لا يعيش الإنسان وحده فهو بطبعه كائن اجتماعى، يريد أن يرى نفسه مقبولًا من المجتمع ومحبوبًا من بعضه، ومن أعمق العلاقات الإنسانية تأتى الصداقة، وهى كما تعلمون، ذات تأثير كبير، فمنفعتها لا تحد، وضررها لا يحد أيضا.
ويقول الله سبحانه وتعالى فى سورة "الصافات" على لسان الإنسان المذنب "قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ" على الرغم من كون المفسرين يوسعون معنى "القرين" فيرونه "الشيطان" ويرونه "صديق السوء"، لكننا سنختار هنا "صديق السوء" فنتوقف معه قليلا.
لا يؤثر فى الإنسان أحد مثل صاحبه، إما أن يأخذ بيده للنجاة أو يلقى به فى أسفل سافلين، وأنا هنا لا أتحدث عن الناحية الدينية فقط، بل عن أمور الدنيا أيضًا، فالصديق هو من صدقك القول، كما يقولون، وحتمًا فإن ذلك موجود، وهو من يحفظ توازن الحياة.
لكن صديق السوء موجود أيضا، وليس شرطا أن يكون شخصًا يمكر بك ويفكر فى أذيتك وأن له وجهين، يبدى أحدهما لك ويخفى الآخر عنك، كما نرى فى الأعمال الدرامية، لا ليس شرطا، لكنه فى المجمل هو الإنسان الذى يتبع هواك، ذلك الذى لا يحدثك عن الحق، لكنه يحدثك عما تريد أن تسمعه عما يرضيك من القول والفعل، يزين لك سوء عملك ويوقظ الشر الذى فى داخلك، وينميه، ويعطيك أكثر من حقك وأحيانا يسلب منك ما تستحقه فعلا، فيقلل من همتك ويخذلك.
ونحن عادة لا نتنبه لمثل هذا الإنسان إلا بعد سقوطنا فى أزمة كبرى، تكشف لنا دائرة المحيطين بنا، والناجى هو من يتنبه مبكرا، فيقرأ الإشارات الصغيرة، ويصادق الناس العامرة قلوبهم بالخير لا هؤلاء المثقلين بأذية الناس، فى ذلك مفازة فى الدنيا والآخرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة