"مفيش صاحب يتصاحب".. جملة غير تقليدية تجدها على خلفية السيارات الميكروباص والتكاتك، وذلك تعبيراَ لمقطع في أحد أغاني المهرجانات الشعبية التي تحولت إلى حكمة ترددها الألسنة في مواقف "الندالة" أو الخداع بين الأصدقاء، والتي وصلت إلى قيام عدد من الأشخاص بقتل أصدقائهم المقربين، وهو ما حدث مع المهندس أحمد عاطف، شهيد الدقهلية، الذي وقع ضحية على يد صديقه "الخائن".
ومع تطور الجريمة تطور معها السلوك الإجرامي، فأصبح "صديق السوء" الذي كان يردد قديما أنه فعل كل الموبقات في حياته إلا "خيانة الصديق"، ولكن هذه الأيام أصبح الصديق يقتل صديقه، ويتعرض الإنسان أحيانا لـغدر الصحاب، وهو من أقسى أنواع الغدر لأنه يأتي من الأشخاص الذين نثق فيهم للغاية.
واقعة المهندس أحمد عاطف - شهيد الدقهلية
11 يوماَ قضاها أهالي قرية ميت عنتر - بمحافظة الدقهلية – والأجهزة الأمنية حتى تمكنوا من العثور على جثمان المهندس أحمد عاطف، شهيد الدقهلية، الذي لقى حتفه غدرا على يد صديقه بإلقائه فى النيل بقصد التخلص منه لمطالبته له بمبلغ مالى قيمته 100 ألف جنيه ضمن معاملات مالية مع المهندس أحمد عاطف ولم يستطع سدادها، فقرر التخلص منه ودبر حيلة شيطانية بالاتفاق مع صديقه على الحضور إلى كوبري الجامعة في ميت غمر، والادعاء أن السيارة بها عطل وبعد نزول المهندس أحمد عاطف من السيارة باغته وألقاه في النيل.
واقعة مقتل "نجلاء" على يد صديقتها "نورهان"
وبالتأكيد تلك الواقعة ليست الأولى لتبين "غدر الصحاب" وليست الأخيرة، وليست هذه الواقعة أغرب من واقعة قتل "قابيل" لأخيه "هابيل" منذ أن خلق – الله تعالى – الأرض ومن عليها لتكون أول جريمة مادية على وجه البسيطة – وهو الأمر ذاته الذى تعرضت له الشابة نجلاء نعمة الله، والتي لاقت نهايتها هي الأخرى على يد أقرب الناس لها، وهي صديقتها "نورهان" الفتاة العشرينية، التي وثقت بها حتى أطلعتها على جميع أسرارها، ووصل الأمر إلى تركها مؤقتا بدلا منها في محل عملها بعيادة أحد أطباء العيون بمدينة كفر الدوار بالبحيرة، ونتج عن هذه الثقة التي كانت في غير محلها، مقتل "ملاك كفر الدوار" على يد صديقتها، وهو ما كشفته الأجهزة الأمنية بمديرية أمن البحيرة في أغسطس الماضي.
وأصبح للقتل وجوه كثيرة - فيعتقد البعض أنه وسيلة سهلة سواء لكسب المال ولو القليل، من خلال محاولات السرقة، أو حتى من الغيرة والحقد والحسد من الصاحب لصاحبه، وكذا يتوهم آخرون أنه سبيل النجاة والخلاص من المشاكل التي تحيط بهم على غرار الحقيقة، وهو الأمر الذي يجعلنا نتطرق إلى جرائم القتل من الناحية القانونية التي تتفق في الدوافع والتخطيط وسبق الإصرار وتختلف في عملية التنفيذ، وذلك في محاولة من القتلة للإفلات من "حبل المشنقة"، فقد انتشرت وقائع القتل ليس فقط للصديق لصديقه بل بشكل عام.
الجرائم تتفق في الدوافع والتخطيط وسبق الإصرار وتختلف في التنفيذ
من جانبه – يقول الخبير القانوني والمحامي بالنقض سامى البوادى – إن للقتل أنواع وأركان وعقوبات متفاوتة في القانون المصري، فهناك القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ، ولكل نوع من هذه أنواع الثلاثة حقيقة وحكم يتعلق به، وأما موضوعنا فيتعلق بالقتل العمد مع سبق الإصرار وحقيقته وهو هو أن يقصد قتل شخص بما يقتل غالبًا، ومن هذا التعريف لحقيقة القتل العمد يتبيّن أنه لا يسمى قتل عمد، إلا إذا تحقق فيه أمران:
أحدهما:
قصد الشخص بالقتل، فلو كان غير قاصد لقتله، فإنه لا يسمى عمدًا.
ثانيهما:
أن تكون الوسيلة في القتل مما يقتل غالبًا فلو أنه ضربه بعصًا صغيرة، أو بحصاة صغيرة في غير مقتل، فمات من ذلك الضرب، فإنه لا يسمى ذلك القتل قتل عمد، لأن تلك الوسيلة لا تقتل في الغالب.
9 صور من القتل العمد:
وبحسب "البوادى" في تصريح لـ"اليوم السابع" - للقتل العمد صور كثيرة يتحقق فيها كلها الأمران المذكوران آنفًا، ومن هذه الصور:
1- ضربه بحد السيف فمات من ذلك الضرب، أو أطلق عليه رصاصًا، فأصابه فمات منه.
2- غرز إبرة في مقتل: كدماغ، وعين، وخاصرة، ومثانة وما أشبه ذلك، مما يقول عنه أهل الاختصاص: إنه مقتل، فإذا مات بسبب شيء من ذلك كان قتله عمدًا.
3- ضربه بمثقّل كبير مثله غالبًا، سواء كان من حديد، كمطرقة وشبهها، أم كان من غير الحديد، كالحجر الكبير، والخشبة الكبيرة.
4- حرقه بالنار، أو صلبه، أو هدم عليه حائطًا، أو سقفًا، أو وطأه بدابة أو سيارة، أو دفنه حيًّا، أو عصر خصيتيه عصرًا شديدًا، أو ألقاه في النيل أو البحر أو المياه وهو يعلم أنه لا يجيد السباحة أو العوم.
5- خنقه: بأن وضع يده على فمه، أو وضع مخدّة على فمه حتى مات.
6-فإن خلاّه قبل أن يموت، فإن انتهى إلى حركة المذبوح، أو ضعف وبقي متألمًا حتى مات.
7- أوجره سمًّا قاتلًا، أو حبسه ومنعه الطعام والشراب حتى مات، أو سحره.
8- ضربه بعصًا صغيرة، أو رماه بحجر صغير، إلا أنه وإلى بين الضرب أو الرمي حتى مات، أو اشتد به الألم وبقي متألمًا حتى مات.
9- شهد رجلان عند القاضي على شخص بأنه قتل عمدًا، فقُتل، ثم رجعا عن الشهادة، وقالا تعمدنا الكذب لزمهما القصاص، لأنهما تسببًا بإهلاكه.
-الركن المعنوي في القتل العمد:
شكل القصد الجنائي في القتل: لا تقع الجريمة في بعض الحالات إلاّ بتوافر القصد الجنائي الخاص، بالإضافة إلى القصد الجنائي العام.
إثبات نية القتل:
جريمة القتل لا تقوم إلاّ بتوافر قصد إزهاق الروح، وحيث إن هذا القصد أمر باطني يضمره الفاعل فإن مشاكل كثيرة تثور حول إثباته واستخلاصه من الوقائع.
-قواعد إثبات هذه النية:
1-لا يلزم أن تكون الأداة التي استعملت في القتل ما تحدث القتل عادة، ذلك أنه يمكن.
2-توافر نية القتل مع أداة غير قاتلة بطبيعتها.
3-يمكن أن تتوافر نية القتل مع أن الأداة المستعملة غير قاتلة بطبيعته كالحجارة أو كالعصا.
-عدم توافر نية القتل مع أداة قاتلة بطبيعتها:
أ-لا يلزم أن تكون الإصابة في مقتل.
ب-سلطة محكمة الموضوع في استظهار نية القتل.
-الركن المادي في جريمة القتل:
يتكون الركن المادي في جريمة القتل من نشاط ونتيجة وعلاقة سببية، فجريمة القتل من الجرائم ذات النتيجة المادية وهي إزهاق الروح، ومادامت الجريمة لا تقوم إلاّ بحدوث نتيجة مادية، فإنه من اللازم توافر علاقة السببية بين النشاط والنتيجة.
-الظروف المشددة في جريمة القتل العمدي:
- سبق الإصرار
- الترصد
- القتل بالسم
- اقتران القتل بجناية
- ارتباط القتل بجناية أو جنحة
-القتل مع سبق الإصرار:
هو القصد المصمم علية لارتكاب جريمة تعد جناية أو جنحة يكون الغرض منها هو إيذاء شخص معين ومحدد أو ايذاء اشخاص غير معينة أو محددة
-ويقوم سبق الآصرار على عنصرين هما:
أ- عنصر زمني:
- وهي تلك الفترة الزمنية التى تمر من وقت تفكير الجاني فى الجريمة حتى وقت التنفيذ والبداء فى ارتكاب الأفعال المادية المكونة للجريمة.
ب- عنصر نفسي:
- وهي حالة الهدوء التي يمر بها الجاني فى التفكير فى الجريمة واسلوب ارتكابها وميعاد ارتكابها والخطة الازمة والحلول المناسبة فى حالة وجود عناصر مفاجئة غير متوقعة تظهر وقت التنفيذفمتى توافر هذان العنصران نكون بصدد جريمة قتل مع سبق الآصرار وظرف مشدد للعقوبة عن تلك الجريمة، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بمسألة المتهم وشريكته عن جريمة قتل عمد مع سبق الآصرار لما توافر لديهم من اصرار على قتل زوج المتهمة الثانية من أجل استمرار المتهمين فى علاقاتهم الآثمة.
-علة التشديد:
ترجع علة التشديد فى عقوبة القتل مع سبق الإصرار نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجاني حيث قام بالتفكير فى ارتكاب الجريمة بهدوء وتروى، وأقدم على ارتكابها مع علمه بوجود العقوبة المشددة إلا أن وجود تلك العقوبة لم يردعه عن تنفيذها.
سبق الاصرار وتعدد الجناة:
يطرح هنا التساؤل حول مدى امكانية القول بتوافر سبق الاصرار فى حالة تعدد الجناة؟
والثابت أن سبق الإصرار يتوافر فى حالة تعدد الجناة مرتكبي الجريمة إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة فقد لا يتوافر سبق الإصرار لدى كافة المساهمين حيث قد تنشأ فكرة القتل لدى مرتكبي الجريمة فجأة وفى حالة غضب دون أن يكون لديهم الوقت فى التفكير والتدبير لارتكاب الجريمة، وبالتالي ينتفي النصر الزمنى في الجريمة، وبالتالي ينتفي الظرف المشدد في جريمة القتل المبرر.
-اثبات سبق الإصرار:
سبق الاصرار، هو حالة ذهنية تثور لدى الجاني فهو أمر داخلي غير محسوس لا يمكن التنبؤ به، ومن ثم فإن القضاء يستند الى توافر سبق الإصرار لدى الجاني عن طريق الاستناد الى الأدلة المادية المحسوسة الظاهرة من وقائع وظروف وملابسات الجريمة، ومتى توافرت تلك الظروف المادية واستند اليها القاضي للتدليل على توافر سبق الإصرار فإنه يجب عليه أن يبن تلك الظروف في حكمه، وإلا كان حكمة معيبًا يستوجب البطلان وتطبيقًا لذلك يكون نعى المتهم على حكم المحكمة غير صحيح.
-عقوبة القتل مع سبق الإصرار:
هي الإعدام.
-ثانيا الترصد:
هو تربص الجاني فى مكان ما فترة معينة من الوقت سواء طالت أو قصرت بهدف ارتكاب جريمته وإيذاء شخص معين
ويقوم الترصد على عنصرين هما: -
أ- عنصر مكاني: وهو تربص الجاني للشخص الذى يرغب في إيذائه فى مكان ما انتظارا لقومة لارتكاب جريمته هذا المكان فيكون مكان عام كانتظار المجنى عليه فى الشارع العام أو انتظاره فى حديقة عامة أو فى بستان، وقد يكون المكان خاص كانتظار المجنى عليه فى شرفة المنزل أو مستشفى خاص مغلق أبوابه.
ب- عنصر زمانى: وهي الفترة الزمنية التي تمر والجاني في انتظار وصول المجنى عليه لارتكاب جريمته هذه المدة قد تكون طويلة وقد تكون قصيرة، وتطبيقا لذلك قضت المحكمة بتوافر الترصد فى شأن المتهمين لقيامهم بالتربص للمجنى عليه في الطريق انتظارا لعودته من المسجد الى البيت من اجل أإهاق روحة.
علة التشديد:
وترجع علة التشديد في عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية في شخصية الجاني بالإضافة الى ما يدل على توافر الجبن والخسة والنذالة في شخصية الجاني، وخوفه من مواجهة المجني عليه وإحساسه بقوة المجني عليه التي قد تعوقه عن اتمام جريمته، كما أن التربص يتوافر فيه عنصر المفاجأة بالنسبة للمجني عليه، فيشل حركته ويمنعه من التفكير في المقاومة مما يسهل على الجاني جريمته.
-الطبيعة القانونية للترصد:
الترصد شأنه شأن سبق الاصرار إنما هو حالة ذهنية تثور لدى الجاني فهو أمر داخلي غير محسوس لا يمكن التنبؤ به، ومن ثم فإن القضاء يستند الى توافر الترصد لدى الجانى عن طريق الاستناد الى الأدلة المادية المحسوسة الظاهرة من وقائع وظروف وملابسات الجريمة ومتى توافرت تلك الظروف المادية، واستند اليها القاضي للتدليل على توافر الترصد فإنه يجب عليه أن يبن تلك الظروف فى حكمه وإلا كان حكمة معيبًا يستوجب البطلان إلا أنه لا يشترط الارتباط بين الترصد وسبق الاصرار.
-عقوبة القتل مع الترصد:
هي الإعدام.
رابعًا: اقتران القتل بجناية.
المقصود من اقتران القتل بجناية: -
ويقصد به هو أن يرتكب الجانى جريمة قتل عمدى ثم يعقب ارتكابه لتك الجريمة جريم اخرى تعد من الجنايات خلال فترة زمنية قصيرة من ارتكابه لجريمة القتل.
-علة التشديد:
وترجع علة التشديد فى عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجانى.
-شروط التشديد:
أ- ارتكاب الجانى جريمة القتل العمدى.
ب- اقتران جريمة القتل بجريمة اخرى تعد جناية.
ت- توافر رابطة زمنية بين جريمة القتل العمدى والجناية الأخرى.
الشرط الأول:- ارتكاب الجانى جريمة القتل العمدى.
الشرط الثانى:- اقتران جريمة القتل بجريمة أخرى تعد جناية.
كذلك يشترط لتشديد العقوبة هو أن تقترن جريمة القتل بجريمة اخرى تعد جناية بغض النظر عن نوع تلك الجناية، فقد تكون قتل أخرى، أو قد تكون سرقة بالإكراه أو قد تكون حريق عمدي أو عاهة مستديمة وبناء علية فلا يتوافر ذلك الشرط إذا ما كانت الجريمة المقترنة بالقتل تعد من الجنح أو من المخالفات ويشرط في تلك الجناية الثانية توافر شرطيين هما: -
1-أن تكون الجناية المقترنة بالقتل معاقب عليها: -
وبالتالي فلا نكون بصدد جناية إذا ما كان المشرع لم ينص على عقاب بالنسبة لنلك الجريمة أو كانت تلك الجريمة غير معاقب عليها لوجود سبب من أسباب الإباحة أو من مانع من موانع المسئولية
2- أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عن جريمة القتل العمدي:
عقوبة القتل المقترن بجناية:
هي الإعدام أو السجن المشدد.
ويقصد بارتباط القتل بجناية أو جنحة هو أن يرتكب الجانى جريمة القتل العمدى من أجل تسهيل مهمته فى ارتكاب جريمة تعد من الجنايات أو من الجنح أو مساعدة مرتكبى تلك الجريمة، كمن يقتل حارس العقار عمدًا من أجل تسهيل عملية سرقة العقار أو كمن يقتل المجنى علية بعد سرقته من أجل الفرار بالمسروقات
-علة التشديد:
وترجع علة التشديد في عقوبة المتهم نظرا لما يدل على خطورة اجرامية فى شخصية الجاني حيث بلغ به الآستهتار بحياة المجني عليه، وأقدم على القتل من أجل تسهيل ارتكابه جريمة اخرى ذى قيمة أقل بكثير من حق المجني عليه فى الحياة.
-شروط التشديد:
أ- ان يرتكب الجانى جريمة القتل العمدي.
ب- ارتباط جريمة القتل العمدي بجريمة تعد جناية او جنحة.
ت- توافر رابطة السببية بين الجريمتين.
الشرط الأول: ان يرتكب الجاني جريمة القتل العمدي.
الشرط الثانى: ارتباط جريمة القتل العمدي بجريمة تعد جناية أو جنحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة