شهدت الساعات الأربع والعشرين الماضية تطورا كبيرا فى أزمة أوكرانيا بعدما أعلنت روسيا اعترافها باستقلال جمهوريتى دونيتسك ولوجانسك فى شرق أوكرانيا، واللتين أعلنتا انفصالهما عن سلطة كييف فى عام 2014 دون أن تعترف بهم أى دولة.
أثارت هذه الخطوة عاصفة من الانتقادات الدولية لروسيا، بينما لم تأبه موسكو كثيرا وأصدر الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بإرسال قوات روسية إلى المناطق الانفصالية فى شرق أوكرانيا فى مهمة قال إنها لحفظ السلام.
وصدق مجلس الدوما الروسى، اليوم، الثلاثاء، على معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة مع دونيتسك ولوجانسك، وذلك بعد اعتراف موسكو باستقلالهما عن أوكرانيا أمس الإثنين.
وقالت وكالة تاس الروسية إن مجلسى الشعب فى دونيتسك ولوجانسك صدقا أيضا صباح اليوم على معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة مع روسيا.
وبموجب الاعتراف الروسي باستقلال لوجانسك ودونيتسك ، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات المسلحة الروسية بـ"العمل لضمان السلام" في الجمهوريتين الشعبيتين، وتنفيذ "مهام ضمان السلام" في تلك الأراضي استجابة لطلبات رئيسيهما دينيس بوشيلين ودينيس باسيتشنيك ، بموجب اتفاق الصداقة والتعاون المتبادل معهما.
من ناحية أخرى، نقلت وكالة نوفوستى عن الخارجية الروسية أن الاتفاقيات التي تم توقيعها مع جمهوريتي لوجانسك ودونيتسك تسمح بنشر قواعد عسكرية روسية على أراضيهما، منوهة إلى أن موسكو لا تخطط لفعل ذلك حاليا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودنكو، أنه ليس هناك حديث الآن عن نشر قواعد عسكرية روسية على أراضي الجمهوريتين، على الرغم من أن الاتفاقات المبرمة تسمح بذلك، مضيفا أن روسيا ستفعل ذلك إذا تطلب الأمر.
وكانت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية قد قالت إن الاعتراف باستقلال دونتيسك ولوجانسك سيحظى بشعبية فى روسيا على الأرجح، حيث يشارك الكثيرون بوتين فى رؤيته. ونشرت وسائل الإعلام الروسية صورا لأشخاص فى دونتسيك يطلقون الألعاب النارية، ويلوحون بأعلام روسية كبيرة ويعزفون النشيد الوطنى الروسى.
من جانبه، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إن اعتراف روسيا بإقليمى "دونيتسك" و"لوجانسك" كجمهوريتين مستقلتين يشكل تهديدًا للأمن القومى والسياسة الخارجية الأمريكية.
وأكد بايدن حسبما نشر البيت الأبيض عبر موقعه الإلكترونى، اليوم الثلاثاء، إن "الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك يشكل تهديدًا للأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية".
وأصدر بايدن أصدر أمرًا تنفيذيًا بحظر الاستثمار والتجارة والتمويل الجديد من قبل الأمريكيين إلى أو من أو في المنطقتين الانفصاليتين بشرق أوكرانيا". وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، إن الأمر التنفيذي سيخول أيضا سلطة فرض عقوبات على أي شخص يتبين أنه يعمل في هاتين المنطقتين من أوكرانيا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن البيت الأبيض يصارع لتحديد ما إذا كانت روسيا قد قامت بغزو أوكرانيا بعد إصدار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أوامره بإرسال القوات إلى مناطق الانفصاليين فى شرق أوكرانيا عقب اعتراف موسكو باستقلال دونتيسك ولوجانسك. ولفتت الصحيفة إلى أن الآراء اختلفت حول ما إذا كان هذا يعد غزوا.
وسعت إدارة بايدن للرد على التحرك الروسى فى الوقت الذى لم تعلن فيه بشكل رسمى أن روسيا قامت بغزو أوكرانيا، والذى كان من شانه أن يطلق سلسلة من العقوبات القاسية التى هدد بها الرئيس الأمريكى على مدار أشهر.
وبدلا من ذلك، فإن بايدن وفريقه، كرروا فى اجتماعات واتصالات مع القادة الأجانب، التقييمات القاتمة للأزمة وفرض حزمة أصغر من العقوبات التى تحظر الاستثمار والتجارة فى دونتيسك ولوجانسك.
وقال مسئولون بالإدارة أنه سيتم الإعلان عن إجراءات إضافية اليوم، الثلاثاء، تشمل مزيد من العقوبات، وأكدوا أن العقوبات التى تم الإعلان عنها مختلقة عن تلك التى كان بايدن يهدد بها فى حال غزو بوتين لأوكرانيا، والتى كانت أكبر بكثير.
وفى لندن ، من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا يعد انتهاكًا للقانون الدولي ، واصفًا خطوة موسكو بأنها "نذير شؤم وعلامة قاتمة للغاية".وقال رئيس الوزراء البريطاني، إن بلاده ستفرض على الفور حزمة من العقوبات تستهدف المصالح الاقتصادية الروسية. فيما قالت ليز تروس ، وزيرة الخارجية البريطانية عبر حسابها على تويتر: "إن اعتراف الرئيس بوتين بـ"جمهورية دونيتسك الشعبية" و"لوهانسك الشعبية" كدولتين مستقلتين يظهر التجاهل الصارخ لالتزامات روسيا بموجب اتفاقيات مينسك.
وفي باريس، استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون القرار الذي اتخذه بوتين بالاعتراف بالمناطق الانفصالية بشرق أوكرانيا، قال انه من الواضح أن هذا انتهاك أحادي الجانب لالتزامات روسيا الدولية واعتداء على سيادة أوكرانيا.
فيما أدان تشارلز ميشيل، رئيس المجلس الأوروبى، وأورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية بأشد العبارات قرار الرئيس الروسي بالمضي قدمًا في الاعتراف بالمناطق في ولايتي دونيتسك ولوجانسك في أوكرانيا ككيانات مستقلة، ووصفا هذه الخطوة يانتهاك صارخ للقانون الدولي وكذلك لاتفاقيات مينسك.
كما وعدا أن الاتحاد سيرد بفرض عقوبات على المتورطين في هذا العمل غير القانوني، وكرر الاتحاد دعمه الثابت لاستقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامتها الإقليمية داخل حدودها المعترف بها دوليًا .
وعلى الجانب الروسى، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أن موسكو مستعدة دائما للمفاوضات مع واشنطن، وجاء تصريح المتحدثة باسم الخارجية الروسية تعليقا على إمكانية لقاء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقالت عبر قناة "سولوفيوف لايف" على موقع يوتيوب: "حتى في أصعب اللحظات.. نقول نحن جاهزون لعملية التفاوض، لذلك، من جانبنا، يبقى الموقف كما هو، نحن جاهزون لعملية التفاوض، نحن دائما نؤيد استخدام الدبلوماسية". وفى تصريحات سابقة، أشارت زاخاروفا بأن موسكو لم تفاجأ برد الفعل الغربي على الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوجانسك.
وقالت زاخاروفا في تصريح لإذاعة "كومسومولسكايا برافدا" "دعونا نعود لبعض الوقت، لأن السؤال الرئيسى الآن هو: ماذا هو المنتظر؟ وكيف ستكون ردة فعل الغرب وما إلى ذلك؟ ألم نعلم كيف سيكون رد فعلهم؟ بالطبع نعلم. وأعتقد أن الشهرين الماضيين كانا دليلا واضحا للغاية. كذبوا ويكذبون وسوف يكذبون".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة