لله فى خلقه شئون وشجون، فمنهم من فطره على دينه واصطفاه وأعلى شأنه، ورفع قدره ومقامه بقدر اقترابه من دائرة رحمته الواسعة، فسار فى فلك المؤمنين والصديقين، يخطو خطاهم ويتأسى بأخلاقهم وتعتريه رفعة من نفسهم الزاهدة المتعبدة، ومنهم حط من شأنه ومقامه، طالما دنا من دنيا أحبها، وهام على وجهه فيها، وصار أسيرا لملذاتها وشهواتها الفانية، غير عابئ بنهاية محتومة.
ومن ذلك الصنف الأول الذى فطره المولى عز على دينه الحق منذ مولده الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى يبدو لنا فى أفعاله وأعماله كفيض روحانى خاص ومختلف، وتلك أمور لا يدرك كنيتها جيدا، ولا يستطيع وصفها إلا من ذاق طعمها، وعرف حلاوتها من أصحاب السير الطيبة من المتصوفة والواصلين والعارفين بصحيح الدين.
ومن علامات الرضا الربانى الذى اختص به المولى عز وجل (السيسي) كعبد من عباده المخلصين أن جعل يومه كله عبادة رغم ما هو ملقى على عاتقه من مهام جسام، ربما تنأى عنها الجبال الرواسى فى تلك الأيام العصيبة فى تاريخ مصر، فالرجل على قدر انضباطه العسكرى الذى لا يخالفه أبدا، عادة ما يبدأ يومه بصلاة الفجر، والحفاظ على تلاوة القرآن وختمه دائما أولا بأول، وله من الأوراد الصباحية قسط لا يغالبه فيه الوقت، كما لا تفارق أصابعه تلك المسبحة البنية التى هى من صميم طقوس تلك الأوراد.
حين تتأمل هذا الرجل الذى يحمل قدرا من التقى واللين فى شخصيته الآسرة، وهو دائما ما ينظر إلى السماء ليس لعجيب أو خيلاء، بل كنوع من التأمل الذى تعودت عليه عيناه اللتان تسبحان فى الملكوت الأعلى، وفى خلق الله وقدرته، وهو الذى جعل الله وكيله دائما فى كل شأن أو مسألة ورجاء، حيث يستخيره عزت قدرته فى كل قرار قبل أن يتخذه، أو فى أمر يحيره ويشغل باله فيعجز لسانه إلا عن ذكر الله.
"جابر الخواطر" هو اللقب الذى أطلقه كثير من المصريين على الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ظل حرصه الدائم على المواطن وجبر خاطر البسطاء والعمل على إسعادهم، وعلى مدار السنوات الثمانية الماضية انحاز الرئيس السيسى للبسطاء على أرض مصر، على المستوى الرسمى والمستوى الإنسانى، من خلال جولاته وحرصه على التواجد بين أبناء شعبه، إضافة إلى المناسبات التى جمعته بنماذج إنسانية حرص على إكرامها ومنحها التقدير الذى يؤكد على كرمه وحسن أخلاقه وتقديره للبسطاء.
والمواقف التى تعبر عن جبر الرئيس لخواطر المصريين كثيرة، ومنها ما شهدته احتفالية (قادرون باختلاف) قبل يومين والتى تفاعل الرئيس من خلالها مع أحد الشباب المشاركين من أصحاب الهمم، حيث نزل من مكانه من أجل لقاء الرئيس وقال الشباب أمام الرئيس باكيا: (أبويا وأمى ناس بسيطة.. وأنا مش قادر أتكلم) ما جعل الرئيس يتفاعل معه واحتضن الشاب واستمع إليه، ودار حوار إنسانى لافت بين الرئيس السيسى، والإعلامية (رحمة) خلال احتفالية فعاليات النسخة الرابعة من (قادرون باختلاف)، ووجهت رحمة كلمة للرئيس السيسى قائلة: (احنا لينا حظ إن رئيسنا هو حضرتك، ورد عليها الرئيس السيسى مازحا، اللى مالوش حظ ما يحبكمش.. انت مذيعة جامدة جدا يا رحمة).
وفى لفتة إنسانية، ليست بجديدة على الرئيس عبد الفتاح السيسى؛ أوقف الرئيس موكبه خلال مغادرته منطقة أبو رواش بالجيزة قبل ثلاثة أيام عقب افتتاح مصنعى الغازات الطبية والصناعية ومحطة توليد الطاقة الثلاثية بمجمع الصناعات الكيماوية، وذلك أثناء رؤيته إحدى السيدات جالسة على الرصيف، ليتحدث إليها، وسط مرور السيارات والمواطنين من حوله، وقالت السيدة العجوز للرئيس: (يارب يزيدك من نعيمة ويخليك للناس كلها.. ويبارك فيك) مضيفة: (انت حاجة كبيرة عندى وعند الناس أوى.. الدنيا كلها نورت النهاردة يارب يوسع رزقك ويخليك للناس كلها.. ويعلى مراتبك)، وكان الرئيس السيسى وجه بتلبية كافة احتياجات السيدة العجوز، وقال لها: (هنعمل لك كل حاجة إنتى عيزاها من عنينا وهنشوف اللى عيزاه فى المستشفى.. وأنا ليا الشرف إنى شفتك النهاردة .. ولو عايزه حاجة تانى قوليلى تحت أمرك).
مواقف الرئيس الإنسانية لا تعد ولا تحصى، فهو قبل فترة من لبى الطفل أحمد ياسر، المصاب بمرض السرطان بلقائه واستقباله له فى قصر الاتحادية وقبل رأسه، وفى قصر الاتحادية أيضا كان فى استقبال السيدة (منى) التى تداولت مواقع التواصل الاجتماعى الفيديو الشهير لها، التى تجر فيه عربة نقل البضائع واحتفى بها وقدم لها سيارة هدية لتساعدها فى عملها كنموذج مشرف للمرأة المصرية العاملة، والأمر نفسه تكرر مع (مروة العبد) سائقة التروسيكل، إذ دعمها الرئيس وقال عنها إنها نموذج مشرف لشباب مصر كافة، وقدوة لجميع المصريين فى الكفاح والعطاء والإصرار، ووجه الرئيس بتلبية كافة طلباتها ومساعدتها على ما تقوم به من أعمال.
كما جبر الرئيس بخاطر سائقة الميكروباص (نحمده) التى التقه خلال تفقده لعدد من مشروعات العاصمة الإدارية وصافحها الرئيس واستمع إلى مطالبها، بل ووفر لها سيارة ميكروباص لتمتلكها بدلا من عملها بأجر لدعمها وجبر خاطرها، فضلا عن جبر خواطر العديد من المواطنين خلال جولاته التفقدية أو مداخلاته الفضائية، كما كان حاضرا فى قصة (مريم فتح الباب)، الطالبة التى لم تخجل من مهنة والدها المتواضعة كحارس عقار، بعد تصدرها الشاشات والصحف لحصولها على المركز الأول فى الثانوية العامة عام 2017، فأراد إكرامها على اعتزازها بنفسها وبوالدها المصرى المكافح، فأجلسها بجواره فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدورى الرابع للشباب بعد أن تمت دعوتها من مؤسسة الرئاسة لحضور المؤتمر.
ولعلنا نلحظ مواقف الرئيس مع أبناء الشهداء، فقد حرص على ألا يمر العيد دون أن تعم الفرحة قلوبهم قبل أن تنتشر على وجوههم، وأقام احتفالية بعيد الفطر المبارك مع أبناء ضحايا العمليات الإرهابية من الجيش والشرطة، وبكى الرئيس خلال الاحتفالية تأثرا بفرحة الأطفال من أبناء ضحايا الإرهاب، ولم يكتف الرئيس بذلك، بل حرص على مساندة أطفال الشهداء فى عدة مواقف مختلفة، معنويا وبكل السبل، فاحتفى بهم فى عدة مناسبات، لإدخال البهجة على قلوبهم، ومن بينها فى يناير 2019، بمناسبة الاحتفال بالعيد 67 للشرطة، بمقر أكاديمية الشرطة، الذى تخلله الكثير من المشاعر الإنسانية.
أيضا نتذكر أن الرئيس السيسى أصبح أبا لكل المصريين، فخلال احتفالية يوم الشهيد 2021، خطفت أسرة الشهيد العميد أركان حرب (مصطفى عبيدو) الأنظار، حيث تحدثت أرملته أمل عبيدو، وابناها (سيف ولوجين) فى الفيلم التسجيلى بالندوة بعنوان (حلم الشهيد)، ثم أدى الطفلان جانبا من أغنية الحفل بتأثر بالغ، ثم وصلا للرئيس فاحتضنهما بطريقة أبوية حنونة لامست قلوب الجميع، وأعربت (لوجين) ابنة الشهيد مصطفى عبيدو، معبرة عن فرحتها باللقاء: (ما كنتش متوقعة إنى أقابل الرئيس، وتوترت جدا، ورغم توترى إلا إنى حسيت بالفخر وأنا بردد جملة "أنا بنت الشهيد"، وساعتها شفت دموع الرئيس فى عيونه، وشعرت إنه حاسس بوجعنا وإن حضرته أب تانى لينا لما حضنى).
لم تكن (لوجين) فقط هى الوحيدة التى حظيت بتلك المشاعر النبيلة الخالصة من الرئيس، ففى عام 2018، وتحديدا خلال الندوة التثقيفية الـ 27 للقوات المسلحة، يتذكر (عمر) نجل الشهيد (أحمد شبراوى)، لقاء الرئيس السيسى، الذى داعبه خلال هذا اللقاء بكلمات أبوية حماسية لم ينسها حتى الآن، اعتبر وقتها الرئيس بمثابة أب ثان له، وخفف عنه حزن فقدان والده، ليظل ذلك اللقاء عالقاً بذهنه ومؤثراً فيه بشدة.
وبالطبع لاينسى المصريون المبادرة الوطنية التى أطلقها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى (حياة كريمة) التى تعتبر أهم ترجمة لمواقفه الإنسانية تجاه قطاع كبير من الشعب المصرى، وهى مبادرة متعددة فى أركانها ومتكاملة فى ملامحها، تنبع هذه المبادرة من مسؤولية حضارية وبعد إنسانى قبل أى شيء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصرى، لأنها تهدف أيضا إلى التدخل الآنى والعاجل لتكريم الإنسان المصرى وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، ذلك المواطن الذى تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى والذى كان خير مساند للدولة المصرية فى معركتها نحو البناء والتنمية.
فلسفة الرئيس فى هذا المبادرة تنطلق من إيمان ويقين بأنه كان المواطن المصرى هو البطل الحقيقى الذى تحمل كافة الظروف والمراحل الصعبة بكل تجرد وإخلاص وحب للوطن، ومن هنا، كان لزاما أن يتم التحرك على نطاق واسع - ولأولِ مرة - وفى إطار من التكامل وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدنى وشركاء التنمية فى مصر، لأن ما تسعى هذه المبادرة إلى تقديمه من حزمة متكاملة من الخدمات التى تشمل جوانب مختلفة صحية واجتماعية ومعيشية، هى بمثابة مسؤولية ضخمة ستتشارك هذه الجهات المختلفة فى شرف والتزام تقديمها إلى المواطن المصرى، لا سيما من الفئات المجتمعية الأكثر احتياجا للمساعدة ولمد يد العون لها، حتى تستطيع أن تحيا الحياة الأفضل التى تستحقها والتى تضمن لها الحياة الكريمة.
من هنا جاء دور مبادرة (حياة كريمة) أحد أهم وأبرز المبادرات الرئاسية لتوحيد كافة جهود الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص لهدف التصدى للفقر المتعدد الأبعاد وتوفير (حياة كريمة) بها تنمية مستدامة للفئة الأكثر احتياجا فى محافظات مصر ولسد الفجوات التنموية بين المراكز والقرى وتوابعهم والاستثمار فى تنمية الانسان وتعزيز قيمة الشخصية المصرية، وتهدف المبادرة الى التدخل الإنسانى لتنمية وتكريم الإنسان المصرى وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم لإحداث تغيير ملموس لتكريس كافة مجهودات العمل الخيرى والتنموي.
وأخيرا أتذكر أن الرئيس السيسى فى خطابه الذى دشن فيه فترة رئاسته الثانية، كان شديد التركيز، شديد الشفافية، شديد الوضوح، فى أهدافه ورسائله ومراميه لم يستغرق أكثر من 15 دقيقة، حدد الرئيس عبد الفتاح السيسى الملامح الأساسية لفترة حكمه الثانية التى اختار لها عنوانا عريضا هو (إعادة بناء الإنسان المصري)، مؤكدا أن أروع أيام مصر هى أيامها القريبة المقبلة، بعد أن ألقى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب لأول مرة بعد 13عاما تأكيدا على أن الدولة المصرية الحديثة قد استكملت كل مؤسساتها الدستورية.
ومن هذا الخطاب أدركت أنه إذا كان بناء الإنسان المصرى على أساس شامل ومتكامل بدنيا وعقليا وثقافيا بما يمكنه من استعادة هويته المصرية هو الأهم فى فترة حكم الرئيس السيسى الثانية، تصبح ملفات وقضايا التعليم والثقافة موضع حوار مجتمعى صريح لإقرار حزمة المشروعات المطلوبة على مستوى قومى، مع ضرورة استمرار مسيرة الإصلاح الاقتصادى لنهايتها مهما تكن المصاعب، وتوفير شبكة الأمان الاجتماعى التى توفر فرص حماية الفئات الأقل قدرة كى تكون جزءا من مسيرة التقدم، ويظل هدف توفير مليون فرصة عمل كل عام يغطى تراكم نسب البطالة القديمة وتمكن الداخلين الجدد إلى سوق العمل من فرص عمل منتجة هو الهدف المستمر الذى يسبق كل الأهداف، ويتطلب من جميع المصريين جهدا مستمرا غير مسبوق، يرفع معدلات التنمية إلى نسب تتجاوز 8 فى المائة ضمانا لتحقيق جودة الحياة لكل المصريين، وأظنه أن الرئيس حقق الكثير من ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة