انشغل الشارع المصرى خلال السنوات الماضية بحلم تصنيع سيارة كهربائية تكون في متناول يد المصريين من حيث السعر، والإمكانيات ومعدلات الاستهلاك، تماما كما انشغل الشارع بأحلام كثيرة تتعلق بتعميق وتوطين الصناعات التكنولوجية، بما ينعكس على المواطن بصورة إيجابية للغاية، لأنها ببساطة ستحد بشكل كبير من الاستيراد، وبالتالي ينخفض الطلب على الدولار.
خلال الفترة الماضية أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام عن تصنيع سيارة كهربائية، ثم أعلنت عدة جهات أخرى عن تصنيع سيارة كهربائية أخرى، وفى واقع الأمر فإن الإعلان الأول لم يتم على أرض الواقع بسبب رفض الشركة الصينية استكمال الإجراءات، والإعلان الثانى لم يتم أيضا إلا بشكل محدود وربما غير مرض لأذواق المصريين، وسط تساؤلات أجاب عنها بشكل قاطع الاجتماع الذى تم مؤخرا.
التساؤلات كانت تتعلق بأسباب إنتاج جهتين لسيارتين في وقت لا يحتمل السوق إلا سيارة واحدة "وبالعافية" إن صح التعبير، وبالتالي كان التساؤل لماذا لا يتم التنسيق أو لو يتم التنسيق بين مختلف الجهات لإنتاج سيارة ترضى وتلبى طموحات المصريين وفى الوقت نفسه تكون جاذبة لترويجها في الخارج.
من هنا كانت توجيهات القيادة السياسية واضحة، بل وقاطعة فيما يتعلق بالتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص لإنتاج السيارات أو غيرها من المنتجات والصناعات التي يتطلبها الداخل .
كان من نتيجة تلك التعليمات أن تم عقد اجتماع في غاية الأهمية مؤخرا، بين المهندس محمد صلاح الدين مصطفى وزير الدولة للإنتاج الحربي والمهندس محمود عصمت وزير قطاع الأعمال العام، والمهندس أحمد سمير وزير التجارة والصناعة، واللواء أركان حرب مختار عبد اللطيف رئيس الهيئة العربية للتصنيع، والمهندس محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات، بديوان عام وزارة الإنتاج الحربى لوضع النقط على الحروف.
اللقاء أثلج صدور المتابعين بشكل لا يصدق لأنه رد على التساؤلات التي تدور داخلهم، فالآن أصبح التنسيق واحدا، بمعنى لن يتم إنتاج منتجين مثيلين في مكانين مختلفين، وسيكون منتجا واحدا فقط، وسيكون لدى الجهة التى لديها الإمكانيات الفعلية للإنتاج.
على سبيل المثال فإن الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع وبعض شركات القطاع الخاص لديها خطوط جاهزة لتصنيع السيارة الكهربائية، بالتالى لا حاجة إلى إنفاق مئات الملايين على عمل بنية أساسية في شركة النصر لليساريات لتصنيع السيارة وكذلك يمكن تصنيع بقية المعدات في الأماكن المناسبة.
وتتضح أهمية اللقاء الرباعى بين الوزراء ورئيس الهيئة العربية للتصنيع في استعراض الإمكانيات التصنيعية والتكنولوجية والفنية المتوفرة بوزارات (الإنتاج الحربي، قطاع الأعمال العام، التجارة والصناعة) والهيئة العربية للتصنيع، في ضوء التوجيهات الرئاسية التي شددت على أهمية زيادة التعاون بين الوزارات والقطاع الخاص والهيئات الصناعية المصرية المختلفة لتحقيق التوافق والتكامل الصناعي بحيث لا يتم تكرار نفس المنتج في أكثر من جهة أو يحدث تداخل في الاختصاصات، بحسب ما أشار اليه المهندس محمد صلاح الدين وزير الدولة للإنتاج الحربي، مع أهمية التنسيق المستمر والتكامل المثمر والبنّاء بين الجهات الأربعة والاستغلال الأمثل للقدرات التصنيعية الوطنية بما يحقق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال إعداد بنك معلومات يضم الإمكانيات المتوافرة بكل جهة لاسيما أننا لم نعد نمتلك رفاهية الوقت في ظل ظروف اقتصادية عالمية بالغة الصعوبة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة