" أنا من مواليد شهر 11 عام 1950، أخدت عمرى وشبابى كله بشتغل فى كل حاجة بدأتها من شيل الطوب فى الجبل وفى الزرع وحصاد القصب والقمح وغيره، وختمتها بالعمل فى مسح الأحذية والرئيس كرمنى وسترنى الله يستره، وبقي عندي كشك فى موقف أرمنت".. بتلك الكلمات بدأت الحاجة صيصة أبودوح، ابنة قرية البغدادى بمدينة البياضية، جنوب محافظة الأقصر، حديثها لـ"تليفزيون اليوم السابع".
وبدأت قصة الكفاح الملحمية للحاجة صيصة أبو دوح بالأقصر، منذ أكثر من 50 سنة عقب وفاة زوجها وهى حامل فى الشهر السادس، فقررت العمل، لكن العادات والتقاليد التى تمنع عمل السيدات وقفت حائلا فى بداية الأمر، فقامت بقص شعرها وارتدت ملابس الرجال وبدأت تخرج للعمل بعد أن أنجبت مولودتها الوحيدة "هدى" .
بدأت فى العمل بمصانع الطوب اللبن، وبعد سنوات من التعب عملت بمهنة "ماسح أحذية" بشارع المحطة بالأقصر وأمام الفنادق وغيرها، حتى كبرت طفلتها "هدى"، وقامت بدعمها حتى زواجها.
لم تجد "صيصة" أمامها إلا الكفاح من أجل إبنتها وأحفادها، وعملت ماسحة للأحذية لعدة سنوات، حتي ظهرت حقيقتها للمجتمع ونالت التكريم المناسب من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
وتكريم الحاجة صيصة لدورها الكبير في رعاية أبنائها بالكسب الحلال، وإنهالت عليها اللقاءات التليفزيونية من مختلف وسائل الإعلام الدولية حيث التقي معها التليفزيون الإيطالى، وتم تصوير فيلم تليفزيونى وثائقي عن الحاجة "صيصة"، والتى فازت بلقب الأم المثالية بمحافظة الأقصر منذ سنوات، وذلك لتسليط الضوء علي المرأة المصرية وقدرتها علي العمل في كافة الميادين بالحياة وذلك بمقر نادي الزراعيين بمدينة الأقصر.
وكشفت الحاجة صيصة أبودوح، فى لقائها بـ"اليوم السابع"، أنها كباقى سيدات الصعيد لم تفكر فى الزواج نهائياً بعد وفاة زوجها ومكثت بجانب ابنتها لتربيتها حتى لا تضيع فى المجتمع حال زواجها من أب آخر، مؤكدةً أنها قررت مواجهة الظروف فى مجتمعها وقريتها والتى تمنع خروج السيدات للعمل بمهن الرجال فى الجبل والحر الشديد، وعزمت على التخلى عن أنوثتها وقامت بقص شعرها وارتدت ملابس الرجال لتربية ابنتها التى تركها أبيها نطفة فى بطنها، وخوفًا من تعرضها لأى مضايقات من الرجال.
مشيرةً إلى أنها لم تعمل فى البداية فى مسح الأحذية ولكنها كانت نهاية المطاف، حيث اضطرت للدخول فى قلب جبل البياضية والعمل فى عدة مهن مثل الرجال والتى لا تناسب طبيعة المرأة ومنها العمل فى مجال المقاولات، وبدأت فى "دق الطوب الأخضر" وحمل التراب والرمال والأسمنت وغيره، ثم عملت فى مجال الزراعة فى مواسم الحصاد للقصب والقمح وغيرها فى قلب الجبل برفقة الرجال لتوفير الرزق الحلال لإبنتها.
وعن طبيعة حياها فى تلك الأيام، تقول الحاجة صيصة أبو دوح إنها بعد عشرات اللقاءات مع قنوات وصحف العالم أجمع استقر بها الحال فى العمل داخل كشك بقالة تم توفيره لها من إحدي المؤسسات الخيرية فى قلب موقف الأقاليم شرق مدينة الأقصر، وكذلك لا تزال تخدم زبائنها فى مسح الأحذية حيث أنها مهنتها التى تعشقها منذ عشرات السنين ولم تفكر فى تغييرها حيث تعمل فى الكشك بجانب مسح الأحذية فى الموقف والجميع يساندها ويساعدها فى عملها يومياً.
وكانت محافظة الأقصر سلمت منذ سنوات، شقة للحاجة صيصة أبو دوح وهي التي وعدها بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد أن عملت عدة سنوات طويلة فى مسح أحذية وتنكرت في زي رجل، حتي برزت قصتها في الكفاح وإنهالت عليها التكريمات والهدايا من مختلف أرجاء مصر.
وقال عبد الخالق أبو قرين، وكيل الإدارة العامة للشئون والإدارية وقتها إنه توجه مع وفد من المحافظة لتسليم الحاجة صيصة أبودوح الأم المثالية للشقة رقم 24 الكائنة بالدور الثالث بعمارة ا الشهر العقارى، بمنطقة أبو الجود، وذلك بموافقة محمد بدر، محافظ الأقصر، بناءاً على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتخصيص شقة للام المثالية بدون مقابل وشكلت لجنة من المحافظة لتسليم الشقة لصيصة.
ومن جانبها عبرت الحاجة صيصة أبو دوح لـ"اليوم السابع"، عن سعادتها البالغة بتنفيذ الرئيس والمحافظ وعده وتسليمها شقة تأويها وتأوي أسرتها، وقدمت له الشكر عن تلك الهدية الجميلة، مضيفةً أنها وأسرتها إنتقلوا للشقة ليقطنوا في مدينة الأقصر بعد عدة سنوات في منزل من الطوب اللبن بمدينة إسنا، مؤكدةً علي أنه تشكر كافة المسئولين الذين وقفوا بجانبها وساعدوها في ظهور قصتها لمصر بأكملها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة