التي تحدت الواقع السياسي وشكلت نسقا فنيا وسياسيا يقترب من التحريض مثل تجربة "إمام – نجم".
كما يلقى الضوء على التجارب الفنية التي شكلت تمردا على السياق الفني فى حينها وتحملت بصبر وإرادة كل أشكال النقد والتهميش حتى حفرت لفنها مجرى فى أرض الفن المصري وتحولت من الهامش إلى المتن.
ويقول المؤلف فى مقدمة الكتاب "ظلت الأغنية أحد الأشكال الفنية التي تمنحنا القدرة على رصد تطور المجتمع وعلاقة أطرافه المتنوعة وذائقته وحالته الاقتصادية وأوضاعه الاجتماعية؛ ولعل الاستعانة بهذا الفن في أشكاله الرسمية أو تلك التجارب غير الرسمية والتي يطلق عليها "المستقلة أو البديلة"، والتي ولدت وتطورت خارج سياق المؤسسة الرسمية، سواء كانت تلك المؤسسة هي الدولة وأجهزتها الفنية ووسائل إعلامها ومنصاتها المتنوعة أو التي تنمو خارج الإطار العام الحاكم للمجتمع وما يصنعه من قيود ومُحددات لمحتوى الغناء وطرق التعبير عنه، وحتى مضمونه الموسيقى ومفردات كلمات تلك الأغنية.
ونحاول الاقتراب أكثر من تجارب غنائية نمت وصنعت وجودها "خارج السرب" هذه التسمية التي نرى أنها وصف يناسب هؤلاء الذين امتلكوا شجاعة الغناء خارج السياق العام للمؤسسة في مراحل مختلفة من تاريخنا المعاصر ونحتوا في صخور التعتيم الإعلامي والتقييد الفني لكي يقدموا أغنيه مختلفة عن السائد؛ هذا السائد الذي يمثل الخروج عليه في معظم الأحيان نوعاً من المغامرة غير معلومة العواقب، ربما هذا الاختلاف في نوعية المفردات التي استخدموها والكلمات غير التقليدية وغير المتداولة في الغناء السائد في نفس المرحلة، رغم أن بعض من تلك الكلمات كانت راسخة بشكل كبير في الوجدان الشعبي المصري لكنها مُهملة وبعيدة عن الضوء فقام صناع الأغنية بتقديمها كما هي أو بمعالجة مغايرة وجديدة وتصرف في بعض منها وتناول جديد.
كما كان الاختلاف في موسيقاهم التي قدموها ومثلت ثورة موسيقية تصل في بعض الأحيان إلى حد التجريب خاصه حينما صنعوا ترابطا ومزجاً بين موسيقانا الشرقية والموسيقى الغربية والاستعانة بآلات حديثة لم تكن متعارف عليها في الشرق، ولم يكن التحليق خارج السرب فقط في تلك الجوانب الفنية؛ لكن المغامرة الحقيقة كانت لدى البعض في مضمون أغنياتهم وخطابهم الذي عبروا عنه بجرأة واضحة، ليتحول الفن معهم إلى صرخات احتجاج وغضب ضد أوضاع أعلنوا رفضهم لها عبر الأغنية كوسيلة تعبير شديدة التأثير وواصلوا مسيرتهم متمسكين بما يعتقدون أنه صحيح؛ ليصبح الفن هنا وسيلة نضالية وتعبيرا عن اختيار إنساني وليس فقط وسيلة ترفيه وتسلية ومتعة ودفعوا ثمناً قاسياً لتلك الصرخات وهذا التمرد بالحصار الإعلامي الذي فرض عليهم، ولم يتوقف الأمر عند هذا؛ بل بلغ في بعض الأحيان حد التغييب خلف أسوار السجون وغياهب المعتقلات إلا أنهم واصلوا المسيرة ولم تتوقف آلاتهم عن العزف وحناجرهم عن الغناء وعقولهم عن التمرد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة