يعد المسجد النبوى الشريف أهم معالم المدينة المنوَّرة، وثاني مسجد تُشدّ إليه الرحال، فقد اختار موقعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إثر وصوله إلى المدينة مهاجرًا، وشارك في بنائه بيديه الشريفتين مع أصحابه رضوان الله عليهم، وصار مقر قيادته، وقيادة الخلفاء الراشدين من بعده، ومنذ ذلك التاريخ وهو يؤدي رسالته موقعًا متميزًا للعبادة، ومدرسة للعلم والمعرفة ومنطلقًا للدعوة، وظل يتسع ويزداد، ويتبارى الملوك والأمراء والحكام فى توسعته وزيادته حتى الآن، ونرصد لكم تاريخ توسعه المسجد النبوى بالتواريخ على النحو التالى بحسب موقع الرئاسة العامة لشئون المسجد النبوى:
تأسيس المسجد والقبلة إلى بيت المقدس عام 1هـ
أسَّس النبى المسجد فى ربيع الأول من العام الأول من هجرته، وكان طوله سبعين ذراعًا، وعرضه ستين ذراعًا، أي ما يقارب 35 متراً طولاً، و30 عرضًا. جعل أساسه من الحجارة، والدار من اللَّبِن وهو الطوب الذي لم يحرق بالنار، وكان النبى يبنى معهم اللَّبِن والحجارة، وكان سقفه من الجريد، وله ثلاثة أبواب:
الباب الأول: فى الجهة الجنوبية، والباب الثانى: فى الجهة الغربية، ويسمى باب عاتكة، ثم أصبح يعرف بباب الرحمة، والباب الثالث: من الجهة الشرقية، ويسمى باب عثمان، ثم أصبح يعرف بباب جبريل، ووكانت إنارة المسجد تتم بواسطة مشاعل من جريد النخل، توقد في الليل.
المسجد النبوى
التوسعة الأولى فى عهد الرسول "صلى الله عليه وسلم" عام7هـ
عندما عاد النبى من غزوة خيبر قام بأول توسعة لمسجده الشريف على قطعة أرض اشتراها سيدنا عثمان بن عفان –رضي الله عنه- على نفقته؛ وذلك نظرًا لزيادة عدد المسلمين، وقد تم ذلك في المحرم سنة 7هـ، فزاد 20 مترًا في 15 مترًا تقريبًا، حتى صار المسجد مربعًا 50م×49.5م2، ومساحته الكلية 2475م2، بزيادة قدرها: 1415م2، وبلغ ارتفاع الجدران 3.50م، وعدد الأبواب: 3 أبواب، وعدد الأعمدة 35 عمودًا، وكانت الإنارة عبارة عن مشاعل من جريد النخل، إضافة لبعض الأسرجة التي توقد بالزيت.
التوسعة الثانية فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 17هـ
كثر عدد المسلمين في عهد عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-، وظهر تصدع ونخر في بعض أعمدة المسجد، فقرَّر عمر -رضي الله عنه- عام 17هـ توسعة المسجد. وقد امتدت التوسعة في ثلاث جهات: إلى الجنوب خمسة أمتار، وإلى الغرب عشرة أمتار، وإلى الشمال خمسة عشر مترًا. ولم يزد في الجهة الشرقية لوجود حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-. وبعد هذه التوسعة، صارت مساحته الكلية: 3575م2، بزيادة قدرها: 1100م2، وارتفاع جدرانه 5.50م، وعدد أبوابه: ستة أبواب، وله ستة أروقة، وجعل له ساحة داخلية (صحن المسجد) فرشت بالرمل والحصباء من وادي العقيق.
التوسعة الثالثة فى عهد الخليفة عثمان بن عفان عام 29 -30هـ
أمر الخليفة عثمان سنة 29هـ بزيادة مساحة المسجد وإعادة إعماره، فاشترى الدور المحيطة به من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية، ولم يتعرض للجهة الشرقية لوجود حجرات زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها، وتم البناء بالحجارة المنقوشة (المنحوتة) والجص، وبنى الأعمدة من الحجارة، ووضع بداخلها قطع الحديد والرصاص لتقويتها، وبنى السقف من خشب الساج القوي الثمين المحمول على الأعمدة، وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 4071م2، بزيادة قدرها 496م2
المسجد النبوى
التوسعة الرابعة فى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك عام 88 -91هـ
أمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، واليه على المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز سنة 88هـ بزيادة مساحة المسجد وإعادة إعماره، ووفر له المواد الضرورية والعمال اللازمين، فشرع عمر ببناء المسجد، واستمر البناء إلى عام 91هـ. وقد أحدثت هذه العمارة تغييرات كثيرة في مبنى المسجد، وأضافت إليه عناصر جديدة لم تكن موجودة من قبل، ومنها: بناء المآذن الأربعة على أركان المسجد، وإيجاد المحراب المجوف، وزخرفة حيطان المسجد من الداخل بالرخام والذهب والفسيفساء، وتذهيب السقف ورؤوس الأساطين، وعتبات الأبواب. وقد تمت التوسعة من جميع الجهات بما فيها الجانب الشرقي، حيث أدخلت الحجرات الشريفة، وعمل حولها حاجز من خمسة أضلاع، (انظر: معالم ومرافق – الحجرات الشريفة). بلغت مساحة المسجد بعد هذه التوسعة 6440م2.
التوسعة الخامسة فى عهد الخليفة المهدي العباسة عام 161 – 165هـ
زار الخليفة المهدي العباسي المسجد النبوي الشريف سنة 160هـ، فرأى الحاجة إلى توسعته وإعادة إعماره، فأمر بذلك، ولما عاد إلى مركز الخلافة في بغداد أرسل الأموال اللازمة لذلك. وقد تركزت الزيادة على الجهة الشمالية للمسجد، واستمر البناء فيها حتى عام 165هـ، وكان مقدار الزيادة: 2450م2، وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 8890 م2. وبلغ ارتفاع جدران المسجد: 12.50م، وعدد الأروقة: 19 رواقًا، وعدد الأبواب: 24 باباً. وبلغ عدد النوافذ في المسجد: 60 نافذة، منها : 19 نافذة في كل من الجدارين الشرقي والغربي، و11 نافذة في كل من الجدارين الشمالي والجنوبي. وبذلك تحققت الإضاءة الطبيعية، والتهوية الجيدة للمسجد، وأما الإنارة ليلاً فكانت تتم -كالسابق- بواسطة قناديل الزيت الموزعة على أنحاء المسجد.
المسجد النبوى
العمارة بعد الحريق الأول عام 654هـ
حصل الحريق الأول للمسجد النبوى أول رمضان سنة 654هـ في عهد الخليفة العباسي المستعصم، ولما علم الخليفة بذلك بادر سنة 655هـ بإصلاح المسجد وإعادة إعماره، وأرسل الأموال اللازمة لذلك، ولكن البناء لم يتم بسبب غزو التتار وسقوط بغداد سنة 656هـ. فتولى الأمر بعد ذلك السلاطين المماليك في مصر، فتمت عملية البناء والترميم سنة 661هـ، وعاد المسجد إلى ما كان عليه قبل الحريق، وكان ممن ساهم في بناء المسجد وتأثيثه ملك اليمن المظفر الذي أرسل منبرًا جديدًا بدلاً من المنبر المحترق. وأرسل الظاهر بيبرس سنة 665هـ مقصورة خشبية لتوضع حول الحاجز المخمس المحيط بالحجرات الشريفة، ثم بنى السلطان المملوكي المنصور قلاوون سنة 678هـ القبة التي فوق الحجرة الشريفة، وأصبحت منذ ذلك الحين علامة مميزة للمسجد النبوي. وفي عام 706هـ، أمر السلطان محمد بن قلاوون ببناء المئذنة الرابعة (مئذنة باب السلام التي هدمت في العهد الأموى).
عمارة القبة
في عام 678هـ أمر السلطان المملوكى المنصور قلاوون الصالحي بعمارة قبة فوق الحجرة النبوية الشريفة، فجاءت مربعة من أسفلها، مثمنة من أعلاها، مصنوعة من أخشاب كسيت بألواح بالرصاص. وفي الفترة من عام 755 – 762هـ جدَّد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ألواح الرصاص التي على القبة الشريفة. وفي عام 765هـ عمل السلطان شعبان بن حسين بعض الإصلاحات في القبة الشريفة. وفي عام 881هـ أبدل السلطان قايتباي سقف الحجرة الخشبي بقبة لطيفة، جاءت تحت القبة الكبيرة.
حريق القبة
فى عام 886هـ احترقت القبة الكبيرة باحتراق المسجد النبوي الشريف، فأعاد السلطان قايتباي بناءها بالآجر عام 892هـ، ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها فعمل لها بعض الترميمات، وجعلها في غاية الإحكام. وفي عام 974هـ أصلح السلطان سليمان القانوني العثماني رصاص القبة الشريفة ووضع عليها هلالاً جديدًا. وفي عام 1228هـ جدَّد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة، ودهنها باللون الأخضر، فاشتهرت بالقبة الخضراء، بعد أن كانت تعرف بالبيضاء أو الزرقاء أو الفيحاء. ومنذ بداية العهد السعودي وإلى تاريخ إعداد هذه المعلومة 1419هـ أعيد صبغ القبة باللون الأخضر عدة مرات، مع بعض الإصلاحات والترميمات اللازمة لها.
المسجد النبوى
التوسعة السادسة فى عهد السلطان المملوكى الأشرف قايتباى عام 886 -888هـ
حصل الحريق الثانى للمسجد النبوي عام 886هـ فتمت الكتابة بذلك للسلطان الأشرف قايتباي، فحزن حزنًا شديدًا، وأرسل بالأموال والصناع والمواد اللازمة، وأمر بإعمار المسجد، وقد امتدت العمارة حتى رمضان 888هـ، وجرى زيادة على مساحة المسجد الأولى مقدارها: 120م2، وأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 9010م2. وبلغ ارتفاع الجدران: 11م، وعدد الأروقة 18 رواقًا، وسدت معظم أبواب التوسعة العباسية، وبقى للمسجد 4 أبواب فقط، وزيدت مئذنة في المسجد فصار عدد المآذن خمسًا. وأحدثت شرفات ونوافذ وطاقات في الأجزاء العليا من الجدران للتهوية والإضاءة، وبقي للمسجد ساحة داخلية واحدة. أما الإنارة فهي كالسابق بقناديل الزيت الموزَّعة في أنحاء المسجد.
التوسعة السابعة فى عهد السلطان العثمانى عبد المجيد
أدخلت الإنارة الكهربائية على يد السلطان عبد المجيد، وأضىء المسجد لأول مرة فى 25 من شعبان 1326هـ.
اعتنى السلاطين العثمانيون بالمسجد النبوي الشريف، وأجروا عليه بعض الإصلاحات والترميمات، وظلَّ المسجد على حاله حتى عام 1265هـ، عندما ظهرت تشققات على بعض جدرانه وقبابه وسقفه، فكتب شيخ الحرم داود باشا إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان بذلك، فأمر السلطان بتجديد عمارة المسجد بشكل عام، وأرسل الصناع المهرة والأموال اللازمة، واستمرت أعمال البناء والزخرفة إلى عام 1277هـ، وكان مقدار الزيادة في هذه العمارة: 1293م2، فأصبحت المساحة الكلية للمسجد: 10303م2.
المسجد النبوى
التوسعة الثامنة فى عهد الملك عبد العزيز آل سعود عام 1370 -1375هـ
بلغت المساحة المضافة في هذه التوسعة 6024م2، وتتكون التوسعة من مستطيل طوله من الشمال إلى الجنوب 128م، وعرضه من الشرق إلى الغرب 91م يتألف من صحن شمال المبنى العثماني، يتوسطه جناح من ثلاثة أروقة يمتد من الشرق إلى الغرب، وفي الجانب الشرقي للصحن جناح يتكون من ثلاثة أروقة، ومثله في الجانب الغربي أيضًا، وشمال الصحن بني الجناح الأخير للمسجد، ويتكون من خمسة أروقة، وبهذا يصبح مجموع الأروقة فى هذه التوسعة 14 رواقًا.
عبد العزيز ال سعود
وقد احتفظت التوسعة بالأبواب الخمسة التي كانت فى التوسعة المجيدية، وأضافت إليها مثلها، فأصبح مجموع الأبواب بعد هذه التوسعة عشرة أبواب، ثلاثة منها بثلاثة مداخل. وفي ركني الجهة الشمالية أقيمت مئذنتان ارتفاع الواحدة 72م تتكون من أربعة طوابق، وبهذا يصبح مجموع المآذن بعد التوسعة أربع مآذن. وقد أقيمت هذه التوسعة على شكل هيكل من الخرسانة المسلحة بلغ ارتفاع جدرانها 12.55م مكونة من 706 أعمدة، وفيها 170 قبة، و44 نافذة، وقد أدخلت عليها الإنارة الكهربائية، وبلغ عدد المصابيح فيها 2427 مصباحًا.
التوسعة التاسعة فى عهد الملك فيصل بن عبد العزيز عام 1393هـ
الملك فيصل بن عبد العزيز
أضيفت مساحة 40.550م فى الجهة الغربية الخارجية للمسجد على مرحلتين، الأولى: 35.000م2، والثانية: 5.550م2، وأقيمت عليها مظلات من الألياف الزجاجية (فيبرجلاس) لتكون مصلى إضافيًّا في أوقات الذروة، خاصة في أوقات الحج والزيارة وشهر رمضان.
التوسعة العاشرة فى عهد الملك خالد عام 1398هـ
في 18 من رجب عام 1397هـ خصص الملك خالد الأرض الواقعة في الجنوب الغربي من الحرم النبوي الشريف لخدمات المصلين والزائرين، حيث أقيم على قسم منها مظلات للصلاة تحتها، والمساحة الباقية جعلت مواقف لسيارات المصلين والزائرين، وبلغت مساحة هذه الأرض 43000م2
التوسعة الكبرى في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود عام 1405-1414هـ
بعد التغيرات الكبيرة التي طرأت على عالمنا الإسلامي على صعيد النمو السكاني أو النمو الاقتصادي أو الوعي الديني، والتي أدت إلى تضاعف أعداد الزائرين تضاعفًا كبيرًا ضاق بهم المسجد الشريف، أصدر خادم الحرمين الشريفين بعد الزيارة التي قام بها إلى المدينة أمره الكريم بوضع التصميمات لتوسعة ضخمة للمسجد النبوي الشريف؛ لتستوعب الزيادات الطارئة، والمتوقعة في الأعوام القادمة. وفي يوم الجمعة 1405هـ قام خادم الحرمين الشريفين بوضع حجر الأساس لهذه التوسعة.
فى شهر محرم من عام 1406هـ كانت بداية العمل، واستمر حتى 15-11-1414هـ حين وضع خادم الحرمين الشريفين اللبنة الأخيرة في أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف. وأصبحت مساحة المسجد 384.000م2، تشمل: الدور الأرضي، والسطح، والقبو. وعلى الجهات الأربع للتوسعة ساحات ممتدة تبلغ مساحتها 235.000م2.
إنارة المسجد النبوى
كان المسجد النبوي في بداية الأمر يضاء بإيقاد سعف النخل فيه، ثم أصبح يضاء بقناديل الإضاءة وما تحتاجه من زيت وحبال وشموع ومن تطور إلى تطور حتى أصبح المسجد النبوي في العصر الراهن بتجهيزاته الهائلة في الإضاءة وكامل الخدمات درةً فريدةً تهيئ للمصلين أسباب الراحة والطمأنينة، وفي عام 1327هـ دخلت الإنارة باستعمال المصابيح الكهربائية إلى المسجد النبوي الشريف، ومنذ ذلك الوقت والمسجد النبوي يمر بسلسلة متواصلة ومتتابعة من التطوير والبناء، وتزويده بأحدث التقنيات المتوافرة من الإضاءة بأنواعها وأحجامها وأشكالها المختلفة.
ورصدت عدسة وكالة الأنباء السعودية "واس" هذا التطور من وحدات إنارة متنوعة في الشكل والحجم والقوة الكهربائية، بعموم المسجد النبوي وساحاته والمرافق التابعة له.
وأوضح مدير الإدارة العامة للتشغيل والصيانة بوكالة المسجد النبوى المهندس عادل المطرفي، أنه يحتوي على أكثر من 30 نوعاً من وحدات الإنارة وبعدد إجمالي يزيد على 118 ألف وحدة أبرزها النجفات المختلفة المقاسات التي يصل عددها إلى نحو 304 نجفات بالمسجد القديم والتوسعة الثانية، إلى جانب ما يزيد على 8000 وحدة إناره مثبتة على أعمدة المسجد، وما يقارب الـ11 ألف وحدة من إنارة لفظ الجلالة وضعت في الأركان العلوية للأقواس المعمارية داخل المسجد النبوي وأروقته، كما توجد كشافات تصل قدرات بعضها من 1000 إلى 2000 واط، للاستفادة منها في إنارة الساحات والمنائر، كما تم توفير مصادر متعددة للإنارة والقوى الكهربائية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة