كشفت حملة التطعيم فى أمريكا اللاتينية عن أوجه القصور التنظيمية التى تعانى منها بعض الدول، فى حين أن الدول الأخرى أظهرت نجاحا كبيرا، وهو ما أظهر التباين والتناقضات التى تعانى منها القارة اللاتينية.
وأشارت صحيفة "انفوباى" الأرجنتينية إلى أن هناك 3 دول سيتم اتخاذها أمثلة للتباين الظاهر فى أمريكا اللاتينية فى عملية التطعيمات، هى: البرازيل وبيرو وتشيلى.
البرازيل: على حافة الهاوية
أظهرت البرازيل أن قدرة الحكومات ومسؤوليتها هي مفتاح التحليل في مكافحة الوباء، فعلى الرغم من أن البرازيل تتمتع بنظام صحي قوي إلى حد ما بين بقية دول القارة ، لكن حكومتها استجوبت بشكل منهجي السلطات الصحية وتوصياتها بشأن الوباء، مما يعرّض غالبية السكان للخطر.
وحققت دراسة حديثة أجرتها جامعة ساو باولو في الخطب العامة والتشريعات والتدابير التي اتخذتها حكومة جايير بولسونارو لتحليل استراتيجيتها من أجل محاولة تعزيز مناعة القطيع.
وجدت تلك الدراسة أن استجواب بولسونارو المستمر للوباء قد عرّض شعبه للخطر بشكل متكرر، وقد تم تعزيز ذلك من خلال دعمهم للتدابير غير الفعالة مثل هيدروكسي كلوروكين، ورفضهم الحبس أو أي نوع من التدابير والإجراءات الوقائية من انتشار فيروس كورونا، وحظرهم المستمر للمنظمات البلدية أو الإقليمية التي تدعمهم.
هذه القضايا السابقة، إلى جانب البطء في التفاوض بشأن اللقاحات، تعني أن حملة التلقيح الخاصة بهم لم تتقدم بوتيرة كبيرة ووُصفت بأنها غير منظمة وفوضوية، فاعتبارًا من 11 مارس تم إعطاء 5.05 جرعة فقط لكل 100 شخص.
الإجراءات التي قررت الحكومة تنفيذها، جنبًا إلى جنب مع البطء في التطعيم، توفر مناخًا مثاليًّا لظهور السلالات الجديدة التى تعتبر الأكثر فتكا من الفيروس الأصلى، بالإضافة إلى ذلك يشتكي الأطباء من نقص الوسائل، وركز بولسونارو على عقار إسرائيلي جديد في مراحل الدراسة الأولية للغاية.
بيرو: تميزت بالفضيحة
واجهت بيرو العديد من الصعوبات في التفاوض على اللقاحات، بالإضافة إلى افتقارها إلى الموارد والقوة مقارنة بالدول الأخرى، مثل البرازيل والأرجنتين، فقد عانت الدولة الواقعة في جبال الأنديز من بعض عدم الاستقرار السياسي الذي لم يساعد في تحسين وضعها في وقت المفاوضات.
ومع ذلك، فقد تغلب على صفقات اللقاح وأمنها، والتي تضمنت تحصين الكثير من سكانه، وكان من الممكن استضافة بعض الدراسات للتجارب الأولية للقاحات، وتم التوصل إلى اتفاق مع شركة سينوفارم Sinopharm الصينية، بحيث تكون حصتها الرئيسية، وكذلك مع شركة فايزر Pfizer (التي وصلت جرعاتها الأولى الأسبوع الماضي) وشركة استرازينكا AstraZeneca.
ولكن مشكلة بيرو الرئيسية هى أنه منذ أن بدأت حملة التطعيم، اتسمت بالفضيحة، فقد تصدرت القناة التي تحمل اسم "Vacunagate" عناوين الصحف بعد وقت قصير من بدء الحملة، واتُّهم 487 من كبار المسؤولين، بمن فيهم الرئيس السابق مارتين فيزكارا وبعض المسؤولين الحكوميين الحاليين (وعائلاتهم وأصدقائهم) بالتطعيم بشكل غير عادل وسري في وقت مبكر، بينما كانت البلاد غارقة في الوباء.
وحذر الرئيس من أن هناك محتالين يعرضون تلقيح لقاحات مزيفة مستغلين معاناة الأمة، هذا النوع من الفضائح لم يساعد البلاد على الإطلاق، فقد تسبب في تشويه سمعة التطعيم واستجواب المؤسسات التي -على العكس من ذلك- كان ينبغي أن تظهر نموذجية وعادلة في مواجهة معاناة السكان بسبب الوباء وظهوره.
تشيلي: مثال للعالم
أشاد عدد كبير من وسائل الإعلام والمنظمات بالحملة التشيلية باعتبارها مثالاً على الفعالية والكفاءة، بدءا من 11 مارس، كانت الدولة قد أعطت 32.09 جرعة لكل 100 نسمة، وهو رقم يجعل تشيلي واحدة من الدول الرائدة في التطعيم في العالم.
فقد تحولت تشيلي من انتقاد تقاعسها عن معدلات الإصابة المرتفعة وافتقارها للمصداقية إلى الإشادة بمفهومها اللوجستي وعملها الجيد في حملة التطعيم.
وقالت صحيفة "لا اكونوميستا" الإسبانية، إن هذا النجاح يرجع إلى سببين رئيسيين؛ الأول هو عدم وجود اتفاق وتخطيط وجماعية لدول أمريكا اللاتينية. في حين أن الاتحاد الأفريقي اشترى اللقاحات بكميات كبيرة، فإن كل دولة في أمريكا اللاتينية كانت منشغلة في التفاوض بمفردها، الأمر الذي كشف عن أوجه عدم المساواة الرئيسية، واستضافت تشيلي تجارب أولية لبعض اللقاحات، وتمكنت من التفاوض بشكل جيد للغاية وفي وقت مبكر، السبب الثاني الذي قدمته الصحيفة هو أن برنامج التحصين التشيلي يحتوي على قاعدة بيانات رقمية حديثة.
يجب أن يضاف إلى هذه الأسباب أن تشيلي لم تفاوض فقط مبكرًا وببراعة، بل حصلت أيضًا على لقاحات من أكثر من ثلاث شركات أدوية، وتحاول الآن أيضًا الحصول على سبوتنيك v، Sputnik V، وبدأت حملة التطعيم يوم 24 ديسمبر الماضى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة