ما يحدث فى مصر هو تاريخ يكتب من جديد.. تاريخ يبرز قدرة مصر الحديثة ويبرهن على إرادة حقيقية من القيادة السياسية فى وضع مصر على صدارة الدول الكبرى وقوة اقتصادها، وفى مجال الإسكان استطاعت الحكومة خلال فترة لا تتجاوز الـ7 سنوات، اقتحام مشاكل كانت تخشى الأنظمة السابقة من الاقتراب إليها وتحقيق إنجازات كبرى سطرها التاريخ بحروف من ذهب.
فى ملف الإسكان الاجتماعى نفذت وزارة الإسكان أكثر من 700 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل واستفاد منها أكثر من 400 ألف أسرة حتى الآن، بواقع مليون و500 ألف نسمة، وبهذا المشروع تغلبت الوزارة على ظاهرة العجز الكبير فى الوحدات السكنية لهذه الشريحة ووفرت لهم وحدات سكنية آدمية كاملة الخدمات، بعكس ما كان يحدث فى الأنظمة السابقة التى كانت تقوم ببناء وحدات سكنية فقط دون أى خدمات أو مرافق، وبالتالى كان مصيرها هو سكن للأشباح، فمن غير المنطقى أن تنقل أسرة لوحدة سكنية دون كهرباء أو مياه أو حتى وسيلة نقل تساعدهم فى الانتقال من وإلى أماكن عملهم.. هذا المشروع يعد الأكبر على مستوى العالم وحصل على إشادات البنك الدولى وجميع المؤسسات الاقتصادية الكبرى فى العالم، ومن خلاله طالبت منظمة الأمم المتحدة للسكن بضرورة تطبيقه وتعميمه على مختلف الدول التى تعانى من عجز فى السكن، وبالفعل تم استعراض تجربة مصر العمرانية فى أكثر من مؤتمر دولى للسكن فى مختلف الدول العربية والأفريقية، ومن خلال هذا الملف حازت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على أكبر جائزة فى العالم وهى جائزة الأمم المتحدة فى المستوطنات البشرية.
ولم يقتصر دور وزارة الإسكان على محدودى الدخل فقط، لكنها حرصت على توفير وحدات سكنية لمختلف الفئات لتقوم بدورها فى الدعم والإتاحة، فالدعم يتمثل فى دعم الدولة لوحدات الإسكان الاجتماعى ولفئة محدودى الدخل، أما الإتاحة فتتمثل فى إتاحة الوحدات السكنية للفئات الأخرى، بحيث تكون فرصة لتوفير وحدات لهذه الفئات من ناحية، ومن ناحية أخرى فرصة لتمويل مشروع الإسكان الاجتماعى الموجه لمحدودى الدخل.
ونفذت وزارة الإسكان ما يقرب من 500 ألف وحدة أخرى موزعة على مشروعات دار مصر وسكن مصر ومشروع JANNA، بمساحات مختلفة تتراوح بين 100 متر و150 مترا، والغريب والمفاجأة أن هذه المشروعات حازت على ثقة فئة كبيرة من المواطنين وسحبت البساط من الشركات العقارية التى أسقطت من حسبانها الفئات المتوسطة واقتصرت فقط على الفئات العليا والتى تجاوز سعر الوحدة مبلغ الـ2 مليون جنيه، كما أن ثقة المواطنين فى الحكومة كانت سبب الإقبال الكبير منهم على مشروعات الإسكان التى تنفذها الدولة.
مليارات الجنيهات خصصتها الدولة لمشروعات الإسكان، حيث تجاوزت تكلفة مشروع الإسكان الاجتماعى مبلغ الـ300 مليار جنيه، بينما خصصت الدولة مبلغ 63 مليار جنيه للسكن البديل، وهو مشروع الإسكان المنفذ لنقل سكان المناطق العشوائية الخطرة، فضلا عن أكثر من 150 مليار جنيه أخرى وجهت لصالح الإسكان المتوسط للفئات الأخرى التى عانت كثيرا من الإهمال من قبل الأنظمة السابقة، فالدولة تتحمل ما يقرب من 500 - 700 ألف جنيه تكلفة وحدة السكن البديل كاملة المرافق والتأثيث، فيما يتحمل المواطن فقط من سكان المناطق العشوائية مبلغ 300 جنيه شهريا مصاريف الصيانة.
واقتحمت الدولة ملف العشوائيات وكان لها دور كبير فى إنقاذ آلاف المواطنين من الموت المحقق، فضلا عن تطوير المناطق العشوائية التى كانت عبارة عن وكر حقيقى لتجارة المخدرات وإيواء العناصر الخطرة، فقبل عام 2014 كان هناك نحو 14 مليون نسمة يقطنون بالمناطق العشوائية على مستوى الدولة المصرية، وهذا الرقم وصل فى بعض الدراسات إلى 20 مليون نسمة وفقا لتصنيف وتعريف المناطق العشوائية غير المخططة، منهم 1.7 مليون نسمة يقطنون 357 منطقة غير آمنة «بدرجاتها المختلفة»، و12 مليونا يقطنون مساحة 152 ألف فدان، وهى المناطق العشوائية غير المخططة.
وهنا يأتى السؤال ماذا لو استمر الوضع إلى ما بعد 2014 دون تدخل؟.. الإجابة حتميا تكون أنه لو استمر هذا الوضع لوصلنا إلى مزيد من تدهور البيئة العمرانية، وزيادة فى معدلات النمو العشوائى، والتعدى على الأراضى الزراعية، حيث كان سيرتفع عدد سكان المناطق غير الآمنة إلى نحو 3 ملايين نسمة، وعدد سكان المناطق العشوائية غير المخططة إلى 15 مليون نسمة، وإذا أخذنا فى الاعتبار تعداد سكان مصر فى الحضر، فإن ما بين 40 : 45 % من سكان مصر كانوا سيعيشون فى أماكن غير آمنة وغير مخططة، وهذه ستكون مشكلة كبيرة، ولكن الدولة أبت أن تستمر بهذا الشكل، وقررت تغيير الواقع، والقضاء على المناطق غير الآمنة، ووضعت خطة التطوير لبناء 250 ألف وحدة سكنية للسكن البديل، وهذه الأرقام بخلاف ما تقوم به وزارة الدفاع والهيئة الهندسية من مشروعات فى هذا المجال.
واستطاعت الدولة أن تعلن خلو مصر من المناطق العشوائية الخطرة فى العام الجارى، حيث لا يوجد أى مواطن حاليا يقطن فى منطقة غير آمنة، حيث تم ويجرى تنفيذ 250 ألف وحدة بمشروعات السكن البديل للمناطق غير الآمنة، بإجمالى تكلفة 63 مليار جنيه، وتم إعادة تسكين الـ250 ألف وحدة بالكامل، ولم تكتف الدولة بالقضاء على المناطق غير الآمنة، بل وضعت استراتيجيات التطوير والحد من ظهور العشوائيات، من خلال مشروع سكن لكل المصريين، وبرنامج الإسكان الاجتماعى، ويضم 1.8 مليون وحدة سكنية مدعمة تم وجار تنفيذها، وكذا المبادرة الرئاسية للتمويل العقارى، إضافة إلى منظومة الاشتراطات البنائية والتخطيطية الجديدة، لضبط وحوكمة العمران، إضافة إلى المجهودات التى من شأنها جعل توافر الوحدة السكنية سابق للاحتياج تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بتوفير وحدات سكنية تناسب مختلف شرائح المجتمع، وتلبى احتياجاتهم.
وأود أن أشير إلى نقطة فى غاية الأهمية أنه قبل عام 2014، كان المواطن يعانى من ضعف مستوى الدخل وعدم انتظامه، وكانت الدولة تعانى من عدم القدرة على توفير وحدات لمحدودى الدخل تتناسب مع الطلب، بينما قامت الدولة بعد عام 2014 بتقديم مسكن ميسر لساكنى المناطق غير الآمنة كامل المرافق والتأثيث مع تحمل المواطن مصاريف الصيانة الشهرية فقط ليتناسب مع قدرته، وفى حالات إعادة التسكين فى نفس المنطقة، تقدم الدولة للمواطن قيما نقدية للإيجار لحين استكمال البناء والعودة، مبينا جهود الدولة فى تحمل تكلفة الوحدة، حيث تبلغ تكلفة الوحدة من 500 - 700 ألف جنيه شاملة سعر الأرض وعمليات التطوير، الإزالة/ التعويضات فى بعض المواقع، بينما الأعباء على المواطن تتمثل فى تحمله لمصاريف الصيانة وقدرها 300 جنيه شهريا.
ونظرا لهذه الجهود الكبرى التى ذكرناها حصلت هيئة المجتمعات العمرانية على أكبر جائزة تقدم من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية 2021، فى مجال تطوير العمران المستدام، من بين أكثر من 170 ترشيحا من العديد من البلدان، وهى إحدى أعرق الجوائز فى العالم، وتقدم للأفراد والمدن والمنظمات والمشروعات التى تعمل على التحضر المستدام، حيث رأت لجنة الاختيار للجائزة، بالإجماع، أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، يجب أن تحصل على الجائزة لدورها طويل الأجل فى تحقيق العمران المستدام، من خلال توفير مشروعات إسكان اجتماعى آمنة، وبأسعار معقولة، لتشجيع التماسك الاجتماعى للسكان، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، ورؤية مصر 2030.
واستطاعت الدولة المصرية أن تحقق المركز الـ8 عربيا والـ69 عالميا فى مؤشر أفضل الدول فى جودة الحياة لعام 2021، حيث يُقيِّم هذا المؤشر أطر العمل والجهود المبذولة لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين فى 167 دولة.
هذه هى سياسة واستراتيجية الدولة متمثلة فى وزارة الإسكان لمختلف شرائح المجتمع والتى تمثلت فى الدعم والمساندة والإتاحة، وهو ما لمسته بنفسى من خلال متابعة هذا الملف على مدار سنوات، حيث يتم توجيه الدعم لفئات الدخل المنخفض، من خلال إنشاء وحدات سكنية ميسرة، والقضاء على مناطق الخطورة الداهمة وتطوير المناطق العشوائية، بينما تتوجه المساندة لفئات الدخل المتوسط، لتوفير وحدات بمساحات متنوعة، بجانب الإتاحة لفئات الدخل المرتفع طبقا لمتطلباتهم، ويساعد ذلك على توفير موارد لدعم الفئات الأقل دخلا.
كما كان لمدن الجيل الرابع، التى نفذتها وزارة الإسكان، دور كبير لدعم الاقتصاد المصرى وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، وجاءت فى مقدمة هذه المدن العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة الجلالة، ومدينة العلمين الجديدة.. والتى كان لها دور كبير فى تغيير وجهة النظر لمصر، ووضع مصر فى مقدمة الدول الجاذبة للاستثمار، هذه هى حكاية مصر ما بعد 2014، فمصر الحديثة بقيادة الرئيس السيسى تختلف تماما عن مصر التى كنا نعرفها فى العهود السابقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة