التعرف على تركيبة الشخصية المصرية ليس أمرا سهلا لأن هناك طبقات من التراكم الثقافى صنعت ما نراه الآن، ومن الكتب التى تحدثت عن هذه القضية كتاب "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" لـ ميلاد حنا.
نحن شعب مصر لنا جميعا هذه المكونات السبعة فى وجداننا، ومن الطبيعى أن يفضل بعضنا الانتماء الفرعونى، بينما البعض الآخر يراه انتماء لعصور وثنية قد ولت وانتهت إلى غير رجعة، وأن البدائل المقبولة هي الانتماء إلى العروبة والإسلام.
ولذلك فإنه رغم وجود هذه التركيبة، في كل منا - ولكنها إنتماءات أو أعمدة ليست متساوية في الطول والمتانة، وأن اهتمام وتقدير كل منا لهذه الأعمدة داخل نفسه أو في وجدان الشعب المصري كله يختلف من إنسان لآخر حسب التركيبة والذاتية، بل لعلها تختلف للفرد والإنسان الواحد مع الزمن، ومن حقبة لأخرى.
على أن الأمر لا يقتصر على هذه الانتماءات السبعة أو غيرها لشخصية المواطن المصري، لأننا في النهاية لسنا قوالب أو أنماط متكررة رغم هذه القاعدة والأرضية المشتركة لأمزجة من ينتمون إلى وطن واحد، فلكل منا ذاتيته وخصوصيته وتفرده، ولذلك فقد خصصت الفصل الأخير من الكتاب لتوضيح الانتماءات الشخصية التي تتراكم عادة للفرد، والتي تبدأ مع الأسرة ثم الحي أو القرية ثم المدرسة، فالمهنة فالارتباط بالعمل، فضلاً عن الانتماء الديني والأيديولوجي.
يقدم هذا الكتاب قصة الحرب والمغامرة، فهي المختصر المتكامل لما يمكن أن يعنيه العرب للعالم، لقد احتل هذا الكتاب مركزه، فوراً، بين الكتب الكلاسيكية الإنجليزية.
إن غنى الموضوع، وقوته، وميزة الأسلوب الرفيع فى كتابته وتلك الشخصية الصوفية التي لا حدود لها، ذلك كله رفع هذا العمل الجبار إلى ما فوق مستوى جميع المؤلفات المعاصرة، إذا كان السياسي البريطاني ونستون تشرشل قال هذا الكلام عن كتاب لورانس الأشهر، فإن هذا الأخير نفسه كان ينظر إلى عمله الذي كان هذا الكتاب خلاصته وسرده التاريخي على الشكل التالي: «أنا لم يكن لديّ طوال وجودي سوى رغبة وحيدة، وهي أن أتمكن من التعبير عن نفسي، بأيّ ضرب من ضروب الأشكال التخيلية، غير أن عقلي المشتت أكثر من اللازم، لم يعرف أبداً كيف يحصل على التقنية اللازمة لذلك، ثم أتت الصدفة، إضافة إلى مزاج منحرف بعض الشيء، لترمي بي في خضم العمل والفعل نفسيهما، وأعطتني مكاناً في الثورة العربية، موفّرة لي فرصةً لكي أخوض في مضمار الأدب الذي بدا بالنسبة إلي فناً من دون تقنية.
الكتاب مكون من 8 فصول، بعد الإهداءات والتعريف بالكتاب كونه "كتاب عن مصر"، فيتحدث الفصل الأول عن "مصر رقائق الحضارات"، والثاني "لن تتلبنن مصر" أما الفصل الثالث الذي عنون بـ"الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" قسم إلى (العامود الفرعوني، والعامود اليوناني - الروماني، والعامود القبطي، والعامود الإسلامي)، ثم يأتي الفصل الرابع الذي عنون بـ"انتماءات حسب المكان" وفيه يتحدث عن (العامود العربي، والعامود البحر أوسطي، والعامود الإفريقي)، ثم تتحدث الفصول الأربعة التالية عن "نظريات حول الانتماء"، و"مخاطر ضمور الخصوصية الثقافية القبطية"، و"سيمون بوليفار محور أمريكا اللاتينية"، و"جائزة سيمون بوليفار الدولية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة