مع عودة حركة طالبان الإرهابية إلى صدارة المشهد فى أفغانستان، على خلفية خروج القوات الأمريكية، التى أسقطت الحركة قبل نحو 20 عاما، إثر أحداث الحادى عشر من سبتمبر، أصبح الحديث الدائر عن وضع الأقليات من غير المسلمين هناك، ووضع المرأة والحريات فى المجتمع بعد وصول الحركة الإرهابية إلى الحكم.
العديد من الكتب والدراسات حول تحليل شكل المجتمع فى ظل حكم جماعات الإسلام السياسى، وكيف تعيش الأقليات هناك، ومنها كتاب "الإسلام السياسى والمواطنة والأقليات" للقس أندريه زكى، ورغم أن الكتاب يناقش بالأساس فى الشرق الأوسط، لكنه يفسر لنا العقلية التى يدير بها أمراء الإرهاب الحكم والتعامل مع الأقليات.
تتركز بؤرة اهتمام هذا الكتاب فى قضية الدور السياسى الذى يقوم به المسيحيون العرب فى المنطقة، حيث يسعى الكاتب للإجابة عن بعض التساؤلات التى من بينها كيف يرى المسيحيون العرب مستقبلهم؟ وما هو مستقبل المسيحية السياسة؟ وكيف يمكن تجاوز بعض مشكلات حدثت فى الماضى والتحرك للمشاركة بفاعلية فى بناء هذه المنطقة بولاء والتزام مطلقين نحو أرضها وثقافتها وتاريخها؟ هذا الكتاب يعمل على فحص بعض مظاهر السياسات الدينية فى الشرق الأوسط .
والكتاب عبارة عن ترجمة لرسالته فى الدكتوراه، والتى حصل عليها من إحدى الجامعات البريطانية، فهو يتحدث عن مشروع علماني ينصهر فيه المسيحيون العرب ليتمكنوا من المشاركة السياسية الفعالة.
والسؤال المطروح هنا: ما هى أركان هذا المشروع، ودلالته؟ وإلى أي مدى يمكن أن يقود إلى مشاركة سياسية فعالة للمسيحيين العرب؟ وهل يستطيع المسيحيون العرب والمسلمون أن يعيشا بعيدا عن ديانتهم لتتحقق المشاركة السياسية الفعالة؟.
ربما كانت الإجابة على هذه التساؤلات هي ما يبحث عنه "أندريه زكي"؛ فهو يتحدث عن العلاقة بين الإسلام السياسي والمسيحيين العرب، وتأثير تنامي هذا التيار على المواطنة، ودور المسيحيين العرب السياسي في الشرق الأوسط.
ولا يتجاهل "أندريه" الظروف السياسية الدولية وانعكاساتها على المواطنة، فهو يرى أن المسيحيين العرب يواجهون صعوبات متعددة؛ فهم يعيشون في نظم سياسية يغلب عليها الطابع السلطوي، الذي يسمح بهامش محدود من الحرية، والمجتمع المدني غير متحقق بشكل فعلي، والمعارضة خاضعة لسلطة الحكومة، والأصوات التي تدافع عن حقوق الإنسان تتعرض للتهديد والضغوط، إضافة إلى أن الصراع الكامن بين الإسلام والغرب يجدد خصومة قديمة بين المسلمين والمسيحيين العرب.
و"أندريه" بهذا المعني يتجاهل حقيقة انتماء المسيحيين العرب للحضارة الإسلامية العربية، ويحاول سلخهم عنها، ويتضح ذلك من افتراض غير علمى، وهو أن انتماء المسيحيين العرب للقومية العربية كان بدافع المشاركة السياسية فقط، وهو افتراض غير صحيح من الناحية التاريخية، كما أن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو: ماذا كانت تعني القومية العربية عند المسلمين العرب؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة