رحل عبد الله ابن عباس فى سنة 68 هجرية وهو أحد أشهر الشخصيات فى التاريخ الإسلامى، كان النبى يحبه ويدعو له، فما الذى يقوله التراث الإسلامى؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "فيها توفى عبد الله بن عباس ترجمان القرآن"
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى أبو العباس الهاشمى ابن عم رسول الله ﷺ، حبر هذه الأمة، ومفسر كتاب الله وترجمانه، كان يقال له: الحبر والبحر.
وروى عن رسول الله ﷺ شيئا كثيرا، وعن جماعة من الصحابة، وأخذ عنه خلق من الصحابة وأمم من التابعين، وله مفردات ليست لغيره من الصحابة لاتساع علمه وكثرة فهمه وكمال عقله وسعة فضله ونبل أصله، رضى الله عنه وأرضاه.
وأمه: أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، وهو والد الخلفاء العباسيين، وله أخوة عشرة ذكور من أم الفضل للعباس، وهو آخرهم مولدا، وقد مات كل واحد منهم فى بلد بعيد عن الآخر كما سيأتى ذلك.
قال مسلم بن خالد الزنجى المكي: عن ابن نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس.
قال: لما كان رسول الله ﷺ فى الشعب جاء أبى إلى رسول الله ﷺ فقال له: يا محمد، أرى أم الفضل قد اشتملت على حمل.
فقال: "لعل الله أن يقر أعينكم".
قال: فلما ولدتنى أتى بى رسول الله ﷺ وأنا فى خرقة فحنكنى بريقه.
قال مجاهد: فلا نعلم أحدا حنكه رسول الله ﷺ بريقه غيره.
وفى رواية أخرى: فقال رسول الله ﷺ: "لعل الله أن يبيض وجوهنا بغلام"، فولدت عبد الله بن عباس.
وعن عمرو بن دينار قال: ولد ابن عباس عام الهجرة.
وروى الواقدي: من طريق شعبة، عن ابن عباس أنه قال: ولدت قبل الهجرة بثلاث سنين، ونحن فى الشعب، وتوفى رسول الله ﷺ وأنا ابن ثلاث عشرة سنة.
ثم قال الواقدي: وهذا ما لا خلاف فيه بين أهل العلم.
واحتج الواقدي: بأنه كان قد ناهز الحلم عام حجة الوداع.
وفى صحيح البخاري: عن ابن عباس قال: توفى رسول الله ﷺ وأنا مختون، وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم.
وقال شعبة، وهشام، وابن عوانة: عن أبى بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
قال: توفى رسول الله ﷺ وأنا ابن عشر سنين مختون.
زاد هشام: وقد جمعت المحكم على عهد رسول الله ﷺ.
قلت: وما المحكم؟
قال: المفصل.
وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن أبى إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قبض رسول الله ﷺ وأنا ابن خمس عشرة سنة مختون، وهذا هو الأصح ويؤيده صحة ما ثبت فى الصحيحين.
ورواه مالك: عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله ﷺ يصلى بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدى بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت فى الصف، فلم ينكر على ذلك أحد.
ودعا له رسول الرحمن ﷺ كما وردت به الأحاديث الثابتة الأركان، أن رسول الله ﷺ دعا له بأن يعلمه التأويل، وأن يفقهه فى الدين.
وقال الدار قطني: حدثنا حمزة بن القاسم الهاشمى وآخرون قالوا: حدثنا العباس بن محمد، حدثنا محمد بن مصعب بن أبى مالك النخعي، عن أبى إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: رأيت جبريل مرتين، ودعا لى رسول الله ﷺ بالحكمة مرتين.
ثم قال: غريب من حديث أبى إسحاق السبيعي، عن عكرمة تفرد به عنه أبو مالك النخعى عبد الملك بن حسين.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم، عن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس.
قال: ضمنى رسول الله ﷺ وقال: «اللهم علمه الحكمة".
ورواه أحمد أيضا، عن إسماعيل بن علية، عن خالد الحذاء، عن عكرمة عنه قال: ضمنى إليه رسول الله ﷺ وقال: «اللهم علمه الكتاب».
وقد رواه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث خالد، وهو ابن مهران الحذاء، عن عكرمة عنه به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد، ثنا سليمان بن بلال، ثنا حسين بن عبد الله بن عكرمة، عن ابن عباس.
أن رسول الله ﷺ قال: «اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه التأويل".
تفرد به أحمد، وقد روى هذا الحديث غير واحد عن عكرمة بنحو هذا.
ومنهم من أرسله عن عكرمة، والمتصل هو الصحيح، فقد رواه غير واحد من التابعين عن ابن عباس.
وروى من طريق أمير المؤمنين المهدي، عن أبيه، عن أبى جعفر المنصور - عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس - عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عباس.
أن رسول الله ﷺ قال: «اللهم علمه الكتاب وفقهه فى الدين".
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، وعفان المعنى قالا: ثنا حماد، ثنا عمار بن أبى عمار، عن ابن عباس.
قال: كنت مع أبى عند النبى ﷺ وعنده رجل يناجيه.
قال عفان: وهو كالمعرض عن العباس، فخرجنا من عنده فقال العباس: ألم أر ابن عمك كالمعرض عني؟
فقلت: إنه كان عنده رجل يناجيه.
قال عفان: قال عباس: أوَكان عنده أحد؟
قلت: نعم.
فرجع إليه فقال: يا رسول الله هل كان عندك أحد آنفا؟ فإن عبد الله أخبرنى أنه كان عندك رجل يناجيك.
قال: "هل رأيته يا عبد الله؟"
قال: قلت: نعم!
قال: "ذاك جبريل عليه السلام".
وقد روى من حديث المهدى عن آبائه، وفيه أن رسول الله ﷺ قال: "أما إنك ستصاب فى بصرك".
وكان كذلك، وقد روى من وجه آخر أيضا والله أعلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة