يهل علينا شهر رمضان المعظم هذا العام والعالم أجمع يعانى من تداعيات أزمة كورونا، لنكون فى أشد الاحتياج لكشف الكرب وإزالة الهم والغم ورفع الوباء والبلاء، وأملا فى موعود الحق، وسيرا على الطريق رفعا للدرجات، ورجاءً فى السلامة والعافية والنجاة من هذا الفيروس اللعين.
وانطلاقا من أن لله تعالى فى أيامه نفحات، فما أحوجنا إلى نفحات هذا الشهر الفضيل، لأنه عطاء ربانى تزيد فيه الحسنات والبركات، وتتنزل فيه الرَّحمات، وتغفر فيه الذُّنوب والسَّيئات، وتكثر فيها أعمال الخير والإنسانية، لذا من الواجب علينا اغتنام الفرصة لتطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها عن العادات السيئة وتعويدها على الأخلاق الكريمة، كالصبر والجود والكرم والتسامح والتآلف لا التخاصم والتشاجر.
ولما يكون عليه الصَّائم من الجوع والعطش، أو تخليه عن عادات أو ممارسات كان يفعلها كالتدخين وخلافه من الأمور التى ربَّما تخرجه عن حد اللِّياقة كالغضب السريع وكثرة التشاجر والتوتر الدائم، فيتوجب التحلَّى بالصَّبر والحِلْم. لأن رمضان شهر الألفة والمحبة، حيث تجتمع النفوس، وتأتلف القلوب، وتلتقى الأحبة على مائدة الرحمن، حتَّى إنَّ النَّبِيَّ الكريم أوصانا قائلا "إذا كان يوم صومِ أحَدكُم فلا يرفُث يومئذ ولا يصخب، فإِن شَاتَمه أَحد أَو قَاتلَه فليقُل: إني امرؤ صائم».
وحتى لا نضيع على أنفسنا هذه النفحات الرمضانية المباركة، نقول لكل من أصيب بالغضب، عليك أن تطبق الروشتة الربانية والنبوية خلال هذا الشهر الفضيل لمواجهة هذا المرض الأخلاقى بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأن تتذكر دائما قول الله تعالى "سارعوا إِلى مغفرة من ربِكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدَّت للمتقين * الذين ينفقون فى السّراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنِين﴾، وتذكر حديث النبى الكريم، "ثلاثة مَن كنَّ فيه آواه الله فى كنفه وستر عليه برحمته وأدخله فى محبته قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: مَن إذا أُعطي شكر، وإذا قَدر غفر، وإذا غَضب فتر".
وإذا كان الحفاظ على النفس يسبق أداء الفريضة، نقول فى ظل التخوفات من زيادة معدلات الإصابة بكورونا وفى ظل الطقوس الرمضانية المحببة عند البعض في هذا الشهر الكريم، ونحن نبحث عن نفحات ربانية، علينا أن لا ننسى الأخذ بأسباب الوقاية والسلامة باتباع الإجراءات الاحترازية، من باب حماية النفس والإحسان، لقوله تعالى: "وَلَا تُلقوا بأيديكم إلى التَّهلكة وأحسِنوا إن الله يحب المحسنين".
ونختتم هذه الحلقة، بأن العضب في العموم عدو العقل، بل أن ترك الغضب سبب لدخول الجنة، فعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قلت: يا رسول الله دلنى على عملٍ يدخلني الجنة. قال: "لا تغضب ولك الجنة" وإلى لقاء فى حلقة أخرى من نفحات رمضانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة