صدر أخيرًا العدد (59) لشهر سبتمبر من مجلة (الشارقة الثقافية) التى تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، وجاء فى الافتتاحية التى حملت عنوان (التواصل الثقافى وركائز التقدم الحضاري)، أنّ مفهوم الشراكة الثقافية اتخذ أبعادًا جديدة، خصوصاً بعد التحولات والتطورات التى شهدها عالمنا المعاصر على مستوى العلاقات والفعاليات، إذ تحوّل هذا المفهوم إلى منهج عالمى إنسانى يكرس الانفتاح والتعاون والتفاعل والتواصل، ويرسخ احترام الخصوصيات الفكرية والحضارية والهويات الثقافية، فتشكّلت وفق ذلك علاقات غنية ومثمرة بين العديد من الدول، توّجت بأشكال مختلفة من الاتفاقيات ومذكرات التعاون المشتركة والتبادلات الثقافية والزيارات العلمية، ورأت أن هذه الخطوات تعبّر عن الاستجابة للتحولات الحديثة والانسجام مع السياق الثقافى الجديد الذى أوجد طرقاً جديدة فى التفكير والممارسة والتعبير والاكتساب، تعطى أولوية لبناء الإنسان ونهضته على أسس التنوير وركائز التقدم الحضاري.
أما مدير التحرير نواف يونس؛ فأشار فى مقالته (المقدمات الأولى للنقد الفنى عربياً) إلى أننا ونحن نتوجه إلى تراثنا الأدبي، بين الحين والآخر، لننقب به ونضيء بعض جوانبه، فإننا لا نتبنى الدعوة بالعودة إلى الماضي، بل إلى نظرة جديدة له، باعتباره ليس مجرد تراكم نوعى وحسب، بل بما ينضوى عليه من لحظات وعي، تجعله تراثاً يحمل قيمته الجمالية والفنية، وهو ما لا يعيدنا إلى طرح العلاقة الجدلية بين الماضى والحاضر، برغم أننا ننحاز بقوة إلى الجانب الذى يرى أن النظرة الجدية إلى الماضي، تسهم فى تحديد موقفنا من الحاضر، وبالتالى المستقبل أيضاً، مضيفاً: (لذا نحن لا نصور الأمر وكأن الماضى هو عصرنا الذهبي، وإنما نحاول استحضاره كقوة دفع يواكب من خلالها متطلبات الحاضر نحو مستقبل أكثر وعياً بذواتنا وهويتنا وشخصيتنا الإبداعية).
وفى تفاصيل العدد، توقف يقظان مصطفى عند جابر بن حيان (أبو علم الكيمياء) الذى صنع أول مختبر يسترشد المنهج العلمي. وكتبت هبة أبو الفتوح عن بوكاشيو صاحب (الديكاميرون) الذى تأثر بكتاب (ألف ليلة ولية). فيما رصد أحمد أبوزيد تاريخ مدينة سراييفو التى تحمل عبق الشرق الإسلامي. وجال محمد العساوى فى ربوع مدينة السعيدية التى تعد جوهرة المغرب الزرقاء.
أمّا فى باب (أدب وأدباء)؛ فتابع كل من عبدالعليم حريص وجعفر العقيلى فعاليات الدورة الخامسة من (ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي)، الذى احتفى بالأدباء فى أوطانهم وكرم مبدعى الأردن. وتناول صابر خليل الاتجاهات الجديدة فى الرواية التى أسسها الطاهر وطار، وعبر بالكتابة عن هويته وواقعه الجزائري. وكتب نبيل سليمان عن الإيقاع الذى يعد من أسرار الإبداع، وأشار إلى ضابط الإيقاع فى الرواية. وقرأ وليد رمضان سيرة عبدالله الطيب الذى يعتبر عميد الأدب العربى فى السودان. وأجرى محمد زين العابدين حواراً مع الكاتبة هالة البدرى التى رأت أن هناك علاقة وثيقة بين الشخصية المصرية والبيئة الريفية.
وألقى حسن بن محمد الضوء على تجربة الكاتبة السودانية إستيلا قايتانو التى تعد رائدة الرواية باللغة العربية فى جنوبى السودان. وتناول خلف أبوزيد مسيرة الأديب عيسى الناعورى الذى احتل مكانة رفيعة فى عالم الأدب. وحاور أحمد حسين حميدان الدكتور عبدالمالك أشهبون الذى دعا إلى تأسيس خطاب جديد لقراءة التراث. وكتبت غنوة عباس عن عميد المترجمين العرب الدكتور محمد عنانى الذى غاص فى عمق الأدب العالمى وترجمه. فيما حاور الأمير كمال فرج الدكتور يسرى عبدالغنى الذى أصدر (55) كتاباً فى الأدب والتاريخ والتحقيق والنقد. وتناول ناجى العتريس سيرة الشاعر كامل الشناوى الذى درس الآداب العربية والأجنبية فى عصورها المختلفة، وكان من رواد ندوات طه حسين والعقاد. والتقى ضياء حامد الدكتور رشيد الإدريسى الذى أكد أن (جائزة الشارقة للنقد الشعري) جاءت لتنصف الشعر. بينما كتبت رويدا محمد عن الأديب والشاعر عبدالعزيز جاويش الذى يعد من رواد النهضة الثقافية العربية. وتطرق عزت عمر إلى رحلة ابن شهيد إلى وادى عبقر حيث يحفل بالغابات والينابيع ويقطنه توابع الشعراء والكتاب. وتناولت د.بهيجة إدلبى تجربة أنور المعداوى الذى دعا إلى الابتكار فى الرأى والرؤية. وحاورت سعاد سعيد نوح الروائى أحمد الفخرانى الذى قال إنه راضٍ عن خوض غمار التجريب والمغامرة. واحتفى هشام عدرة بتجربة الشاعر فايز خضور الذى لا ينتمى إلى جيل شعرى معين ويعتبر أن الشعر الحقيقى لا زمان له.
وفى باب (فن. وتر. ريشة) نقرأ الموضوعات الآتية: (إطلاق الخيال الإبداعى فى تدوير "المهمل" ليصبح "محتفى" به، بقلم محمد العامري- عمر حمدي.. فنان المقامات اللونية، بقلم الشارقة الثقافية- حبيب غلوم وهيفاء حسين أكملا الطريق معاً، بقلم صفاء البيلي- "السينما المستقلة" المعادلة الأصعب فى حصد الجوائز، بقلم أسامة عسل- هدى العجيمى ورحلة نصف قرن فى الإذاعة المصرية، بقلم مصطفى عبدالله- طاهر أبو فاشا وقصته مع "رابعة العدوية" و"أم كلثوم"، بقلم محمد الشحات).
من جهة ثانية؛ تضمّن العدد مجموعة من المقالات الثابتة، وهي: (محمد شفيق غربال، مؤسس مدرسة التاريخ المصرى الحديث، بقلم د.محمد صابر عرب- تأملات فى أدب الجاحظ، بقلم سوسن محمد كامل- أحمد أبو خنيجر تتسم كتاباته بخصوصية التفرد، بقلم د.اعتدال عثمان- الأدب بين الواقعى والمتخيل، بقلم سلوى عباس- قول فى دلالة "علم الأدب"، بقلم د.مازن أكثم سليمان- الثقافة حبل نجاة، بقلم مفيد أحمد ديوب- الحداثة وما بعد الحداثة مقاربة ذاتية، بقلم غسان كامل ونوس- الخروج إلى فضاء الرؤيا، بقلم يوسف عبدالعزيز- "تيار الوعي" فى الرواية الحديثة، بقلم مصطفى محرم- المهدى المنجرة، المنذر بآلام العالم، بقلم صالح لبريني- الأفكار والرؤى فى حضانة العلم، بقلم فوزى صالح- المجلات والصفحات الثقافية وميض واسع الطيف، بقلم أنيسة عبود- إلياس بديوى وجمال شحيد يترجمان ملحمة مارسيل بروست (البحث عن الزمن المفقود) عربياً- أنيسة عبود أسهمت فى إعادة تأسيس جديد للكتابة النسوية، بقلم أحمد يوسف داوود- "سهى وزهرة عباد الشمس" أفق جديد لأدب الطفل، بقلم حاتم السروي- الأصول النظرية والتباسات المفهوم ما بعد البنيوية نموذجاً، بقلم د.حاتم الصكر- حروف ونقاط.. الخط العربى والهوية، بقلم مصطفى الخلفاوي- تسجيل اللحظة وتصويرها فى الفن التشكيلي، بقلم نجوى المغربي- الحروفية انقلاب معرفى على الرسم التشخيصي، بقلم أنور محمد- مسرحية الفصل الواحد بعيداً عن الذروة الدرامية والصراع، بقلم فرحان بلبل- عمار العسكرى من رواد السينما الجزائرية، بقلم محمد حسين طلبي- المنهج التواصلى وآلياته نحو مقاربة جديدة للمتن الأدبى والموسيقي، بقلم خالد هلالي- لوتس عبدالحميد أدب الاعتراف فى الكتابة النسائية، بقلم د.يحيى عمارة).
وفى باب (تحت دائرة الضوء) قراءات وإصدارات: (التحليل الاجتماعى للأدب، بقلم نجلاء مأمون- تجسيد الطبيعة وتوظيفها.. بين الفن والمضمون فى "فرح" وقصص أخرى، بقلم مصطفى غنايم- محمد البريكى يتساءل فى شعره عن هموم الإنسان وتطلعاته، بقلم زمزم السيد- فى كتابه "حارة العرب" المستشرق جوستاف لوبون أنصف الإسلام، بقلم حجاج سلامة- "النوم إلى جوار الكتب" لؤى حمزة يرصد حاضر الكتابة وماضى الحياة، بقلم د.هويدا صالح- أحمد يحيى على والخطاب الروائي، بقلم انتصار عباس- السرد الأدبى من التجريبى إلى الترابطي، بقلم أبرار الآغا- محمد المر من القص إلى الرؤيا، بقلم ناديا عمر).
وأفرد العدد مساحة للقصص القصيرة والترجمات لكوكبة من الأدباء والمبدعين العرب، وهي: ضو سليم (تهمة مفتعلة) قصة قصيرة- (تهمة مفتعلة) عنوان يكاد يشى بمتنه/ نقد بقلم د.عاطف البطرس- مصطفى الحفناوى (جوافة جدي) قصة قصيرة- ذكاء ماردلى (على الجانب الآخر من البحر) قصة قصيرة- رفعت عطفة (حلم فى زمن الكورونا) قصة مترجمة- إضافة إلى (أدبيات) من إعداد فواز الشعار تضمنت جماليات اللغة وقصائد مغناة وواحة الشعر وينابيع اللغة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة