لا تزال تنتظر أوروبا شتاء قارس ومظلم بسبب ارتفاع الأسعار في أسواق الطاقة الأوروبية، والتي ستؤدى إلى مخاطر انقطاع التيار الكهربائي ، في ظل انخفاض في الغاز والفحم والديزل اللازمين لموسم التدفئة ، وهو ما يجعل الشتاء بمثابة أزمة كبيرة للأوروبيين.
ويتجه الاتحاد الأوروبي نحو شتاء يتطلب الوحدة والنجاح في مسائل الطاقة، وانتهى اجتماع رؤساء دول وحكومات المجتمع باستجابة ضعيفة لمشكلة معقدة تهرب من سلطة اتخاذ القرار لقادة منطقة اليورو، وما يزيد التوترات الناتجة عن الحرب في أوكرانيا الاعتماد الشديد على النفط والغاز الأمريكي وتوقعات الطقس التي ستحدد مستوى الطلب في الأشهر المقبلة.
وقال أنطونيو توريل الخبير في مؤسسة CSIC إن "الأوروبيين مهددين بشتاء قارس للغاية بسبب ازمة الطاقة".
بينما قال أنطونيو اسيتونو ، الرئيس التنفيذي لشركة Tempos Energía " كل دولة في أوروبا سيكون تعاملها مختلف مع ازمة الطاقة التي تواجهها ، فعلى سبيل المثال ، فإن ألمانيا وفرنسا تواجه اربع سيناريوهات محتملة، اثنان منها يشيران إلى تقنين الطاقة للأسر والمنازل، ويشير الخبير إلى أن المستوى العالي من الاحتياطيات في البلاد يضمن فقط شهرين ونصف الشهر من استقلالية الطاقة وأنه إذا حدث غير متوقع، فسوف ينهار النظام الألماني الهش.
وأشارت صحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية إلى أن ارتفاع أسعار الغاز يمكن أن يؤدى الى تعديلات في العرض والطلب لموازنة السوق التي تتسم بنقص المعروض، حيث أن هذه الأسعار سيكون لها تأثير كبير على السوق.
وأشار المحللون إلى أن نقص الغاز الطبيعى بسبب انخفاض الامدادات الروسية الموجه إلى أوروبا، يؤدى الى استنزاف احتياطات الغاز الموجودة في القارة خلال فصل الشتاء ، وهو ما سيؤدى الى عدم وجود الغاز الطبيعى بشكل نهائي في نهاية الشتاء، وهو بطبيعة الحال سيؤدى الى ارتفاع كبير في أسعار الغاز والكهرباء فضلا عن تدمير الطلب الى جانب تقليص الطلب على الكهرباء في القطاع الصناعى من خلال انقطاع التيار.
وهناك دولتان أوروبيتان رئيسيتان منغمسان في أزمة طاقة مع اتجاهين مختلفين للغاية. أحدهما ليس لديه غاز، والآخر ليس لديه نووي. إذا كانت هذه النواقل تقرب أوروبا من شتاء قاسٍ للغاية، حيث تعتبر ألمانيا أكثر الدول التي تعانى من نقص في الغاز الطبيعى.
وبالنسبة لفرنسا ، فإنها الدولة التي تعانى من أزمة في الطاقة النووية ، بعد أن تم تعطيل 26 مفاعلا من أصل 56 مفاعلا ، بسبب أعمال الصيانة الأبدية الناجمة عن مشاكل التآكل المكتشفة، ويضاف إلى ذلك دورة الإضرابات في العديد من المصافى في البلاد، ولذلك فإن فكرة انقطاع التيار الكهربائى منتشرة في البلاد مع وجود إجراءات منها التقنين وفرض قيود آخرى ، حيث سيكون شتاء صعبا للغاية.
ومن بين التعليمات الألمانية لتوفير الماء والغذاء تحسبا لانقطاع التيار الكهربائى، شراء الأطعمة التي لا تنتهي صلاحيتها بسرعة والتي تلبي حوالي 2200 سعرة حرارية في اليوم. يوصى بتنوع وجبات الطعام وعدم القيام بالتسوق دفعة واحدة، ولكن الذهاب شيئًا فشيئًا ، وشراء عبوة إضافية كل يوم وتجديد ما يتم استهلاكه.
وقالت روزاليا سانشيز، مراسلة قناة كوب في برلين: "لا يوجد ذعر بين الناس، لأن لديهم بالفعل هذه التجربة لأنه في بداية الوباء كانت هناك أيضًا هذه الأنواع من التوصيات. إذا سألت الناس، فإن معظمهم لديهم بالفعل معلومات عما سيقومون به".
ومع ذلك ، تجدر الإشارة إلى أنه قبل ألمانيا ، طلبت النمسا بالفعل من السكان منذ عام تقريبا أن يكون لديهم مجموعة أدوات البقاء على قيد الحياة من الطعام والماء، تحسبا لأى طوارئ مثلما حدث في الأشهر الأولى من انتشار فيروس كورونا، وشددت النمسا على أهمية أن يكون هناك نقود أو وقود أو راديو أو شموع أو أدوات إسعافات أولية أو ماء أو بطاريات أو ولاعات.
تمر المانيا بكارثة حقيقة لدرجة أن الحكومة الألمانية طالبت سكانها بتخزين المياه والغذاء لمدة 10 أيام، كما أن المستشار الألماني أولاف شولتز ، أصر على إغلاق المحطات النووية الثلاثة واللجوء إلى استخدام الفحم، بسبب نقص الغاز الروسى.
ازمة ديزل
كما تستعد أوروبا لشتاء عصيب مع انخفاض مستويات الديزل في مستودعات التخزين وتخوفها من التداعيات الكبيرة التي ستترتب على بدء سريان عقوبات الاتحاد الأوروبي على امدادات النفط الخام والمنتجات المكررة الروسية، خاصة على الصناعات والسائقين.
ويعتبر الديزل، إلى جانب أنواع الوقود المقطرة الأخرى مثل زيت التدفئة وزيت الغاز، شريان الحياة للصناعات مع استخدامه في العديد من الأغراض، من تشغيل محطات الطاقة إلى تدفئة المنازل، بالإضافة إلى استخدامه كوقود للمحركات، وفقا لصحيفة "الاكونوميستا" الإسبانية.
وسيضطر مستخدمو سيارات الديزل مرة أخرى إلى خدش جيوبهم لملء الخزان، فعلى سبيل المثال ، بعض محطات الخدمة في المدن الرئيسية الإسبانية ، يبلغ سعر الديزل 2 يورو، وهو رقم قياسى بالنسبة لسعر الديزل ، وذلك بسبب تهديدات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بإغلاق صنبور الوقود فى جميع أنحاء أوروبا.
أوروبا تفتقر الى مصانع البطاريات
وبالإضافة إلى أزمة الغاز الطبيعى وانقطاع التيار الكهربائي، فإن مصانع البطاريات تواجه أيضا تهديدات بالاغلاق، حيث قررت شركة Northvolt السويدية تأجيل خططها لبناء مصنعها الثالث للبطاريات في ألمانيا بسبب أزمة الطاقة وارتفاع تكاليف الطاقة.
وأعلنت شركة Northvolt المصنعة للبطاريات أن أزمة الطاقة الحالية في أوروبا تجبرهم على تأجيل خططهم لبناء مصنعهم الأوروبي الثالث، وهو منشأة ضخمة كان من المخطط بناؤها في شمال ألمانيا.
وقال بيتر كارلسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Northvolt ، فإن أسعار الكهرباء الحالية تهدد الجدوى الاقتصادية لمشروعات الاستهلاك العالى للطاقة في ألمانيا، كما هو الحال في مصنع بهذه النسب، ويخشى المصنع أن يكون لأزمة الطاقة الأوروبية آثار طويلة المدى، وكانت الشركة أعلنت عن بناء مصنعها الثالث، وهو مصنع ضخم تبلغ طاقته السنوية 60 جيجاوات في الساعة، وسيشغل حوالى 3000 شخص وسيبدأ نشاطه في نهاية عام 2025.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة