الحوادث تعيد نفسها، لا شيء يتغير، لكن بعض الحوادث تحتوى في داخلها على حس كوميدي، على الرغم من المأساة، من ذلك ما نشرته مجلة "الدنيا المصورة" في عدد 30 أكتوبر في سنة 1929.
تقول المجلة تحت عنوان "تحت سماء مصر"
تزوج إمام خليل الدمشاوى، أحد أهالى مصر القديمة، باثنتى عشرة امرأة، لكنه لم يحسن معاشرتهن فقاضينه جميعا واتحدت كلمتهن ضده وبينهم المطلقة والبائنة والغضبى والمقربة، وحكمت لهن المحكمة الشرعية بنفقات تتفاوت مقاديرها حسب قيمة كل زوجة منهم.
ولبث الرجل يؤدى فروض النفقة سنتين وهو يدفعها صاغرا وإن كان لا ينعم مع إحداهن بنعيم الزوجية، ولم يقو على العيش بعيدا عن المرأة فراح متخذا له أربع زوجات، ثم سئم عشرتهن فطلق البعض وهجر البعض وتزوج بخامسة .
واتحدت كلمة الزوجات الأربع على نتف ريش الزوج الغادر فقاضينه وأصدرت المحكمة ضده أحكاما بالنفقة لهن جميعا، ولكنه عجز أن يدفع تلك النفقات المتراكمة وتحدى الأحكام الصادرة ضده فلم يدفع لواحدة منهن مليما واحدا.
وشكونه مرة أخرى فصدر ضده حكم بالسجن فهرب تاركا مصر القديمة فارا من طلبات زوجاته العديدات وطلبات النيابة والبوليس .
ولكنه شعر بأن البوليس دائب فى البحث عنه فى غير كلل ولا ملل فسولت له نفسه الانتحار.
وفى الساعة الواحدة من صباح يوم الخميس الماضى ألقى بنفسه فى النيل على مقربة من قسم مصر القديمة فلما أشرف على الغرق تجلت له الحياة فى أجمل مظاهرها فصاح مستنجدا مستغيثا:
"حوشونى يا عالم يا هو .. خسارة واحد زيى يموت".
وأسرع إليه رجل البوليس حجازى كريم، ومحمد إبراهيم المراكبي، وألقيا إليه مدرة خشبية فى إحدى المراكب الراسية فأمسك بها وظل عالقا بها إلى أن وصل إلى الشاطئ وهو فى حالة خطرة.
وأرسل فورا بطلب الإسعاف فعملت له الإجراءات اللازمة حتى استرد قواه وباشر التحقيق حضرة الملازم صالح أفندى زكى بقسم مصر القديمة. وانتهى التحقيق بإرسال المنتحر إلى قلم المباحث لتنفيذ الأحكام الشرعية فيه.
والغريب فى أمر هذا الرجل الذى قاده حب الزواج إلى الإفلاس والسجن، وكاد أن يقوده إلى الهلاك أنه يمتلك عقارات كثيرة واصطبلات بها عدد مت الخيل الجيد وعربات النقل ولا يقل إيراده الشهرى عن خمسين جنيها.
ولكن مشاكله الزوجية وقضاياه مع زوجاته العديددات كانت سبب ارتباكه فى أعماله حت ساءت إدارتها.
ومع ذلك فما تظنه يلبس؟
لاسة من القماش الحقير وجلبابا رخيصا، وأخيرا بلغة مرصعة بالرقع والرتوق ز"اللوز".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة