رأى فنانون ونقاد أن التوعية بقضايا المناخ من خلال الفن ليس صعبًا ولكنه يحتاج إلى جهود كبيرة من خلال عمل مؤسسي لتقديم نوع جديد من الدراما والسينما والمسرح يحظى بقبول المشاهد ولا يتعرض للانتقاد والسخرية.
فمن جانبها، أكدت الفنانة فردوس عبد الحميد أهمية دور الفن الكبير جدًا في توعية الجمهور ولكن بشكل غير مباشر، كما أكدت ضرورة تقديم قضية تغير المناخ وسط العمل والمواقف الدرامية حتى تعطي نتيجة كبيرة.
ودعت فردوس عبد الحميد - في تصريحات صحفية، إلى تشكيل لجان قراءة ورقابة عندها وعي واهتمام بالمناخ والتلوث وتسعى لوجود أعمال مخصصة لذلك بشكل درامي، وتستطيع إيجاد تمويل للأعمال التي تتناول المناخ وتتبنى مسألة الأعمال الفنية التي تفيد الإنسان.
وقالت: "طول عمرنا نعمل على التوعية من خلال المسرح أو السينما أو الدراما ولكن ليس بصورة مباشرة أي تعليمية، الفكرة كانت تقال بشكل طبيعي جدا داخل الموقف الدرامي بصورة تعطي إحساسا للمتفرج أن هذا الأمر خطأ.. حتى على مستوى الأخلاقيات طول عمرنا نتكلم من خلال الدراما ما يجب أن يكون عليه من مثل عليا".
وأشارت إلى أن الفن يعتبر قدوة في كل ما يتعلق بمناحي الحياة وتقويمها ولكن بطريقة غير مباشرة وبدون توجيه لأن الجمهور يحب أن تتسلل إليه المعلومة ولا تفرض عليه، مشددة على ضرورة منع التدخين والأشياء المضرة في الأعمال الدرامية.
وطالبت الدولة بضرورة الاهتمام بمثل هذه القضايا في الفن وتحفيز صناع الدراما على تقديم أعمال تحث المشاهد على تجنب السلوكيات التي تضر المناخ وتدعو للمحافظة عليه من أجل ألا يتم تدمير الكوكب.
وأكدت أن الربح هو الإشكال الحالي الذي يواجه صناع الفن لأن الدولة عندما تنتج لا تضع الربح في مقدمة أولوياتها وبالتالي تكون الرسالة هي الهدف ما يجعل الأعمال تخرج بصورة قوية لأن غرضها تغيير توجهات المجتمع للأحسن ولكن التكالب على المكسب يؤدي إلى تقديم أعمال دون المستوى لا نريدها.
وبدوره، قال الفنان فتوح أحمد،"إن تغير المناخ موضوع كبير ويفضل تقديمه في أعمال درامية غير موجهة لأنها الأسهل والأسرع في الوصول إلى الجمهور وتحتاج إلى مؤلفين كبار على دراية كاملة بأهمية الموضوع وخطورة تأثيرات تغير المناخ".
وأكد أن الصعوبة في هذه النوعية من الأعمال يتمثل في الورق المكتوب بحرفية عالية.. حيث يسهل توصيل الرسالة المطلوبة، وخاصة إذا كان من الموضوعات المهمة مثل قضايا تغير المناخ.. مشددا على أن تقديم أعمال مشوقة سواء كوميدية أو أكشن يضمن النجاح لمثل هذه الأعمال خاصة أن هناك فنانين ومخرجين كبار لديهم خبرة وموهبة في إبراز تداعيات تغير المناخ في أعمال فنية بدون رتابة أو ملل.
ودعا فتوح أحمد الدول العربية إلى المسارعة في أخذ هذا الموضوع بجدية والمبادرة في إنتاج هذه الأعمال لأن مصر ليست وحدها المعنية بتداعيات تغير المناخ بل العالم أجمع، مقترحا تقديم قضية تغير المناخ في مسرحيات من فصل واحد وتصويرها تلفزيونيا وترجمتها وتوزيعها خارجيا.
ويقول الناقد الفني إلهامي سمير "لو قولنا لماذا لا يتم عمل مسلسلات أو أفلام توعية بأهمية المناخ، سنتطرق إلى أسئلة عديدة منها لماذا لا يوجد أفلام للتوعية بحرائق الغابات أو قضية القتل الخاطيء، أعتقد أن الفنان ينبغي أن يوعي بأهمية المناخ بشكل عام من خلال الفن، لأن الفن حاليا أصبح منفتحا أكثر من خلال المنصات ومن خلال كثرة الأعمال التي أصبحت تطرح حاليا".
وأضاف إلهامي حاليا هناك أكثر من عمل فني يتم طرحه كل يوم سواء في التلفزيون أو السينما، أصبح لدينا روافد كثيرة في مصر، قديما مثلا كنا نركز على نوعية معينة من الأعمال مثل أفلام الأكشن أو الكوميدي، لكنني أعتقد أن الوضع الآن يختلف عن السابق هناك أعمال دينية وحربية وصعيدية وأكثر من ذلك".
وأشار إلى أنه "بما أننا ننظم حاليا مؤتمر المناخ بشكل مميز، والرئيس حذر من موضوع المناخ في أكثر من حديث له، أعتقد أنها فرصة لنا أن نتحدث عن أهمية المناخ، هناك أنهار جفت براكين عادت للظهور مرة أخرى، أوروبا نفسها درجة الحرارة فيها أصبحت عالية جدا عكس السابق وحاليا في فصل الصيف يشتكون من درجة الحرارة، لكن أن نقدم أعمالا عن المناخ ينبغي أن تكون بشكل مختلف وليس بشكل خطابي، أو بمعنى أخر أن تعبر عن بيئتنا مثلما يحدث في الخارج".
وتابع "نحن هنا مثلا لا يوجد لدينا تسونامي، ممكن أن نقدم فكرة على المناخ في الإسكندرية، هناك من يقول إنها من الممكن أن تتعرض للغرق، لذلك تقديم فيلم عن اسكندرية، ممكن أن يتم من خلال العديد من القصص أن نناقش مثلا فكرة ارتفاع مستوى البحر وتعرض مجموعة من المنازل للغرق، والقصة من الممكن أن تتضمن بعض المعاني الاجتماعية الهامة، في النهاية ينبغي أن نناقش الفكرة بشيء يعبر عن البيئة الخاصة بنا".
ويقول الناقد الفني محمد فاروق "إن موضوع المناخ يحتاج خطة ممنهجة مثلما حدث في هوليوود عندما أرادوا أن يلقوا النظر عن فكرة التدخين والسجائر، هم تعاقدوا مع شركات ونجوم بعينهم لكي يسلطوا الضوء على هذه الأفكار ونجحوا فيها للأسف، ومن هنا يمكن القول إن الفن قادر على الترويج لأي شيء سواء كانت سلعة أو قضية".
وأضاف فاروق أن "الفن أيضا يمكنه أن يسلط الضوء على قضية المناخ، مثلا لو سلطنا الضوء على قيام فنان بإلقاء القمامة في أحد الأماكن المخصصة لها سيصبح الموضوع بمثابة عادة لجمهوره الذي يتابعه ويحبه".
وأشار إلى أنهم "في الخارج سلطوا الضوء على أهمية ارتداء حزام الأمان، نشاهد مثلا بطلا في أي عمل عند قيادة السيارة يبدأ أولا بربط الحزام، ومن هنا يتم التركيز على أهمية حزام الأمان وجعله عادة للمتفرج، نفس الشيء ينطبق على فكرة المناخ، يمكن أن نقدم القضية بشكل غير مباشر مثلما يفعلوا في الخارج، فهم حاولوا أن يثبتوا للغير أنهم مجتمع مثالي وهم من الممكن أن يكونوا أبعد عن ذلك".
وأضاف "نحن نستطيع التوعية بأهمية المناخ، من خلال اتفاق غرفة صناعة السينما مع المنتجين على تقديم بعض المشاهد في الأعمال الفنية مثل عدم رمي القمامة في الشارع، أو حرقها وتقليل انبعاثات الكربون من المصانع وتشجيع المواطنين على نشر أشجار الزينة أو الأشجار المثمرة في الشوارع والبلكونات وأسطح المنازل، من هنا نقدم للمشاهد بطريقة غير مباشرة أهمية المناخ والحفاظ عليه ونستطيع أن نؤثر فيه بشكل سريع وإيجابي".
بدوره ، قال الناقد الفني طارق مرسي "إن مناقشة قضايا المناخ من خلال الفن يعتبر منهجا جديدا يتم استخدامه من خلال ما يؤثر على صحة الإنسان خاصة الأمراض المستحدثة الناتجة عن تغير المناخ".
وأضاف "أنه يجب على الحكومة أن تقوم بدعم هذه القضايا من خلال الفن وإنتاج أفلام تكون ذات بعد مناخي توضح تأثير التغيير على حياة الفرد والمجتمع".
وأوضح محمد الأمير الناقد الفني أن تناول المناخ في الفن شيء حديث لم يتم تناوله من قبل، لافتا إلى أن هذا النهج لابد أن يكون توجه دولة نظرا لتكلفته المادية.
وأشار الأمير إلى أن هذه القضايا تحتاج إلى خطة طويلة الأمد من خلال كتاب متخصصين في هذا المجال لتوصيل أبعادها ومخاطرها بشكل مفصل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة