لا يوجد في الشريعة الإسلامية نصا واحدا يعفى المتهم من الجريمة اذا كان شيخا طاعنا في السن ، بل أن هذا يتنافى مع قيم العدل الإلهي وفلسفة العقوبة والقصاص، فلا معنى لان يفلت الجاني من العقوبة لمجرد ان سنه كبير ،قياسا على هذا فان الحملة التي تشنها جماعة الاخوان بسبب اعدام أحد المتهمين المشاركين في مذبحة كرداسة لمجرد ان سنه كبير ،وكأن هذه رخصة تبيح له ازهاق الأرواح التي حرم الله المساس بها بغير حق او قصاص او فساد في الأرض .
أهم ما يميز أحداث كرداسة أنها كانت مسجلة بالصوت والصورة ، وظلت الفيديوهات الخاصة بها متداولة على شبكات التواصل لفترة ثم تم حذفها لبشاعة المشاهد ،حين تم تجييش الحشود وذبح مجموعة من الضباط بدم بارد رغم انهم لا ذنب لهم ولا جرم سوى قيامهم بواجبهم المهني , كيف اذن يريدون لنا ان نسقط كل هذا من ذاكرتنا فقط لان أحد المتهمين الذين ثبت تورطهم في هذه الجريمة شيخا كبيرا في السن ؟
مواقف عدة في السيرة النبوية تفيد بأن وصايا النبي عليه الصلاة والسلام بعدم التعرض للمسنين كانت فقط تخص هؤلاء الذين لا يشاركوا في حربا ولم يرفعوا سلاحا او يمارسوا فسادا في الأرض ،أو بمعنى أخر الشيوخ غير المحاربين ،لكن مثلا دريد بن الصمة الشاعر الجاهلي الكبير الذى كان يحارب جيش المسلمين ممسكا بسيفه يوم حنين وكان عمره يزيد عن ال100 عاما فقد لقى مصرعه في هذا اليوم جزاء لمشاركته في جيوش الكفار وحربه على الإسلام والمسلمين.
وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله "اقتلوا شيوخ المشركين "وتناول المفسرون هذا الحديث بأنهم المحاربين من كبار السن وليس الهرمى الذين لا قوة لهم ولا رأى ،وقياسا فان الرسول خلال حربه على المفسدين في الأرض لم يرد عنه اى نص يفيد باسقاط العقوبة لكبر السن او شيئا من هذا القبيل .
ولعل الحديث الذى روته السيدة عائشة يؤكد ان الإسلام كمنهج كان حريصا على مواجهة المفسدين بكل قوة حيث قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يكون فى آخر هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبث" فكيف يريدون لنا ان نترك أصحاب الخبث لانهم طعنوا في السن».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة