«هَمّ يضحّك وهَمْ يبكِّى» مَثَلٌ يراه كثيرٌ منا متحققا خلال التواجد فى أحد مراسم العزاء أو عند تصفح منصات التواصل الاجتماعى، ونفاجأ بمنشور مرفق به العديد من الصور لأشخاص تجدهم دائما فى كل سرادق، وكأن لديهم أجندة بمواعيدها، تجدهم يضحكون ويحولون هذا الحدث الجلل لـ"كرنفالات"، يستعرضون أنفسهم خلالها، ويجدونها فرصة يلتقطون فيها "سيشن العزاءات"، لا يهمهم حال أسرة المتوفى، ولكن كل ما يشغل بالهم التقاط صورة "سيلفى العزا"، خاصة أن الصورة ستكون وهم يرتدون "الحتة اللى على الحبل" ويوهمون متابعيهم على الفيس بوك عند تشييرها على السوشيال ميديا أنهم "مشايخ عرب".
طقوس غريبة لم تخل منها الآن مراسم العزاء فى كل قرى ومحافظات مصر، طقوس تجعلك تشعر أنه ليس عزاء ولكنه فرح، وكأنه بات يصعب على المشاركين فى ذلك تقدير الحال التى بها أهل المتوفى، وكيف يجب أن يكونوا بحضورهم عزاء وسلوان لأهل المتوفى، ولكن ما يحدث عكس ذلك، يضربون كل ذلك عرض الحائط ويتناسون أن الحدث جلل، ويتجاهلون أيضا معنى العزاء الحقيقى وأنهم فى مهمة سامية لأداء واجب إنسانى يخففون من خلاله على أهل المتوفى ويدعون لهم بالصبر والسلوان ومواساتهم، لا بابتسامتهم العريضة ولا بكون ذلك الحدث فرصة لاستعراض نفسه.
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل وصل الأمر فى بعض المحافظات لقيام أهل المتوفى بتأجير أحد مصورى الفيديو لتوثيق هذا الحدث الجلل وكأنه يوثق فرحا، تصرف حينما تشاهده يأخذ تفكيرك إلى أن هؤلاء كان ينتظرون وقوع ذلك الحدث ليستغلونه ويستعرضون أنفسهم من خلاله.. لم أتطرق خلال هذا المقال إلى ما يتم فى عزاء المشاهير أو غيره من مراسم العزاء لبعض الشخصيات العامة ولكن سيكون هناك مساحة أخرى للحديث عما يحدث بها.
الخلاصة، أن لواجب العزاء قدسيته واحترامه الذى يجب أن تراعى فيه مشاعر أهل المتوفى، وليس مساحة للاستعراض وتجريح المشاعر.. استقيموا يرحمكم الله واحترموا حرمة الميت وحزن أهله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة