تمر اليوم، الذكرى الـ76 على إعلان الرئيس الأمريكى هارى ترومان عن سياسته الخاصة بمحاربة الشيوعية، وذلك فى 22 مايو عام 1945، وكان مبدأ ترومان الذى بدأ سياسة خارجية أمريكية هدفها صيانة المصالح القومية الأمريكية والنفوذ الأمريكى عن طريق محاربة امتداد الشيوعية فى جنوب شرق أوروبا وغيرها من المناطق.
وبحسب دراسة بعنوان "مبدأ الرئيس الأمريكي هاري ترومان واختلاف رؤيته لإستراتيجية الاحتواء" للباحثين أميرة الزبيدي، وقاسم نمر جلوب السعيد، فإن إدارة ترومان أدركت أيضاً أن الصراع الطويل فى حد ذاته سيشكل مخاطر كبيرة على النظام الأمريكى، وأن حرباً طويلة قد تزيد من حدة عدم الاستقرار في عالم التكتلات الاقتصادية المتنافسة، أو إجبار الولايات المتحدة على تطبيق الضوابط الداخلية الصارمة من أجل التنافس مع قوة الكتلة الشمولية الناشئة، وأن استمرارية كفاح النظام الأمريكي في الحرب الباردة أثار قلق صناع السياسة الأمريكيين، لاسيما جورج كينان الذى أعرب عن قلقه عندما حذر من خطر الشيوعية السوفياتية ونواياها.
وبحسب عدد من الباحثين مع نهاية الأربعينيات قامت ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻫﺎﺭى ﺘﺭﻭﻤﺎﻥ ﺘﺒنى ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍلإﺠﺭءات: ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ، ﺍﻟﺘى ﺍﺴﺘﻬﺩﻓﺕ ﺍﺤﺘواء ﺍﻟﻤﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘى، ﻓﻘﺩ ﺘﺯﻋﻤﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴة ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، وأخذت ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻬﺎ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ، ﻭﺃﻋﻠﻨﺕ ﻋﻥ ﺇﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1947م، ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻤﻴﺕ ﺒﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء لمواجهة الاتحاد ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ؛ حيث قدم ونظر لها الدبلوماسي الأمريكى جورج كينان من ﺨﻼل ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺭﺓ "ﺒﻭﺍﻋﺙ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺴﻭفيتى" ﺍﻟﺘﻲ كتبها ﻓﻲ يوليو 1947م، ﻭﺘﻜﻤﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻤﻘﺎﻟﺔ كينان، في أنها قدمت أقوى مبرر لسياسة احتواء ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻭﺘطويقه.
كانت ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء ﺃﻭﻟﻰ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ التي جاءت نتيجة، ﻟﻠﺘﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘى، وكان الردع ﺍﻟﻨﻭﻭى ﻭﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻫى ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ، ﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء ﺍﻟﺘﻲ كاﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻭﻤﻨﻌﻪ ﻤﻥ ﻀﻡ ﺃﺭﺍض ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻬﻴﻤﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﻀﻐﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻨﺫﺍﺭﻩ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﻟﻠﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻭﺴﻌﻴﺔ ﺒﺎﻟﺭﺩﻉ ﺍﻟﻨﻭﻭﻱ، ﻭﻗﺩ ﺩﺨلت ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜية ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻭاء في ﻋﻬﺩ الرئيس "ﺘﺭﻭﻤﺎﻥ"، ﻭﺫﻟﻙ من خلال محور ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﻟﻠﻤﻨﻁﻘﺔ، وذلك في ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻭﺘﺭكيا ﻭﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ، ﻻﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘى فى ﺃﺫﺭﺒﻴﺠﺎﻥ ﻀﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﻻﺘﻬﺎ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ على ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ.
وذكرت عدد من التقاير أنه لم يكن تأسيس "وكالة المخابرات المركزية" إلا تنفيذاً لسياسة محاربة الشيوعية، وفي قرارات وقعها هارى ترومان، عملت الوكالة على تمويل كل الأحزاب المناهضة للشيوعية والاشتراكية حول العالم، حتى في دول أوروبا الغربية الديموقراطية مثل إيطاليا وفرنسا وألمانيا الغربية، أى إن الحكومة الأميركية التي أصمت آذان العالم بحمد الديموقراطية في سنوات الحرب الباردة لم تحترم إرادة أى شعب في الاختيار الحر وكانت تتدخل بالمال والسلاح والتخريب في العمليّة الانتخابيّة من أجل تعطيلها أو إفشال خصومها أو إيصال وكلائها إلى السلطة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة