فى مثل هذا اليوم عام 1954، قرر مجلس قيادة الثورة المصرية بزعامة جمال عبد الناصر، اتخاذ قرار حل جماعة الإخوان، بعد محاولة الجماعة اغتيال الزعيم فى ذات الشهر، وهى الواقعة التى عرفت تاريخيا بـ"حادثة المنشية"، وتصاعد التوتر بين الزعيم الراحل وجماعة الإخوان الإرهابية بعدما رفض "عبد الناصر" محاولات التنظيم تنصيب أنفسهم وصايا على الثورة باسم الشريعة الإسلامية.
وكانت جماعة الإخوان وقتها هى الحزب الوحيد أيام ثورة 23 يوليو، حيث كان مجلس قيادة الثورة قد أصدر قراراً بحل جميع الأحزاب السياسية فى البلاد مستثنياً جماعة الإخوان المسلمين لكونها كانت تقدم نفسها "كجماعة دينية دعوية"، إلا أن الإخوان يوم 26 أكتوبر عام 1954، حاولت اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أثناء إلقاء خطاب فى ميدان المنشية بالإسكندرية بمصر، واشتهرت عقب ذلك بـ"حادثة المنشية".
وحاولت جماعة الإخوان إنكار الواقعة إلا أن قيادات تاريخية بالجماعة اعترفت بصحة الواقعة، وكان أبرزهم الإخوانى يوسف القرضاوي، إذ أكد خلال لقاء له عبر برنامج لمصر: "المسئول عن حادثة المنشية هنداوى دوير ومجموعته - التنظيم السرى للإخوان- هم الذين دبروا هذا الأمر".
ومنذ نشأة الجماعة ويتبع التنظيم مسلسل الاغتيالات، فيما يكشف حادث اغتيال محمود فهمى النقراشى، رئيس وزراء مصر، فى ديسمبر 1948، أن العنف هو وسيلة الجماعة الوحيدة لمواجهة خصومها، وهو ما أوضحه اعتراف أحمد عادل كمال فى كتابه الشهير "النقط فوق الحروف"، حيث كشف التفاصيل الدقيقة العملية، بداية فإن اغتيال النقراشى ارتبط ارتباطا مباشرا بقرار حل الجماعة عقب حادث السيارة الجيب التى تم العثور عليها صدفة وتم الكشف من خلالها عن وجود تنظيم سرى مسلح للإخوان فى مصر ومن ثم كان قرار حل الجماعة.
وفى 8 ديسمبر 1948 أصدر النقراشى أمره العسكرى بحل جماعة الإخوان المسلمين ولم تنقض ثلاثة أسابيع حتى سقط النقراشى قتيلا فى عرينه بوزارة الداخلية برصاص الإخوان، وكان لذلك الاغتيال أسباب ثلاثة، هى كما أفصح عنها عبدالمجيد أحمد حسن الذى اغتاله، تهاونه فى شأن قضية وحدة مصر والسودان، وخيانته لقضية فلسطين واعتدائه على الإسلام بحل الإخوان المسلمين كبرى الحركات الإسلامية فى عصرها.
ويتابع أحمد عادل كمال قائلًا: منذ وقع النقراشى قرار حل الجماعة وهو يدرك أنه ارتكب حماقة وتهورا يعرضه لما أصابه، فأعد لنفسه حراسة مشددة وبروجا مشيدة، وكان يذهب أياما إلى رئاسة مجلس الوزراء وأحيانا إلى وزارة الداخلية وأحيانا أخرى إلى وزارة المالية، وقد استدعى الأمر قيام الإخوان بعملية رصد متوال لمعرفة جدوله فى توزيع أيامه على وزاراته.
كذلك كان يغير طريقه من منزله بمصر الجديدة إلى أى من تلك الوزارات بوسط المدينة ولذلك استبعدت فكرة اصطياده فى الطريق.
ويضيف: فى صباح يوم الثلاثاء 28/12/1948، والكلام ما زال لأحمد عادل كمال، ذهبت قوة الحراسة المكونة من الصاغ عبدالحميد خيرت والضابط حباطى على حباطى والكونستابل أحمد عبدالله شكرى إلى منزل النقراشى لاصطحابه، وانتظروا الباشا حتى نزل إليهم قبل العاشرة صباحا بعشرين دقيقة، وركب الأول معه فى سيارته، بينما استقل الآخران سيارة أخرى تتبع السيارة الأولى، ووصل الركب وزارة الداخلية نحو الساعة العاشرة، ونزل الباشا من سيارته أمام الباب الداخلى لسراى الوزارة واتجه إلى المصعد مجتازا بهو السارى وإلى يساره الصاغ عبدالحميد خيرت وخلفه الحارسان الآخران، هذا بالإضافة إلى حراسة أخرى تنتظر بالبهو مكونة من كونستابل وصول وأونباشى بوليس.
ويتابع القيادى الإخوانى: وكان هناك أمام وزارة الداخلية مقهى الأعلام تم اختياره مسبقا ليجلس به عبدالمجيد أحمد حسن – 21 سنة - وقد تسمى باسم حسنى فى انتظار مكالمة تليفونية لتلقى إشارة بأن الموكب قد غادر بيت الرئيس فى طريقه إلى الوزارة، وتمت تلك التجربة مرات قبلها، وفى يوم الحادث تلقى «الضابط حسنى» إشارة تليفونية بأن الموكب قد تحرك، فغادر المقهى إلى البهو الداخلى لوزارة الداخلية، وهناك كانوا يخلون البهو من الغرباء فى انتظار وصول الرئيس ولكن عبدالمجيد وقد ارتدى زى ضابط بوليس لم يطلب إليه أحد الانصراف فهو من أهل البيت.
يقص كمال فى كتابه "النقط فوق الحروف.. النظام الخاص والإخوان المسلمون" أنه كان منعزلًا يمارس هواياته فى المنزل، والتى تمثلت فى جمع طوابع البريد وقطع العملات الأجنبية والرسم، قبل أن ينضم إلى جماعة الإخوان فى 1942 أثناء دراسته بالمرحلة الثانوية، معتبرًا أن زعيم الجماعة حسن البنا كان له الفضل فى تحوله إلى شاب مندفع يندمج فى "المجتمع الصاخب بكل ما فيه من نشاط روحى وثقافى ورياضى وسياسى وحركى علنى وسرى".
ويضيف كمال فى كتابه أن بعض أعضاء شعبة الجماعة بمنطقة الظاهر تقربوا إليه، بعدما التقوه بالمصادفة لقرب الشعبة من منزله، دون أن ينجذب لدعوة الجماعة فى البداية أو يهتم بفكرة الدعوة إلى الإسلام وإعلاء مجده التى كانت الجماعة تروج لها فى ذلك الحين، ثم طلبت الشعبة مقابلته للاطمئنان عليه بعد غيابه عن أعضائها لفترة، فذهب إلى مقرها واستمع إلى محاضرة ألقاها نائب الشعبة، أو المسئول عنها بلغة الإخوان، القيادى الإخوانى محمد الخضري، وتأثر بها بشدة وأصبح دائم التردد على الشعبة، وكان أشد أصدقائه بداخلها هو العضو حسين عبد السميع الذى كان أول من التقاه من الجماعة وأصر على التعرف عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة