قال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، إن الأزمة سياسة في المقام الأول، ولكنها تتحور تدريجيًا لتشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وفي طريقها لتصبح أزمة شاملة، مشيرًا إلى عدم تمكنه من الجمع بين كل مكونات الانتقال في الوصول إلى رؤية موحدة.
وأضاف في خطاب الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء مساء الأحد، أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه وحدة ومصير البلاد، مؤكدًا أنه سوف يفسح المجال لغيره من أبناء الوطن ليواصل استكمال قيادة الوطن والعبور به خلال ما تبقى من عمر الانتقال نحو الدولة المدنية الديمقراطية الناهضة.
وأوضح حمدوك أن حكومة الفترة الانتقالية واجهت تحديات جسام؛ أهمها تشويه الاقتصاد الوطني، والعزلة الدولية الخانقة، والفساد والديون التي تجاوزت 60 مليار دولار، وتردي الخدمة المدنية والتعليم والصحة، وتهتك النسيج الاجتماعي الذي ظهر في حرب دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق؛ وغيرها من الصعاب التي واجهت المسيرة الوطنية، مشيرا إلى أن كل هذه التحديات تعاملت معها حكومة الفترة الانتقالية منذ فجرها الأول، إلا أننا وبجهد جماعي مع المخلصين من أبناء الوطن الأوفياء قد استطعنا تحقيق بعض الإنجازات في مجال السلام؛ حيث وقعنا اتفاق سلام جوبا مع عدد من قوى الكفاح المسلح.
وتابع أنه رغم العقبات التي اعترضت سبيل تنفيذ هذا الاتفاق؛ إلا أنه قد أسهم في إسكات صوت البندقية، وإحياء الأمل لملايين اللاجئين والنازحين بمعسكرات النزوح من الفقراء وإتاحة الفرص للتعافي الوطني والسلام المستدام، موضحا أن الحكومة بذلت جهدا في بسط الحريات عبر إلغاء القوانين المقيدة للحريات، وعلى إخراج البلاد من عزلتها الدولية ورفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعادة دمجها في المجتمع الدولي، وقدمت الكثير من حزم المعالجات الهيكلية في الاقتصاد، ودخلت في مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون؛ وكان من المأمول إعفاء 90% من ديون السودان التي تجاوزت 60 مليار دولار أمريكي عند الوصول إلى نقطة الإكمال.
وقال إن نهج الحكومة كان دائمًا هو الحوار والتوافق في حلحلةِ كل القضايا، ونجحنا في بعض الملفات وأخفقنا في البعض الآخر.
وأضاف حمدوك " قبولي التكليف بمنصب رئيس الوزراء في أغسطس 2019 كان على أرضية وثيقة دستورية وتوافق سياسي بين المكونين المدني والعسكري، وهو ما قمت بالتبشير به كنموذج سوداني متفرد، إلا أنه لم يصمد بنفس الدرجة من الالتزام والتناغم التي بدأ بها".
وأضاف أنه زاد على ذلك، الوتيرة المتسارعة للتباعد والانقسام بين الشريكين، الأمر الذي انعكس على مجمل مكونات الحكومة والمجتمع، مما انسحب على أداء وفعالية الدولة على مختلف المستويات، ووصول تداعيات تلك الانقسامات إلى المجتمع ومكوناته المختلفة ما جعل مسيرة الانتقال مليئة بالعقبات والتحديات.
وأوضح أنه من أجل ذلك أطلقنا عدد من المبادرات لنبذ الفرقة والشتات؛ ووقف التصعيد بين مختلف الأطراف والجلوس للتحاور والنقاش وإعلاء مصلحة الوطن على كل مصلحة. ومن أجل إجراء حوارٍ بين كافة مكونات الحكم وقوى الثورة.
ورأى حمدوك أن مفتاح الحل هو الركون إلى الحوار في مائدة مستديرة تُمثٌل فيها كل فعاليات المجتمع السوداني والدولة؛ للتوافق على ميثاق وطني ولرسم خارطة طريق؛ لإكمال التحول المدني الديمقراطي لخلاص الوطن على هدىٌ الوثيقة الدستورية.
وأعرب حمدوك عن تمنياته بعاجل الشفاء للجرحى والمصابين، والعودة للمفقودين، والأمن والسلام والاستقرار للنازحين واللاجئين السودانيين في كل بقاع الأرض والمواطنين في كل أركان الوطن الحبيب.
وقدم حمدوك الشكر لكل الأصدقاء في كل دول العالم وكل الشعوب المحبة للحرية والسلام والعدالة التي آمنت بهذه الثورة، معربا عن أمله أن تستمر ويتواصل الدعم السخي من جانبهم في كافة المجالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة