شهدت فرنسا تحولا كبيرًا فى التعامل مع تيار الجماعات الإسلامية، وذلك كنتيجة لسلسلة الهجمات العنيفة التى ضربت البلاد وما ارتبط بها من خطابات سياسية حول الحريات الممنوحة للرسوم الكاريكاتيرية الأمر الذى استغلته الدول المناوئة لاسيما تركيا لتأجيج مشاعر الكراهية فى باريس.
وكشفت دراسة جديدة للمركز الأوروبى لمكافحة الإرهاب أن الهجمات المتوالية التى ضربت فرنسا بنهاية عام 2020 أسهمت فى تطوير النظرة الفرنسية لجماعات الإسلام السياسى بما فيهم الإخوان باعتبارهم الحاضنة الرئيسية للجماعات المتطرفة ما تبلور فى قرارات شملت حظر جمعيات دينية وإغلاق مساجد أبدت تعاطفًا مع منفذى هجمات فرنسا الأخيرة.
وقالت الدراسة أن الحكومة الفرنسية قامت فى 22 أكتوبر 2020 بحظر جمعية الشيخ ياسين التى تأسست فى 2004 وقررت حلها والتحقيق مع مديرها عبد الحكيم صفريوى لتورطهم فى الاشتراك فى عملية قتل وقطع رقبة المدرس الفرنسى صموئيل باتى فى 16 أكتوبر 2020 على يد مهاجر شاب تعود أصوله للشيشان بعد اعتراض بعض أولياء الأمور على عرض باتى صور كاريكاتير مسيئة للدين الإسلامى فى إحدى الحصص الدراسية.
وشملت الدراسة حكما من القضاء الإدارى بفرنسا بإغلاق مسجد بانتان فى العاصمة باريس لمدة 6 شهور لاتهامه بالترويج لبيانات أسهمت فى قتل صموئيل باتى عبر مقاطع فيديو بثها على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى، فى حين اعترض مسؤول المسجد محمد حنيش على القرار مؤكدًا أنه ندد بالحادثة فور وقوعها وأنه سيقدم استئناف على الحكم الصادر ضد المسجد.
وأوضحت الدراسة أن فرنسا أعلنت فى 16 يناير 2021 إغلاق 9 مساجد بعد توجيه من وزير الداخلية بمراقبة 18 مسجدًا للتأكد من عدم استخدامهم لنشر قيم تتنافى مع مبادئ فرنسا، ووضع 76 مسجدًا تحت المراقبة كما حلت السلطات جمعية بركة سيتى ذات الروابط السلفية، وحلت جمعية التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا القريبة من جماعة الإخوان.
وكشفت الدراسة أنه اتخذت الحكومة الفرنسية عدة اتجاهات لمواجهة منابع التطرف فى البلاد، تجاوزت الإغلاق والحظر للكيانات المشتبه بها لتصل إلى القواعد التى تترعرع عليها الجماعات الإسلاموية مستقطبًا عناصر جدد أو كمداخل لاستخبارات الدول لتوظيف عملاء يهددون استقرار المجتمع.
وتابعت الدراسة أنه عملت تركيا لسنوات من أجل السيطرة على المساجد والجمعيات الدينية فى أوروبا، وعلى عكس ما يعترى هذا الملف من جمود فى ألمانيا فأن فرنسا تتجه نحو خطوات حاسمة لإيقاف اختراق أنقرة لمساجدها وتقويض سيطرتها على مناهج الجمعيات الدينية، وأوقفت فرنسا استقدام أئمة من الخارج وقصرت الملف على الداخل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة